رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء فلسطينيون يكشفون لـ«الدستور» ماذا يجرى على الأرض الآن

غزة
غزة

- قالوا إن قوة الموقف المصرى أخرست «أصوات التهجير» فى إسرائيل

أشاد خبراء وباحثون فلسطينيون بالموقف المصرى منذ بداية الحرب على قطاع غزة، معتبرين أن قوة هذا الموقف منذ اللحظة الأولى أخرست الأصوات الإسرائيلية التى كانت تتحدث «ببساطة» عن انتقال الفلسطينيين من أرضهم إلى الأراضى المصرية. ورأى الخبراء والباحثون الفلسطينيون، الذين تحدثت إليهم «الدستور»، أن استمرار المقاومة فى تحقيق الانتصارات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلى فى الميدان، وتكبيده خسائر فادحة كما حدث فى حى «الشجاعية» بقطاع غزة، خلال الأيام القليلة الماضية، سيحبط المخطط الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية، وسيؤدى إلى وقف دائم لإطلاق النار.

الفلسطينيون يرفعون شعار «الموت فى أرض فلسطين خير من العيش خارجها»

حذر عزيز العصا، الباحث والكاتب الفلسطينى، من أن الأولوية المطلقة لدى التحالف الأمريكى الإسرائيلى الآن هى القضاء على المقاومة فى غزة وإسكاتها إلى الأبد، وبالتالى فإن أى هدنة أو اتفاقية تدخل ضمن البعد التكتيكى لهذه المعركة طويلة الأمد.

وأوضح «العصا»، لـ«الدستور»، من القدس المحتلة، أنه «يجب على المقاومة الفلسطينية الاستمرار فى تحقيق الانتصارات العسكرية فى الميدان، وبالتالى يمكنها على المدى البعيد كسر الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية، وهو ما يؤدى إلى وقف إطلاق نار دائم، ويجعل الدولة الفلسطينية ذات شوكة ومحتفظة بقوة خاصة بها».

واعتبر أن زيارة مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، إلى رام الله، ولقاءه الرئيس محمود عباس «أبومازن»، إلى جانب زيارته بعض دول المنطقة، كل هذا يأتى ضمن البعد التكتيكى للمعركة، ويعد محاولة أمريكية لإخراج إسرائيل من الوضع المأساوى الذى يعيشه جيشها فى غزة.

وأضاف: «هم يسعون إلى هدنة تمكّن قوات الاحتلال الإسرائيلى من إعادة تموضعها، لتحقيق انتصار لم تتمكن منه حتى اللحظة»، متابعًا: «أقول ذلك لأن هذا المبعوث الأمريكى لم يأت للمنطقة عندما كانت أشلاء أطفال غزة تتطاير خلال آخر أسبوعين من المعركة».

وحول محاولات إسرائيل المستمرة لتنفيذ مخطط التهجير، قال الباحث الفلسطينى: «وفق ما أرى وأسمع من علاقاتى المباشرة مع أهلنا فى قطاع غزة، وكمراقب للأحداث، أستبعد بقوة أى نجاح لمحاولات التهجير، لأن الفلسطينيين رفعوا شعارًا واضحًا، كتبوه بدمائهم، وهو: لا بديل عن الوطن، ولا حياة خارج الوطن، والموت فى أرض فلسطين خير من العيش خارجها».

وأضاف «العصا»: «هذا يأتى على قاعدة التجارب التهجيرية السابقة التى يستذكرون مرارتها فى كل لحظة من حياتهم، ويتناقلونها من جيل إلى جيل»، مشيدًا بدور مصر منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة، خاصة ما يتعلق بمواجهة خطة التهجير.

وواصل: «وضوح الموقف المصرى وقوة طرحه بشأن رفض التهجير هو ما أخرس الأصوات الإسرائيلية، التى كانت فى بداية المعارك تتحدث ببساطة عن انتقال الفلسطينيين إلى الجانب المصرى».

وأكمل: «الدور المصرى فى الجانب التفاوضى والوساطة كان قويًا وواضحًا، وتبوأت مصر الصدارة فى ذلك من اليوم الأول، إلى جانب قطر، وهو دور ترك أثره الواضح فى الهدنة الأولى التى استمرت أسبوعًا».

الاحتلال يحاول الضغط على الأهالى للنزوح فى اتجاه الحدود المصرية

أكد القيادى بحركة فتح، الدكتور جهاد الحرازين، استمرار العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى فى كل المناطق، خاصة بقطاع غزة، من خلال استهداف كل ما هو فلسطينى، فى محاولة للقضاء على جميع مقومات الحياة، وحتى يصبح القطاع مكانًا غير صالح للعيش فيه مرة أخرى على مدار سنوات عدة.

وأوضح «الحرازين» أن دولة الاحتلال استهدفت البنى التحتية وكل المرافق، سواء الطبية أو الدينية أو التعليمية، وكل ذلك فى سياق مخططها الإرهابى لتهجير الشعب الفلسطينى، اتساقًا مع خطة اليمين الإسرائيلى المتطرف الذى أراد تهجير الفلسطينيين بحجة القضاء على المقاومة.

وتابع: «من يتابع الواقع يدرك أن الحرب هى على الشعب الفلسطينى ومقدراته، والدليل هو الفشل الذريع فى تحقيق أهداف نتنياهو المتعلقة بالقضاء على المقاومة وتحرير الرهائن بالقوة العسكرية، وفقط نجاحه بتدمير القطاع وقتل الأطفال والنساء والشيوخ».

وقال إنه مع زيادة الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو، فقد نشهد خلال الفترة المقبلة محاولات إبرام هدن جديدة كهدنة السبعة أيام، التى جرت برعاية وضغط مصرى وقطرى بالاشتراك مع الولايات المتحدة، ودعوات من المجتمع الدولى لوقف إطلاق النار، خاصة بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وتصويت ١٥٣ دولة لصالح وقف إطلاق النار، وفقط معارضة ١٠ دول».

وذكر أن الاحتلال ينفذ خطة للتهجير من خلال القتل والتدمير وحرب الإبادة المتواصلة والضغط لنزوح المواطنين تحت مسمى المناطق الآمنة، حيث لا مكان آمنًا بالقطاع، ولكنها محاولة ضغط للنزوح بأكبر قدر لدفع المواطنين إلى الحدود، ولكن المخطط سيفشل لموقف القيادة المصرية وموقف الشعب الفلسطينى الرافض مخطط التهجير.

وعن زيارة مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، المنطقة، قال إنها تأتى فى سياق محاولات التقييم التى تمارسها الإدارة الأمريكية بين الحين والآخر للحرب والأهداف من العملية العسكرية، ونقل رسالة للإسرائيليين بضرورة الحد من استهداف المدنيين وتركيز عملياتهم على أهداف محددة، والتأكيد على دعم إسرائيل والوقوف معها عسكريًا، حيث ترغب الإدارة الأمريكية بضرورة الذهاب إلى هدن إنسانية وإدخال المساعدات.

وقال السياسى الفلسطينى إن هناك محاولات مصرية، منذ اللحظة الأولى للعدوان على كل المسارات الإنسانية والإغاثية والسياسية والدبلوماسية، لوقف إطلاق النار ومنع تهجير الفلسطينيين وشطب القضية وحلها على حساب الدول الأخرى، ما أدى إلى تبنى وجهة النظر المصرية، خاصة من الولايات المتحدة ودول أوروبا، وهذا الأمر جاء نتيجة الاتصالات التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع قادة دول العالم على كل المستويات، حتى يصبح هناك رأى وموقف موحد، عربيًا وإقليميًا ودوليًا، رافضًا فكرة التهجير التى تعمل عليها دولة الاحتلال.

مشعل الأحمد الجابر الصباح

أهالى غزة يلجأون لبيع ممتلكاتهم من أجل الحصول على الغذاء

قال الصحفى الفلسطينى، عبدالله مقداد، إن القصف المدفعى متواصل على شمال قطاع غزة بشكل كبير جدًا ودون انقطاع، مشيرًا إلى إفراج الاحتلال الإسرائيلى عن نحو ٥٠٠ فلسطينى، فجر أمس الأول، كان قد اعتقلهم خلال توغل قواته فى شمالى القطاع، إلى جانب عمال فى الداخل محتجزين منذ أسابيع.

وأضاف «مقداد»، فى حديثه من وسط غزة إلى «الدستور»: «بعض هؤلاء المواطنين توجه إلى المستشفيات لتلقى العلاج، بعد الاعتداء الهمجى عليه من قبل جنود جيش الاحتلال، فيما وصل البعض الآخر إلى مراكز الإيواء فى المدارس».

وحول حجم المساعدات ووصولها إلى المستحقين، قال «مقداد»: «المساعدات تصل بالفعل، وهناك أهالى يلجأون لبيع ما يمكن بيعه لتوفير المال اللازم لشراء الغذاء وغيره من الاحتياجات الإنسانية، فى ظل قلة المال معهم، بينما من يشترى المساعدات يبيعها لهم بسعر باهظ».

ووصف الصحفى الفلسطينى وضع النازحين وسط وجنوب قطاع غزة بـالصعب للغاية، خاصة مع تحكم قوات الاحتلال الإسرائيلى فى كل المساعدات، وفى عملية دخولها إلى القطاع المحاصر، مشيرًا إلى أن أهالى غزة يعتمدون أحيانًا على شبكات مصرية فى رفح، مع استمرار انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت.

تعويل كبير على مصر فى مواجهة المخططات المشبوهة

قال سامر السنجلاوى، الناشط السياسى من القدس المحتلة، إن إسرائيل تستمر فى حربها العمياء على غزة، وهى عمياء لأنها دون أهداف، لا عسكرية ولا سياسية، ولأنها مدفوعة بنزعة الانتقام. 

وأوضح «السنجلاوى» أن حكومة الاحتلال تسعى لحشد الرأى العام الإسرائيلى والأمريكى مستخدمة أسلوب الاستعطاف بيوم ٧ أكتوبر، وتنسى أنها تقتل طفلًا فلسطينيًا فى غزة كل ٦ دقائق، وأنها أحرقت نصف غزة، وأعدمت ما يزيد على ٢٠ ألف مدنى من النساء والأطفال والشيوخ.

وأشار إلى أن دولة الاحتلال لا رادع أخلاقيًا لها، وتستمر فى حربها بسبب جسر الدعم العسكرى الذى توفره لها الولايات المتحدة، ولن تتوقف إلا إذا أراد بايدن لها أن تتوقف عن هذه الجريمة المستمرة.

وتابع: «إذا وسعت إسرائيل عدوانها ونقلت قصفها من خان يونس باتجاه رفح، فلا يمكن استبعاد أن يضطر عشرات آلاف الفلسطينيين إلى تخطى الحدود مع مصر هربًا من الموت المحقق، وهذه ستكون كارثة كبيرة ستغير الكثير من ثوابت الاستقرار الإقليمى الأمنى والسياسى، ويجب أن تتحمل إسرائيل وأمريكا عواقب هذه الأحداث إن وقعت». 

ولفت إلى أن مصر لها دور كبير ومهم جدًا فى هذه المرحلة، فهى الدولة العربية الأقوى عسكريًا ودبلوماسيًا، لأنها تمتلك التجربة الأطول فى ممارسة أدوار دبلوماسية مع إسرائيل منذ مفاوضات كامب ديفيد، وإسرائيل تدرك هذا الثقل الكبير لمصر وتعمل له حسابًا. 

وأضاف أن على الإدارة الأمريكية أن تفهم أنه فى الوقت الذى تنشغل فيه بوضع الخطط ليوم ما بعد غزة، فإن ملايين الأرواح فى غزة الآن تصارع على الحافة للبقاء على قيد الحياة، وربما قريبًا لن يكون هناك أى شخص على قيد الحياة.. لذا على حكومة الولايات المتحدة أن تبدأ بالعمل فورًا وتقاتل لإنقاذ ما تبقى من الإنسانية فى هذا العالم، وأن توقف حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.