رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في اليوم العالمي.. الترامادول والبيسة الأكثر شيوعا بين المدمنين

جريدة الدستور

انطلاقا من مخاطر المخدرات على مختلف أنواعها، خصصت الأمم المتحدة يوم 26 يونيو، يوما عالميا لمكافحة المخدرات ومحاربة الإدمان، حفاظا منها على صحة الشباب التي تلتهمها المخدرات وتحولهم إلى أشخاص أموات في ثياب أحياء، وبرغم ذلك وتزداد نسب المتعاطين يوميا، وتأخذ في طريقها شبابا من كافة الطبقات.

أسباب ذلك ومراحل الإدمان وأعراضه ومخاطره، نرصدها في هذا التقرير من خلال حوارنا مع عدد من استشاري علم النفس وعلاج الإدمان والاجتماع.

ذكر الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن هناك عدة عوامل تدفع بالشخص نحو التعاطي، ويأتى نوع الشخصية في مقدمة تلك العوامل؛ فالشخصية الاعتمادية والشخصية السيكوباتية هى الأكثر اتجاها نحو الإدمان، كونها شخصيات غير ناضجة تعتمد على الآخرين في كل أمور الحياة، طلباتها مجابة دائما، ويكون للأسرة العامل الأكبر في تكوينها، كما أن الفراغ الذي يعاني منه الشباب يدفعه إلى التخلص منه عن طريق التعاطي.

وعن الأعراض التي تظهر على الشخص بعد تعاطيه للمخدر، قال فرويز إن المدمن يتحول ويتغير كثيرا، فنلاحظ تغييرا في صوته، يصبح ليله نهار ونهاره ليل، ينفق كثيرا على غير عادته، يعانى من الرعشة، كما من المحتمل أن تتواجد أثار حقن على يده.

ويعيش المدمن حالة من الإنكار، فهو لا يصارح نفسه بالحقيقة، ودائما ما يردد أنه قادر على التخلص من هذا المخدر متى أراد، وهنا يأتى دور الأسرة التى يجب أن تتعامل مع المدمن على أنه مريض في حاجة ماسة إلى العلاج، فالمدمن في الأساس كان بطبيعته شخصا حساسا يتأثر بأى شخص، والمخدر بالنسبة له وسيلة هروبه.

وأوضح استشاري الطب النفسي، أن للإدمان نوعين، أولهما الإدمان العضوي الذي ينشأ عن تناول المخدر 5 مرات متتالية فى مراحل متقاربة، وتوقف المخ بالتبعية عن إفراز الأندروفين، وهناك الإدمان النفسي، الذي ينجم عن شعور الفرد أن المخدر يعدل من حالته المزاجية ويجعله سعيدا.

وأشار إلى أن الهدف من التعاطي هو الانفصال عن الواقع، فهناك مدمنون في كافة الطبقات الاجتماعية، متوسطة كانت أو غنية أو فقيرة، فكل منهم يتعاطى الأنواع التى تتناسب مع قدرته المالية، وتعد أكثر الأنواع شيوعا في السوق شيوعا هى الترامادول (10 جنيهات)، البانجو (10 جنيهات)، البيسة (20 جنيها).

وعن مراحل العلاج، ذكر الانسحاب أول خطوة للتعافي، ويستغرق من 10 إلى 15 يوما، ويتم فيها سحب المخدر من الجسم تدريجيا، وخلال ذلك يتم إعطاء أدوية مضادة للتشنجات ولمنع العصبية وتعديل المزاج.

وفترة ما بعد الانسحاب، هي المرحلة الثانية من علاج الإدمان، وتبدأ من الأسبوع الثالث، ويتم فيها إعطاء المريض أدوية للنوم وأخرى مضادة للاكتئاب، ثم يأتي دور المعالج النفسي الذي يكون أقرب إلى المريض بحكم مروره بتلك التجربة من قبل، وتستمر فترة المتابعة مدة سنة كاملة، فسنة بدون تعاطي تساوي شخصا سويا".

فيما قال الدكتور تامر العمروسي، استشاري أمراض نفسية وعصبية وعلاج إدمان: إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل الشخص يتعاطى المخدرات وهى الرغبة في الحصول على المتعة، تقليل التوتر والصراع الذي يعاني منه، الرغبة في أن يصبح أكثر حيوية ونشاطا والقيام بمجهود أكبر.

أما التحول إلى الإدمان، فيرجع إلى الاستعداد الجيني الموجود لدى بعض المتعاطين، ومعاناتهم كذلك من اضطرابات الشخصية ومشاكل بالأسرة والبيئة المحيطة كالإهمال والمحاصرة والتدليل، ونجد هؤلاء يقومون بتزويد جرعة المخدر أو استبداله بآخر أقوى أو خلط المخدرات مع بعضها بصفة دورية.

وأوضح العمروسي أن الحالة الوحيدة التى يدرك بها المدمن أنه على وشك الوقوع بالهاوية، هي عند خسارته للأشياء التي يحبها، فيدرك أهمية اللجوء إلى أخصائي والحصول على علاج، مؤكدا عدم ذهاب المدمن من تلقاء نفسه إلى العلاج إذا انعدم لدية الإحساس بالخطر.

وأوضح أن التعاطي له أعراض لا يمكن تجاهلها من قبل الأسرة والمحيطين، وتنقسم إلى أعراض سلوكية وأخرى نفسية، فالسلوكية من ضمنها الاختفاء عن البيت فترات طويلة وتدهور علاقته بالمحيطين، اضطراب في النوم، أما النفسية فهناك القلق والتوتر والاكتئاب وعدم التركيز، مع احتمالية اللجوء إلى الانتحار حال المعاناة من الاكتئاب الشديد.

وأوضح أن العلاج يجب أن يعتمد في جزء كبير منه على العلاج الأسرى، باعتبارها من أهم العوامل التي دفعت بالفرد إلى الإدمان، هذا بالإضافة إلى العلاج الفردى للمريض، مشيرا إلى أن الشخص من الممكن أن يرتد إلى الإدمان عند تعرضه لنفس الظروف السابقة، وعدم التزامه بتعليمات الطبيب، وفقدانه التحكم في رغبة التعاطي.

وللتأكيد على أهمية البعد الاجتماعي في عملية الإدمان والتعاطي، ذكر الدكتور جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع، أن البيئة الاجتماعية السلبية تؤدي إلى منظومة قيمية خاطئة، فالأسرة هى المكان الذي يتعلم الفرد منه القيم، وغياب الأسرة يعنى غياب القيم، فيعوض الابن ما يفتقده بأصدقاء السوء والتعاطي.

وأضاف أنه لا يمكن إغفال خطورة قيام بعض الآباء بالتعاطي وخاصة أمام أبنائهم، كون هذا يدفع بأبنائهم إلى تقليدهم، وهذا ما تؤكده نظرية القدوة، فاهتزاز القيم لدى الآباء يعنى اهتزازها لدى الأبناء.

وتتأثر حياة الأبناء الاجتماعية بالإدمان، وتنقلب رأسا على عقب، حيث يصبح الأبناء عاجزين عن التفاعل مع المحيطين بهم، ويميلون إلى الوحدة والعزلة، ويهملون كذلك دراستهم وصلاتهم.

وأشار إلى أن العنف هو البعد الآخر للإدمان، فهناك علاقة وثيقة تربط بين الاثنين، ومن هنا نجد أن المدمنين يتحولون إلى طابع العنف خاصة في حالة عجزهم عن إشباع رغبتهم في التعاطي.