رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رغم امتلاكها 56 مستندًا رسميًا.. لماذا لم يُقدم محامي الدولة ما يثبت سعودية "تيران وصنافير"؟ ‏

تيران وصنافير
تيران وصنافير

حين أُعلن عن توقيع مصر إتفاقية ترسيم حدود جديدة مع الجانب السعودي بشأن جزيرتي تيران وصنافير، ‏كانت الحكومة هي أول من وقف أمام الغضب الشعبي الذي تأجج سريعًا بدعوى التفريط في الأرض، بل ‏أنها أعلنت أكثر من مرة امتلاكها لكل ما يُثبت سعودية الجزيرتين سواء من مستندات رسمية أو خرائط ‏جغرافية.‏

لكن حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا، الذي صدر أمس الإثنين، كان له رأيًا مخالفًأ، وحمل مفاجأة لم ‏تكن متوقعة، وهي أن الحكومة المصرية لم تقدم ثمة وثيقة تثبت امتلاك السعودية للجزيرتين، وهو ما أكده ‏المستشار أحمد الشاذلي، رئيس المحكمة الإدارية العليا.‏

إذ قال القاضي، في تصريحات له إن المحكمة استندت في حكمها إلى المستندات والوثائق المقدمة من ‏الطرفين "مدعين وحكومة" وانتهت إلى أن الحكومة لم تقدم أي مستندات تدعم طلبها بوقف الحكم وإلغائه.‏

وأشار إلى أن المحكمة دققت على مدار 180 يومًا و6 جلسات في جميع الأوراق والوثائق المقدمة من ‏المدعين وانتهت إلى حكمها بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، وهو ما آثار استغراب الإعلامي "عمرو ‏أديب" خلال حلقة برنامجه أمس، إذ أكد أن حيثيات الحكم تقول أن الحكومة لم تقد أي مستندات.‏

وبالرغم من ذلك فإن قال المستشار رفيق شريف، نائب‎ ‎رئيس‎ ‎هيئة‎ ‎قضايا‎ ‎الدولة، قال في مداخلة هاتفية له ‏إن‎ ‎الهيئة‎ ‎تقدمت خلال نظر‎ ‎دعوى‎ ‎بطلان الإتفاقية، بمستندات ‏لمراسلات‎ ‎بين‎ ‎وزيري‎ ‎خارجية‎ ‎مصر‎ ‎والمملكة العربية‎ ‎السعودية تؤكد أن الجزيرتين سعوديتين‎.‎

وما يثير الاستغراب، أنه منذ توقيع إتفاقية ترسيم الحدود، ودار صراع مستندات محتدم بين الحكومة ‏المؤيدة لسعودية الجزيرتين، وهيئة المحامين الرافضة لها، فقد سبق وأصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ ‏القرار، بيانًا في إبريل 2016 أكدت فيه أن لجنة ترسيم الحدود استندت في الإتفاقية على عدد من الوقائع ‏والمستندات التي أدت في النهاية إلى إعادة الجزيرتين إلى السيادة السعودية.‏

وحينما قام بعض المحامين برفع دعوى قضائية في 10 أبريل ضد الحكومة، أعلنت هيئة قضايا الدولة ‏‏(محامي الحكومة) أنها تملك مستندات تدعم صحة موقف الحكومة بإن الجزيرتين سعوديتين.‏

وفي أول حكم أصدرته محكمة القضاء الإداري والذي قضى ببطلان توقيع الإتفاقية، صدحت الحكومة من ‏جديد بإنها ستتقدم بكل الوثائق التي تملكها لبيان سلامة وقوة أسانيدها‎.‎

وسبق وأعلن نائب قضايا الدولة أن الحكومة تمتلك 56 حافظة مستند تثبت أن الجزيرتين سعودتين، ‏وقامت بتقديمها إلى المحكمة، بدعوى أن مصر كانت تضع يدها على الأرض بمجرد أمانة، وأن‎ ‎مجلس ‏الوزراء قرر اعادة الجزر‎ ‎إلى‎ ‎السعودية، وهو ما تثبته الخرائط والمستندات.‏

فهل تقدمت الحكومة بمستندات للمحكمة بالفعل؟ أم أن مستنداتها لم ترق إلى حد الدليل الكافي على ‏سعودية الجزيرتين؟.. هو ما أجاب عنه خبراء القانون في تصريحات خاصة لـ"الدستور" خلال السطور ‏التالية.‏

‏"وثائق الحكومة كأن لم تكن"‏
يقول الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن محامي الدولة ملزم ‏بتقديم مستندات تثبت صحة إدعاء الحكومة بملكية السعودية للجزيرتين، كذلك فإن هيئة المحامين المدعين ‏ملزمة بتقديم ما يثبت صحة كلامها إعمالًا بالقاعدة الفقهية البينة على من أدعى.‏

ويشير إلى أن الخصوم استطاعوا تقديم وثائق مضبوطة على صحة إدعائهم بمصرية الجزيرتين، لكن ‏المستندات التي قدمتها هيئة قضايا الدولة لم تشمل على سند أو دليل بسعودية الجزيرتين، ما صب في ‏مصلحة المدعين.‏

ويروى "مهران" واقعة حدثت في وجوده بإحدى الجلسات، بإن محامي الدولة قدم خريطة كان يعتقد أنها ‏دليلًا على ملكية السعودية للجزيرتين، لكنها حينما طُرحت وتم مناقشتها تبين أن المكتوب عليها يؤكد أن ‏تيران وصنافير مصريتان وهو مستند بالغ الأهمية أربك محامي الدولة وقتها.‏

ويوضح أن ذلك يثبت أن المستندات غير كافية لتشكل دليل قوي على إدعاء الحكومة، وبالتالي اعتبرتها ‏المحكمة كأن لم تكن في الحثيثات، مشيرًا إلى أن هذه المستندات لا تُشكل دليلًا ماديًا من المكن أن تستند ‏إليه المحكمة في حكمها.‏

‏"مستدات غير مؤثرة"‏
ويرجع الدكتور شوقي السيد، الخبير القانوني، هذا التضارب بين حثيثات المحكمة وتصريحات محامي ‏الحكومة، إلى أن القاضي بعد المطالعة على كل ما قدم من مستندات للأطراف المختلفة، وجد أن مستندات ‏الحكومة غير مؤثرة في الدعوة ولم تثبت ملكية السعودية للجزيرتين.‏

ويضيف، أن السيادة على الجزر من الممكن أن يُختلف عليها بين العامة، لكن الملكية لا يتم الحكم فيها إلا ‏بالمستندات، وهو ما يعني أن ما قدمته الحكومة من وثائق وخرائط لم ترق إلى الحكم، ولم تقنع هيئة ‏المحكمة.‏