رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"قانون تنظيم السجون" بين الحقيقة والتطبيق .. الدستور تكشف مخالفات تطبيق القانون

جريدة الدستور

السجين قبل كل شي هو إنسان، وشعار السجون الدائم هو أنها "تأديب وتهذيب وإصلاح"، ولتحقيق تلك المعادلة هناك جهود كبيرة يجب أن تقوم بها الدولة من أجل إعادة تأهيل هؤلاء المساجين للعودة للحياة مرة أخرى كمواطنين منتجين غير مفسدين ولا يشكلون عائقا أمام أفراد باقي الجماعة الوطنية فى العيش آمنين.

و منذ الحرب العالمية الثانية تم تقنين وتحديد حقوق الإنسان في معاهدات واتفاقيات، ففي عام 1948، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفيما بعد تم اعتماد عهدين هما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وينص هذان العهدان على أن السجناء لهم حقوق، حتى عند حرمانهم من حريتهم أثناء الاحتجاز، وينص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بالتحديد على أنه ينبغي معاملة السجناء المحرومين من حريتهم بإنسانية واحترام الكرامة الكامنة للشخصية الإنسانية .

وفي عام 1955 ، وضعت الأمم المتحدة في قواعدها الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء معايير تتضمن مبادئ توفير الرعاية الصحية أثناء السجن، وأقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة الـ 94 قاعدة الواردة في القواعد النموذجية الدنيا لحماية السجناء التي تحدد المتطلبات الدنيا للسجناء، وقد امتد في عام 1977 تطبيقها ليشمل السجناء المحتجزين دون أن توجه إليهم أية تهم، أي في أماكن أخرى غير السجون، وقد عززت صكوك إضافية على مر السنين هذه القواعد الدنيا النموذجية لحماية المحبوسين.

كما اعتمدت الأمم المتحدة في 1984 اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، واعتمدت أيضًا في عام 1985 القواعد الدنيا النموذجية لإقامة العدل للقصر – التي تدعى " قواعد بكين " ، لحماية المجرمين من صغار السن.
وفي 1988 و 1990، اعتمدت الأمم المتحدة مجموعة المبادئ الخاصة بحماية كل السجناء الخاضعين لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء، على التوالي، اما على المستوى الإقليمي، فقد أقر المجلس الأوربي القواعد الأوربية للسجون في 1987، وتعتبر معاهدات حقوق الإنسان الدول مسؤولة عن أسلوب التصرف أو الفشل في التصرف.

الحالة المصرية .. و قانون تنظيم السجون فى مصر وتعديلاته
وفى مصر فقد أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا فى اكتوبر من العام 2015 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنه 1956، والتي تضمنت تعديل 13 مادة من القانون لتصبح أكثر مواكبةً للعصر، وشملت التعديلات الجديدة المادة"14" والتي رفعت قيمة الغرف المؤثثة التي يطلب المسجون البقاء فيها من 150 مليم الي 15 جنيه، ورفع سن حضانة الأم من سنتين إلي أربع سنوات، والحق فى المراسلات والزيارة مرتين شهريًا، وتمنح المادة 44، مدير السجن أو مأموره، توقيع الحبس الانفرادي على السجناء، لمدة لا تزيد على 15 يوما، بدلا من أسبوع في القانون القديم، كما أوقفت المادة 68 تنفيذ عقوبة الإعدام على الأم الحامل لمدة عامين بدلًا من شهرين قبل تعديل القانون.

كما أجازت التعديلات لقوات السجن،استعمال القوة مع المسجون دفاعا عن أنفسهم، أو في حالة محاولة الفرار أو المقاومة الجسدية، بالقوة أو الامتناع عن تنفيذ أمر يستند إلى القانون أو لوائح السجن، ويشترط في هذه الحالات، أن يكون استخدام القوة بالقدر وفي الحدود الضرورية، ووفقا للإجراءات والشروط التي تحددها اللائحة الداخلية.

"عدم تناسب الأجر مع حجم العمل"
يقول المستشار القانوني أحمد خميس، إنه بالرغم من أن آخر تعديل لـلائحة السجون كان فى عام 2014 وقانون تنظيم السجون نفسه فى 2015 إلا أننا نحتاج لمزيد من التعديلات لمواكبة الأحداث والعصر وإعطاء المزيد من الحقوق للمسجونين لجعل السجن مكانا للتأهيل بصورة صحيحة، معلقًا:"فلا يعقل ونحن فى العام 2016 أن يتقاضي المسجون أجرا يوميا قدره 7 جنيهات"، مطالبًا هذا المبلغ ليكون 25 جنيها على الاقل كحد أدنى عن عمله اليومي.

الصحة
وأضاف خميس ، على الرغم من أن القانون قبل التعديل وبعد التعديلات و المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق المساجين تنص جميعها على الرعاية الصحية للسجين أولًا لأن المرض لا يمكن أن يكون عقوبة إضافية على عقوبته الفعلية، ثانيًا لمنع تفشي الأمراض المعدية مثل فيرس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" و مرض "الدرن" وغيرها من الأمراض التي يمكن ان تنتقل بين المساجين بسبب الكثافة العددية والتلوث واستعمال أدوات الغير، إلا أن الجانب الصحي لا يزال دون المستوي.
وأشار إلي أن الرعاية الصحية أنها"من أكثر الأمور التى يحتاجها المسجون وهو ما لا يتوفر بالشكل الأمثل".

كما أشار خميس، أنه من الأمور التى نسمعها من المسجونين وبالأخص الاحتياطيين عند جلسات تجديد حبسهم انهم يعانون من التكدس الشديد فى العنابر والزَنازين، وهو من الأمور الضارة صحيًا جدًا.

الشذوذ والسجون
غاب عن القانون وتعديلاته النص بشكل واضح وصريح على "الخلوة الشرعية" للسجين بزوجته فى فترات دورية للحفاظ على الرباط الأسري خصوصًا وان نسبة كبيرة من السجناء هم متزوجون ولهم أسر بالأساس، كما أنه وحتي مع غياب النص الصريح فإن الخلوة هي حق من حقوق الإنسان ولا يمكن أن يتم التنصل عنه، وغيابها يؤدي الي لجوء نسبة كبيرة من المساجين للشذوذ الجنسي، وهو ما قد يقترن بالعنف فى بعض الحلات كما أنه قد يؤدي لنقل الأمراض المعدية بين المساجين.

وحسب تقرير منشور على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعنوان ( مقتطفات من كتاب "فيروس نقص المناعة البشري في السجون: قراءات ذات صلة خاصة بالدول الحديثة الاستقلال)، و يتحدث التقرير عن انتشار فيرس نقص المناعة، و من بين أهم اسباب انتشار الفيرس التي عرضها التقرير"الشذوذ الجنسي" بين المساجين .

التعليم .. والسجن
تعرض المستشار القانوني أحمد خميس عضو نقابة المحامين المصرية، لواحدة من الأمور المهمة جدًا، وهي ازمة التعليم للراغبين فى إستكمال تعليمهم، يقول :"من أكثر المشاكل التى تصادفنا مع المسجونين إتاحة الفرصة لهم لمواصلات دراستهم فكثيرا ما نلجا للنيابة العامة لذلك، فرغم ان لائحة السجون تلزم قطاع مصلحة السجون بتيسير سبل ووسائل التعليم للمسجونين الا ان الامر يواجه تضيقات وتعقيدات كثيرة"، متمنيًا ان يتدخل المشرع فى ظل البرلمان الجديد لينظم ذلك الامر بشكل اكثر تفصيلًا وإلزامًا لتوفير الكتب الدراسية وتسهيل وسائل النقل للمسجونين الراغبين فى اداء الامتحانات مع توفير مكتبة تشمل احدث الكتب فى فروع المعرفة المختلفة.

التريض .. ليس ترفًا
يتابع المحامي أحمد خميس حديثه لـ"الدستور" عن التريض بصفته واحد من لحقوق الهامة والتي ينبغي النظر لها للحفاظ على صحة المساجين، قائلًا:"الفترة غير كافية، ولدينا عدة حالات تعانى كثيرا".

الحبس الانفرادي

رغم أن تعديلات قانون تنظيم السجون فى المادة "44"قصرت حق مدير السجن أو مأموره، فى توقيع الحبس الانفرادي على السجناء بمدة لا تزيد على 15 يوما، بدلا من أسبوع في القانون القديم، ألا أن هذه القاعدة لا تطبق أيضًا، ولا تكون هناك أي رقابة على مدى التزام المسؤولين بهذه اللوائح.