رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تلخيص الجهود المصرية بخصوص فلسطين

منذ بدأت أحداث السابع من أكتوبر، ومصر لا تتوقف عن الحركة الداخلية والخارجية من أجل احتواء الأزمة الكبيرة المتفاقمة، أعلم أن الآخرين يتحركون أيضًا، لكنهم ليسوا بأهميتنا، مع كامل التقدير للجميع، نحن بلد محورى وفارق، ومما يعزز أصالتنا في الموضوع، وهيبتنا الكاملة، أننا سبق وخضنا حروبًا لا تُنسى مع إسرائيل، الحروب الأطول والأشهر "حرب 1956، حرب 1967، حرب الاستنزاف من 1967 إلى 1970، حرب أكتوبر المجيدة 1973"، كنا وحدنا في بعض تلك الحروب وشاركنا أشقاؤنا العرب في أخرى، كما أننا لم نتخل عن القضية الفلسطينية قيد أنملة بأمداد السنوات، ودفعنا الثمن بأريحية فداء للعدالة والسلام فى الأرض العربية المحتلة، وقد لا يعرف كثيرون أن غزة نفسها، موضع الصراع المباشر الآن، كانت خاضعة للحكم المصري (1948- 1956) ومرة أخرى (1957- 1967)، إلى أن أنهى عبدالناصر ذلك الحكم في 1959، وخضع القطاع لإدارة حكومة عموم فلسطين.
مصر بالذات تعرف مدى خطورة ما يجري حاليًا فى غزة، وتحذر مرارًا وتكرارًا من استمرار الجحيم، لا تحذر كلاميًا فقط، وإنما، كما سبق الإلماع، تسعى، بمنتهى الجدية والإخلاص، إلى ما يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
- وقف فوري لإطلاق النار.
- الحرص على عدم استهداف المدنيين والمنشآت الصحية والحيوية ما دامت الاشتباكات قائمة.
- توسيع نطاق الحث على التهدئة إقليميًا ودوليًا.
- الإفراج عن المحتجزين وتفعيل مسألة تبادل الأسرى.
- السماح للمساعدات الإنسانية بالمرور السهل من معبر رفح.
- وأد فكرة تهجير أهل القطاع إلى سيناء.
- العودة إلى طاولة المفاوضات وإحياء حل الدولتين.
هذاك هو الموقف الرسمي المصري، ملخصًا تامًا، وراءه ما وراءه من الجهود
الصادقة الكثيفة المضنية، ولا سبيل إلى نقضه في الحقيقة أو حتى مجرد الانتقاص منه؛ فهو موقف ثابت ومحكم ومتزن وواضح، تؤازره الجماهير التي خرجت إلى الشوارع والميادين، معبرة عن رأيها بحرية، وضمن هذا التعبير رفض الآلية الوحشية التي تخطت كل الحدود، وعاقبت شعبًا بأكمله وأرضًا بما عليها بحجة الدفاع عن النفس، مدعومة بكذبة وظالمين، ههنا أذكِّر بأن أعمال المقاومة لا تكون سوى ردة فعل لما يقوم به الغاصبون من عبث بالمقدسات وتدنيس للأماكن الشريفة، وعلى هذا لا يمكن تسمية المقاومة إرهابًا؛ فالقانون الدولي نفسه يفرق بين من يعملون أعمالهم القتالية في ظروف يغلفها الاستثناء، ومن يعملونها في ظروف طبيعية.
ليس بوسع أحد أن يزايد على مصر وقيادتها ودبلوماسيتها، بل الواجب تثمين دورها والبناء عليه، وأما العسكرية المصرية فمؤسسة دفاعية لا هجومية، هكذا عرفها العالم برمته كما عرفها المصريون أنفسهم، لا تعتدي البتة، ولديها من القوة والاستعداد ما يجعلها حصنًا لنفسها وشعبها وبلادها في الوقت نفسه.
ما يجري في غزة ينذر بكوارث تشمل المنطقة بأسرها، ومصر، لمن يعون ثقل وزنها، أهم دولة ينبغي السماع لها فى مثل هذه الأوقات العصيبة.