رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاجل| 8 تحديات خارجية تواجه الرئيس السيسى خلال فترة ولايته الثالثة

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

بعد فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية، وبدء فترة ولايته الثالثة فى أبريل المقبل، تقع على عاتقه عدة أولويات وبعض التحديات فى ملف السياسة الخارجية المصرية انطلاقًا من موقع مصر الاستراتيجى، وفاعلية دورها الخارجى، ومكانتها وهويتها العربية والإفريقية والمتوسطية والتهديدات المحيطة بالمنطقة.

وهذا الأمر يتطلب تحركات نشطة وسياسة خارجية متوازنة، تدعم ثقل مصر الإقليمى، مع الأخذ فى الاعتبار المتغيرات الإقليمية والدولية، من حيث تنافس القوى الكبرى لإعادة التموضع على قمة النظام الدولى، وتعدد الفاعلين الإقليميين، والحاجة إلى الربط بين قضايا التنمية وأهداف السياسة الخارجية، ومراعاة تنوع وتعقد المصالح المصرية فى العالم الخارجى، التى تشمل الاندماج فى أسواق الطاقة العالمية، والتأقلم مع التحولات المتسارعة فى الأسواق، والحرص على تقديم الخبرة المصرية فى مجالات البنية التحتية والحرب على الإرهاب. 

وبيّنت دراسة أعدها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن هناك ٨ تحديات منتظرة، تواجه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترة ولايته الثالثة.

إيقاف العدوان على غزة والسعى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ١٩٦٧

تحتل القضية الفلسطينية أولوية على أجندة الرئيس السيسى، بما يُعيد الاستقرار للمنطقة، ولمصر ثوابت تجاه القضية منها: حل الدولتين، وضرورة التوصل إلى تسوية عادلة تقوم على الشرعية الدولية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. 

وتتحمل مصر مسئولية كبيرة إزاء القضية، كونها جزءًا أصيلًا من الأمن القومى المصرى، وأى تطورات أمنية فى قطاع غزة تنعكس بدورها على الأمن القومى المصرى. 

ويظل الموقف المصرى تجاه أى تطورات أمنية مرهونًا بمعاهدة السلام مع الطرف الإسرائيلى، كما تقوم مصر بجهود حثيثة فى استعادة المفاوضات بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى، ومحاولة رأب الصدع وإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى الدور المصرى لإعادة إعمار غزة.

وكانت الحرب الإسرائيلية فى غزة دليلًا واضحًا على الدور التاريخى لمصر تجاه القضية الفلسطينية، والداعم لاستقرار وتهدئة الصراعات فى المنطقة، إذ تمكنت القاهرة عبر تحركاتها الإيجابية من الوصول إلى هدنة إنسانية، وإدخال المساعدات للقطاع.

ويقع على عاتق الدولة المصرية الحفاظ على ضبط الحدود مع القطاع، وفى هذا السياق يجب الانتباه إلى التحولات التى تمت فى قضية الصراع العربى الإسرائيلى على مدار السنوات الخمس الماضية، فى ظل تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل، والتحولات المتعلقة بتطورات المشهد الفلسطينى والإسرائيلى، فى ظل وجود حكومة متطرفة ومتشددة، بالإضافة إلى موقف الإدارة الأمريكية تجاه القضية. 

وتتسم العلاقات المصرية مع الولايات المتحدة بكونها استراتيجية، سواء على مستوى التعاون الثنائى، أو فى ظل الدور المحورى الذى تقوم به مصر، فى ضمان السلام والاستقرار الإقليمى ومواجهة الإرهاب، إلا أنه فى بعض الأحيان، قد تشهد توترات على خلفية قضايا حقوق الإنسان، لذلك قد تواجه العلاقات بعض التغييرات، فى ظل قدوم إدارة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى عام ٢٠٢٤.

حل أزمة سد النهضة وحماية الأمن المائى المصرى

يُمثل ملف سد النهضة أولوية على أجندة الرئيس الخارجية، فى ظل التعنت الإثيوبى وبدء الملء الرابع للسد، والإضرار بحصة مصر المائية، وعدم التوصل إلى اتفاق قانونى مُلزم بشأن قواعد الملء والتشغيل، ومواجهة الطموح الإثيوبى للهيمنة على المياه، وزيادة تخزين السد من ١٤ مليار م٣ إلى ٧٤ مليار م٣ واستكمال مسار تنويع المصادر البديلة للمياه.

استكمال «المشرق الجديد» لخلق ممر بديل للنفط

تعد أبرز الأولويات على أجندة الرئيس، استكمال مسيرة التعاون الإقليمى، فى إطار مشروع «المشرق الجديد» المتعلق بمد خط أنبوب نفطى من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولًا إلى ميناء العقبة فى الأردن، بما يفتح أسواقًا جديدة للطاقة فى المنطقة، حيث سيخلق ممرًا بديلًا لنقل النفط والغاز من الشام والخليج إلى أوروبا بدلًا من مضيق هرمز.

تستفيد مصر من عملية تكرير جزء من النفط العراقى على أراضيها، من خلال مشروع بناء مصافٍ للنفط، بالإضافة إلى تجديد المصافى القائمة والاستفادة من إمكانات الأردن فى مجال النقل، لامتلاكه قدرات فى هذا المجال.

كما أن الربط الكهربائى بين الأردن ومصر وصولًا للعراق، يمدها بنحو ٣٦٠ جيجاوات من التيار الكهربائى، لكن قد يواجه مسار التعاون الإقليمى بعض التحديات المتعلقة بتهديدات وكلاء إيران المنخرطة فى العراق وسوريا ولبنان.

مواجهة مخططات التفكيك والقضاء على تهديدات الأمن القومى العربى

هناك ترابط وثيق الصلة بين الأمن القومى المصرى والعربى، إذ تمثل التهديدات التى تحيط بهذا الأمن، من حيث التدخلات الخارجية فى شئون الدول وكثرة الفاعلين فى الإقليم، وتضاد المصالح وتغذية النزعات الطائفية والمذهبية، والمساهمة فى نشأة التنظيمات والجماعات الإرهابية، ومخاطر تقسيم بعض الدول، ومحاولات إدماج إسرائيل فى المنطقة، وتنامى دور الميليشيات؛ تحديات تواجه مصر فى سياستها الخارجية.

ويأتى ذلك فى ظل تداعيات الصراعات فى سوريا وليبيا، وتدفق اللاجئين، ومخاطر انتقال الأسلحة عبر الحدود المصرية الليبية، والصراع بين الأطراف الداخلية فى ليبيا، والضرورة التى تقتضى التوافق حول الترتيبات السياسية من حيث إجراء الانتخابات الرئاسية فى ليبيا؛ وجميعها تحديات تخلق حالة من عدم الاستقرار بشكل مستمر بما يُشكل عبئًا أمنيًا على أجندة الرئيس المصرى.

وتتبنى مصر رؤية استراتيجية مفادها الحفاظ على كيان الدولة الوطنية، وتماسك المجتمعات انطلاقًا من إدراك ارتفاع تكلفة تفتيت الدول، وانعكاسات ذلك على الاستقرار فى المنطقة، إذ إن التدهور فى الأوضاع الداخلية للدول يرتب تأثيرات سلبية على الأمن الإنسانى، وتنامى أعداد اللاجئين.

وتحملت مصر عبء هذه الأزمات من حيث استضافة اللاجئين، ويقدر عددهم بنحو ٩ ملايين لاجئ من جنسيات متعددة سودانية، وسورية، ويمنية، وصومالية، وإريترية، ومن جنوب السودان وغيرها، وعليه يقع على عاتق الرئيس مسئولية تكريس مفهوم الأمن القومى العربى، والدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها، وتعزيز الاستقرار وحفظ السلم.

تعزيز التعاون مع دول حوض النيل

يُعد من ضمن الأولويات الخارجية استمرار زخم التفاعل فى الدائرة الإفريقية واستكمال مسار الدبلوماسية النشطة والتحركات الفاعلة.

ونجحت مصر فى استعادة دورها فى القارة، وكانت رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى عام ٩١٠٢ دليلًا واضحًا على حدود ومستوى التحول الذى طرأ على العلاقة بين مصر ودول القارة، بعد فترات من الغياب وتراجع الدور، ما منح الفرصة لعدد من القوى الإقليمية والدولية لملء الفراغ، نتيجة التراجع فى السنوات السابقة لفترة تولى الرئيس السيسى.

وعززت مصر آفاق التعاون بين دول حوض النيل، لتحقيق الاستقرار الإقليمى، ليس فقط التعاون المائى، ولكن التعاون فى مجالات عديدة كالغذاء والطاقة، ومن ثَمّ تحقيق الأمن الإنسانى من خلال إقامة مشروعات تنموية، وتعزيز البنية التحتية بما يخدم التعاون بين كل دول حوض النيل. 

الشراكة مع شرق المتوسط لضمان أمن الطاقة

تعد الدائرة المتوسطية من الدوائر الجديدة فى السياسة الخارجية المصرية، ويحتل أمن الطاقة أولوية على أجندة الرئيس، ومن ثم استكمال النجاحات فى هذا المجال، فى ضوء الطموح المصرى لتحول مصر لمركز إقليمى للطاقة.

ويأتى ذلك بعد استضافة مصر أول تنظيم إقليمى جديد للغاز فى شرق المتوسط، ثم تحولّه لمنتدى إقليمى للطاقة يضم قبرص، واليونان، وإسرائيل، وإيطاليا، والأردن، وفلسطين.

ويتم العمل على الاستفادة من موقع مصر الجغرافى وقناة السويس، واستمرار التنسيق والتعاون مع قبرص واليونان فى شرق المتوسط، خاصةً فى ظل اتفاق وُقِّع مع قبرص، لتصدير الغاز من حقل أفروديت إلى مصانع الغاز الطبيعى المسال فى إدكو ودمياط للتسييل، ثم إعادة تصدير الغاز إلى أسواق أخرى.

تأمين منطقة البحر الأحمر ضد أطماع الدول غير المطلة عليه

يمثل أمن منطقة البحر الأحمر أولوية فى سياسة مصر، وخاصة فى ظل استغلال الأراضى اليمنية لاستهداف دول الجوار، وعرقلة حرية الملاحة فى مضيق باب المندب على خلفية الترابط وثيق الصلة بين الأمن القومى المصرى وأمن منطقة البحر الأحمر. ويأتى ذلك فى ظل تنامى أطماع العديد من الدول غير المطلة عليه مثل إثيوبيا التى تسعى لبناء قوة بحرية على البحر الأحمر بالرغم من عدم امتلاكها منفذًا عليه، بالإضافة إلى تنافس العديد من القوى الدولية على الاستفادة من ثروات البحر الأحمر، حيث يشهد البحر الأحمر تنافسًا على المنافذ البحرية.

والتنافس على الموانئ لا يقل فى أهميته عن تزايد رغبة الشركات العالمية، فى بناء شبكة كابلات للاتصالات والإنترنت تمر بالبحر الأحمر، وبشكل مباشر من شرق وغرب إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا، مثال مشروع «إفريقيا ٢» الذى يخدم نحو ١٦ دولة إفريقية عن طريق كابل بحرى كمزود سريع للإنترنت، وكابل «بلو رامان» الذى يربط بين الهند، وعمان، والسعودية، والأردن، وإسرائيل، وإيطاليا، وهى مشروعات تتطلب التنسيق والتعاون بين الدول المتشاطئة، وتحديدًا جيبوتى لكونها مركزًا رئيسيًا لكابلات الاتصالات.

علاج قضايا تغير المناخ والأوبئة

يواجه الرئيس على أجندته الخارجية تحديات الأمن غير التقليدى، كقضايا تغير المناخ والأوبئة والأمن الإنسانى، وتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على أزمة الغذاء والطاقة، فى ظل ارتفاع معدلات الفقر وخطر المجاعة. 

ويقع على أولويات أجندة الرئيس: تنويع الشراكات بهدف مواجهة نقص إمداد القمح الناتج عن الحرب فى أوكرانيا، وتعد الهند شريكًا مهمًا كونها أحد المصدرين الرئيسيين للقمح إلى مصر.