رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إخفاء حقيقة أموال التأمينات .. جريمة العصر


ما هذا الذى يحدث فى مصر؟؟.. الأصوات العالية تسمع وتحصل على حقوقها.. أما أصوات الملايين الهادئة وليس الهادرة فلا يسمع أنينها حيث تكبت صرخاتها فى صدورها من شدة الألم.. ولكن هذا مؤقت وليس دائما.. فما يحدث من صمت مريب

ومشبوه يصنعه أنصار بطرس غالى الذين سيطروا تماما على وزارتى المالية والتأمينات حيث أخفت تحويشة عمرنا وأقاموا الجدار العازل نحو مستوطنة الخزانة العامة حيث ترقد جثة حزمة الأوراق التى تحتوى على آثار ودليل الجريمة التى ارتكبت فى حق أكثر من 70٪ من الشعب المصرى.. وواكب ذلك سيل من تصريحات المصريين الذين هم كانوا أذرع بطرس غالى الطويلة بالاستيلاء على تحويشة عمرنا وبددوها وأبادوها لحساب نظام مبارك ورجال أعماله وما فاض منها حصل عليه حفنة من العملاء استطاعوا أن يمارسوا أكبر حملة تضليل لإخفاء معالم هذه الجريمة وقد نجحوا فى ذلك بعد صمت المسئولين ولم يسمعوا أصواتنا حتى أنين الملايين من أصحاب المعاشات بل ارتضوا على أنفسهم أن يسمعوا فحيح الأفاعى!!

لقد ارتفعت ثرواتنا بعد أن تم ارتفاع حصيلتها إلى أن وصلت إلى أكثر من 600 مليار جنيه ويزيد على ذلك بكثير ولكن صوت الحكومة اليومى يصرح لنا أنها 485 مليار جنيه، والحقيقة أنهم أخفوا عنا هذه الأموال بلا فائدة! وفى كل الأحوال إن كل الأرقام صحيحة حيث تضاف الفوائد أو لا تضاف.. وبعد أن اكتشف الأمر وأصبحت على يقين أن شهادة تأمينها قد ضاعت وذهبت فى دهاليز مقبرة الخزانة العامة.. وما شعرت به الجماهير جاء بعد حقيقة مؤكدة أن الأموال ليست موجودة وأن حزمة الأوراق مهما كانت لن تخفى الحقيقة، فقد جاءت الأيام بما لا يشتهى العملاء والمؤجرون الذين حاولوا إخفاء الحقيقة عن الشعب والملايين صاحبة ثرواتها وأموالها التى دفعوها واستقطعت من سنوات عمرهم وعرقهم وأحيانا دمائهم لقد كانت التأمينات المدفوعة شهريا من أجر كل مواطن تساوى أكثر من 30٪ من حقوق المالية شهريا.. أى أن أموال التأمينات لم تكن إرادات سيادية أو ضريبية أو جمركية، بل كانت من عرق الملايين حيث دفعوها كى تحميهم وتأمنهم فى حياتهم بعد خروجهم على المعاش وكانوا يرددون دائما «إن القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود» ولكن جاءت الأيام دون القرش الأبيض.

وهكذا كان يحلم الإنسان بالستر عندما كان يخرج إلى المعاش ولكنهم انتزعوا غطاء أمنهم وسترهم بمخالب متوحشة وأنياب بطرس غالى نهشت لحومهم!!

كيف يسلم «معيط» مستشار بطرس غالى فى يوم واحد رصيد صندوقى التأمينات أموال قيمتها 212 مليار جنيه مقابل صكوك غير قابلة للتداول بفائدة 8٪ وفى الوقت نفسه كانت أصول الخزانة وحتى الآن تمنح هذه الأموال فائدة تصل إلى 17٪ لجميع البنوك والشركات ورجال الأعمال.. وأموال المعاشات كانت نهبا لهؤلاء وبلا فائدة .. وأهدرت حقوق الملايين بعضها قتل من الفقر والمرض بسبب هذه الفائدة القاتلة والتى تمثل سرقة حقيقية لأموال الملايين الفقيرة .. ولم يكتفوا بذلك حصلت أذرع بطرس غالى على أكثر من 140 مليار جنيه وهذه المرة بلا فوائد على الإطلاق.. أى أن هذه القيمة وصلت حتى الآن خلال السنوات الماضية إلى أكثر من 350 مليار جنيه حيث كانت فوائدها أذون الخزانة 17٪ خلال هذه السنوات.. ولقد قام النظام السابق بالاستيلاء على أموالنا وتوزيعها على أنصاره، فقد منح قروضا لبعض رجال أعماله بلا فوائد نهائيا ليستمتعوا بها على حساب أنين الأرامل والأيتام بلا شفقة أو رحمة نكلوا بالملايين من أصحاب هذه الأموال.. بل إنهم منحوا شركة أجنبية من شرق التفريعة ما قيمته 2.8 مليار جنيه ومازالت هذه الديون بضمان الخزانة العامة ولكنها ذهبت كرفاهية لبعض الأجانب فى هولندا والدنمارك على حسابنا من أصحاب المعاشات!! والكارثة الكبرى هذا البنك الذى يسمى بنك «الاستثمار القومى حيث بلغت أموالنا فيه 84 مليار جنيه مستثمرة فى الكثير من المجالات المستفيد منها الوحيد هو قيادات هذا البنك حيث يحصلون على البدلات الخيالية والمكافآت المجزية التى تأتى بسبب فوائد أموالنا.

ويكفى أن لنا 17٪ من مدينة الإنتاج الإعلامى ومنذ 14 عاما لم نحصل على مليم واحد من هذ المدينة رغم أنها حققت أرباحا بالمليارات ولم نحصل على جنيه واحد أرباحاً.. من هذا كله يتضح لنا أن تحويشة عمرنا وقرشنا الأبيض قد ذهبت فائدته إلى غيرنا.. وأصبحنا نحن الفقراء أصحاب هذه الثروات الطائلة ندفع فاتورة الأغنياء!!

إن ثورة يناير لم تأت كى تستمر وحوش بطرس غالى للسيطرة على مصير حياتنا وتحدد لنا كيف نعيش.. بل استمرت لتحقيق الهدف الأسمى لغالى حيث استمروا فى محاولة إبادتنا بالفقر والمرض حتى لا نتحول إلى عبء على الخزانة العامة مما يساعد على كشف أمرهم ومؤامرتهم.. لقد أصبح مكتب غالى وزيرا للمالية وتم ترقية «معيط» من مستشار غالى للتأمينات إلى نائب وزير المالية لشئون التأمينات أيضا.. فكيف تعلن الحقيقة فى وجود هذا الجدار العازل الذى يمنع كشف الجريمة التى تمت بتبديد وتدمير تحويشة عمرنا، وأيضا القيادات التأمينية التى جاء بها غالى نفسه وسلمته عرق جبيننا مازالت تعيش على نعيم أموالنا من بدلات ومكافآت.

ويكفى أن إيرادات التأمينات التى وصلت إلى 30 مليار جنيه سنويا وهى أكبر من إيرادات قناة السويس يحجز منها الملايين لتدفع مكافآت للكبار فى التأمينات والمالية مقابل ونتيجة لتسليم أموالنا فى صندوق خاص بالتأمينات، وهو المقابل الحقيقى ومكافأة من غالى للقيادات التى سلمته تحويشة عمرنا فلم ينس غالى رغم شراسته وتوحشه على أصحاب المعاشات أنصاره وعملاءه فمنحهم هذا الصندوق، وقد جاء تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات ليكشف لنا قيمة المكافآت التى حصل عليها هؤلاء حيث كانت تصل إلى المائة ألف للنصير الواحد من رجاله فى المالية والتأمينات وتفاقمت فى جراء ذلك كله أزمات أصحاب المعاشات حيث انكشفت كل هذه الأوضاع نتيجة المطالبة بالحصول على بعض الحقوق واجبة التنفيذ.. فقد عجزت المالية عن دفع مستحقات أصحاب المعاشات من علاوات 2005، 2006، 2007 والتى قررتها وزيرة التأمينات نفسها والتى تصل إلى 12.5٪ على ثلاث سنوات مالية.

بل عجزت عن دفع الأثر الرجعى لعلاوة 2008 مما أفقد أصحاب المعاشات حقوق المواطنة حيث حصل العاملون فى جميع مؤسسات الدولة على 30٪ علاوة اجتماعية وأصحاب المعاشات على 20٪ وبعد الثورة وفى عام 2011 حصلنا على 10٪ دون الأثر الرجعى!

ورفضت المالية تماما تحريك الحد الأدنى لأصحاب المعاشات لعدم وجود أموال تدفعها.. إذا أين ذهبت أموالنا الآمنة فى الخزانة العامة؟.. والحقيقة أن إخلاء الخزانة العامة من أى أموال لنا وعدم وجود فوائد حقيقية قيمة هذه الأموال قام معيط بتقديم القانون 130 لسنة 2009 فى ظل برلمان مبارك ليعصف بأصحاب المعاشات المبكرة حيث وصلت معاشاتهم إلى 50٪ من مستحقاتهم التى دفعوها خلال سنوات عمرهم كله وكان هذا القانون يمثل سرقة حقيقية لأصحاب المعاشات المبكرة بعد أن باعوا شركاتهم ومصانعهم ومازال هذا القانون المتوحش مطبقاً على أكثر من خمسين ألفاً من المصريين ويمثل لهم مجزرة يعيشون فى ظلها حتى الآن.

لقد نجح «معيط» فى تجنيد عدد من العملاء وتحولوا كالأفاعى ناطقين باسمه يريدون الفتك بالملايين من أصحاب المعاشات حتى يخفوا حقيقة الجريمة التى ارتكبت ويدفع ثمنها الآن 9 ملايين من أصحاب المعاشات و22 مليونا من المؤمن عليهم.. ولكنهم انكشفوا من الرأى العام الذى أصبح يلفظهم وينكرهم ويطاردهم فى كل مكان.. أليس هذا كله يمثل جرائم ارتكبت فى حق الملايين من هذا الشعب وحتى الآن وبرغم قيام ثورة جعلت بطرس غالى نفسه وزيرا هاربا فى شوارع لندن وتصل أحكامه إلى أكثر من 30 عاماً ولكن هذه الجريمة هى أكبر جرائم غالى والذى لم يحاكم عليها بعد هو وأنصاره وعملاؤه والذين استفادوا منها.. إننا نطالب لجنة مستقلة يغلب عليها القضاء والمهتمون والمدافعون عن أصحاب المعاشات.. تكشف لنا حقيقة هذه الجريمة وإعلانها على الرأى العام واتخاذ جميع القرارات والإجراءات حول ما سوف عنها.. ولكن استمرار إخفاء معالم الجريمة لن يستمر طويلا فقد تحرك اتحاد أصحاب المعاشات ليقود بنفسه الكشف عن هذه الجريمة حيث يتساقط الآن الكثير منا بالموت من الفقر والمرض بسبب عدم تلبية النداءات الخاصة باستيراد أموالنا وحقوقنا ونحن نعلم إن هذه الأموال لن تعود لأنها غير موجودة أصلا ولكن المجرمين موجودون ومازالوا يحتلون أرفع المناصب والمواقع ذات الأهمية بالنسبة لنا ومازالوا يحصلون على البدلات والمكافآت التى كان يمنحها لهم بطرس غالى فى زمن ما قبل الثورة ومستمر ذلك حتى الآن.

لقد أبلغنا الرئيس مرسى فى نداءات متكررة عبر الصحف والفضائيات والقنوات الحكومية الرسمية عن هذه الجريمة وتفصيلها ومرتكبيها وحتى الآن لم نسمع أى تحرك نحو الكشف عنها أو اتخاذ أى إجراءات نحوها.

إن إخفاء حقيقة أموال التأمينات واستمرار ذلك يمثل جريمة العصر حيث يدفع المعتدى عليهم من الملايين من أبناء هذا الشعب الثمن غاليا فهل نسمع صوتاً واحداً مسئولاً يكشف لنا الحقيقة بدلا من إخفائها رغم أن الملايين من أبناء هذا الشعب يعلمونها تفصيليا.. إننا نرفض ممارسة الحكمة الصينية: «إننا لا نعلم - لا نتكلم - لا نرى