رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حياة الإعلاميين.. أصبحت أمناً قومياً


لن تهنأوا برغد العيش وسط فقر الشعب وفرض الضرائب عليه بعد ثورته التى قامت للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. ومن الآن أقول لكم إن الأيام ستثبت للجميع أن هذا الشعب يرفض أن تموت ثورته أو أن يسجن مجدداً مهما كان الثمن غالياً.. والأيام بيننا.

بعد الاعتداء السافر على الزميل الصحفى الحسينى أبو ضيف الذى يرقد حتى كتابة هذه السطور فى المستشفى بين الحياة والموت إثر إصابته بطلق نارى فى الرأس خلال تأدية عمله أمام قصر الاتحادية فى الليلة المشئومة.. وبعد الحصار التترى لمدينة الإنتاج الإعلامى

بزعم تطهير الإعلام من معارضى د. مرسى.. وبعد سلسلة السباب والشتائم التى رفعها أنصار الرئيس فى حق الإعلاميين وبعد اعتصام موظفى ماسبيرو ضد فرض أشخاص وسياسة واتجاهات بعينها على اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. وبعد سب العديد من أئمة المساجد من أعلى منابرهم للإعلاميين والإعلام ..وبعد رفض صحفيى الأهرام سياسة تكميم الأفواه وتظاهرهم أمام الجريدة أمس الأول.. وبعد سحل العديد من المواطنين الأبرياء الشرفاء على يد ميليشيات الجماعة فى قصر الاتحادية وأمام عجز رجال الداخلية والحرس الجمهورى .. بات من الواضح جداً أن هناك خطة ممنهجة للفتك بأى إعلامى يتجرأ على كشف الانتهاكات التى تدين النظام وأتباعه.

وأمام هذه البلطجة أناشد الزملاء من الإعلاميين والصحفيين بالمطالبة بقانون يحميهم ويحفظ لهم حصانة مناسبة تتيح لهم الحرية الكاملة فى مزاولة عملهم وحصولهم على المعلومة من مصادرها، لأن الفترة المقبلة ـ حسب ظنى ـ ستشتد فيها الحرب بين النظام والإعلام.. وستكون المطاردة علنية وربما تصل إلى حد القتل.. فمن شاهد الحالات التى عرضها الزميل وائل الإبراشى فى برنامج العاشرة مساءً مثل حالة الدبلوماسى الذى كاد أن يفقد حياته داخل القصر الرئاسى واتهامه بالتخابر لحساب جهات أجنبية لمجرد أنه خرج ليعبر عن رأيه بشكل سلمى ضد إعلانات د. مرسى ودستوره الذى قسم مصر.. سيتأكد جيداً أن الأيام المقبلة تحمل كل ما هو سيئ للشعب.

وبكل شفافية أستطيع القول إن مصر قد قسمت بالفعل.. فإصرار د. مرسى على تجاهل الشارع بهذا الشكل قد زاد من فجوة الشقاق والاحتقان بين شركاء الوطن وإعلان المحلة الكبرى والسويس عن استقلالهما أمراً ينذر بالخراب.. ولا أدرى كيف لرجل اعتلى منصب الرئاسة يستطيع أن يحكم الشعب، وهو يرى هذا السخط والغضب الشعبى من نهجه ودستوره وإعلانه.. ومن المضحك المبكى أن أرى شيوخ قانون فى قامة د. ثروت بدوى ود. محمد سليم العوا ود. أحمد كمال أبو المجد فى آخر اللقاءات الوطنية لنزع فتيل الفتنة.. وهم يضيقون الخناق على من يتحاورون معهم بحجة أن ميعاد الاستفتاء ملزم ولا مفر منه!! وهذا الكلام لا يصح ولا يليق بدستور مختلف عليه بين فئات الشعب.. ولا أعرف لهذا النهج أى حيلة سوى أن هناك مفرمة تُعد لكل فئات الشعب المعارضة للرئيس مرسى وجماعته وأنصاره، وذلك بعد خروج هذا الدستور للنور.

«مفرمة» قد بدأت عجلتها بالفعل.. فجميعنا شاهد ماذا حدث للنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بصرف النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معه.. ثم حالة الانقسام التى رأيناها فى صف القضاء.. وبعد ذلك، هذا العداء غير المبرر للإعلاميين والهجوم عليهم بهذه الضراوة.

ومن الأمور التى يجب لفت الانتباه إلى خطورتها حاضراً ومستقبلاً.. هى تصريحات أحد رموز «السلفية» حينما أعلن عن استعداد جماعته للتضحية بملايين الشهداء فى سبيل تمرير الدستور!! يا سبحان الله.. ولمثل هذا الرجل أقول «إن تحرير القدس الشريف يحتاج إلى مليون شهيد فقط.. فلماذا لا تذهب بملايينك لهذا الجهاد المقدس؟

ولمثل هذا الرجل أقول أيضاً: إن تبرئة الشيخ هشام البيلى ـ أحد مشايخ السلفية ـ من جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية بسبب الدماء التى سالت أمام قصر الاتحادية إثر فض الاعتصام السلمى بالقوة.. لهو أبلغ رد عليك يا من تريد أن يقتل المصرى المسلم أخاه المصرى من أجل الدستور!

والشيخ «البيلى» قال أيضاً فى خطبته إننا نتبرأ من هذا الخروج ومن أى مظاهرات تخرج ضد مظاهرات أخرى.. وأضاف: لسنا منهم وليسوا منا.. ولا نكفر مسلمين ولا تبدأ الحرب التى ربما لا تنتهى من أجل دستور لا يعلم الرجل عنه شيئاً عندما يقاتل ودون أى سبب للقتال.. واستشهد «البيلى» بحديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما طرح سؤاله: «كيف يقولون إن القاتل والمقتول شهيدان؟!.. وكرر سؤاله: كيف ذلك والحبيب المصطفى يقول إن القاتل والمقتول فى النار؟!.. ولمثل هذا العالم الجليل أقول له «جزاك الله عنا كل خير» فأنت مثال للمسلم الحق.. المسلم الذى قال عنه الحبيب محمد «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده».. ومثلما أدنت من قبل الاعتداء على أبو العز الحريرى وحمدى الفخرانى ومحمد أبو حامد.. فإننى أدين أيضاً حرق مقار الإخوان والاعتداء على صبحى صالح.. فجميعنا مصريون ولا أتمنى أن ننزلق فى حرب أهلية بسبب هذه التفاهات مثلما حدث فى سوريا ولبنان.

أمر آخر يجب التركيز عليه قبل أن أختم مقالى.. ألا وهو هذا الحرص الشديد من قبل الحرس الجمهورى والشرطة على بناء جدار خرسانى فى محيط الاتحادية بهذا الارتفاع.. فى الوقت الذى يسرح ويمرح فيه أنصار أبو إسماعيل ود. مرسى أمام الدستورية العليا والإنتاج الإعلامى دون حسيب أو رقيب؟!

تلخيصاً.. أقول للإخوان وأنصارهم.. لن تهنأوا بالحكم فى ظل ثورة شعب انتفض ضد الاستعباد والاستعلاء والاحتكار.. ولن تهنأوا بالاستقرار وسط شعب تفرضون عليه إرادتكم بالبلطجة ولى الذراع حتى ولو مررتم دستوركم.. ولن تهنأوا بالأمن وسط شعب مارستم ضد ثواره أبشع أنواع التنكيل.. ولن تهنأوا برغد العيش وسط فقر الشعب وفرض الضرائب عليه بعد ثورته التى قامت للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. ومن الآن أقول لكم إن الأيام ستثبت للجميع أن هذا الشعب يرفض أن تموت ثورته أو أن يسجن مجدداً مهما كان الثمن غالياً.. والأيام بيننا.

■ كاتب صحفى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.