رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى انتخابات الرئاسة.. نحتاج عقلًا سياسيًا باردًا

يُخطئ من يعتقد أن انتخابات الرئاسة التى بدأت الإجراءات فيها هذا الأسبوع تدور بين الأسماء المطروحة للترشح، بصياغة أخرى أقول إن لدينا مرشحين محتملين، وعددهم حتى الآن ستة مرشحين، فهل العملية الانتخابية قد تبلورت عند هذه الأسماء فقط أم أن هناك مَن اختفى عن الترشح، ولكنه يتربص بكل جهده للاقتراب من المقعد رفيع المقام مقعد رئيس الجمهورية؟

يتذكر كل صاحب ذاكرة فى بلادنا أن مصر كانت هى الجائزة الكبرى لأصحاب نظرية الفوضى الخلاقة، وبالرغم من إحباط مسلسل هذه الفوضى فى ٣٠ يونيو الباسلة فإن أصحاب تلك النظرية ومَن يتبعهم فى الداخل المصرى لن تهدأ حركتهم أبدًا، وسوف يخرجون علينا مرة فى ثياب مرشح مجهول دون لحية، حتى لا يلفظه الناس كما لفظوا جماعة الإخوان من قبل.

لذلك اليقظة واجبة، الخلايا النائمة تنتظر الإشارة، هذه الخلايا بكل أسف ما زالت تنخر مثل السوس فى عظام الدولة المصرية، سواء داخل الجهاز الحكومى أو خارجه، فالمسألة ليست ارتفاع أسعار أو ملاحظة على مشروع أو غيره، المسألة من وجهة نظر التيار المختفى مؤقتًا من المشهد الانتخابى هى الهدم، سواء بتكليف من الأجهزة التى يعملون لحسابها أو من باب الثأر السياسى بعد أن قال الشعب كلمته فى ٢٠١٣ وتم طردهم من القصر الرئاسى شر طردة. 

سوف نشهد فى فترة الدعاية شلالات من الأكاذيب والضرب تحت الحزام، كما سنشهد حواديت المظلومية الكاذبة، ومن هنا يأتى دور أصحاب الضمائر الحية لكشف زيف تلك السيناريوهات.

ولأننى أعرف جيدًا أهمية العقل السياسى البارد للعبور من هذه الانتخابات بأقل الخسائر من التجريح ومن الاتهامات المجانية لطرف ضد طرف، فإنه من الواجب أن تنهض أجهزة الإعلام للقيام بدورها التنويرى والمعلوماتى، والعمل على مدار الساعة حتى لا يقع الناخب البسيط فريسة لأى مخطط يحاول تشويه تجربة الانتخابات.

وبالطبع ليس خافيًا على الجميع الأجواء الدولية المرتبكة التى تدور الانتخابات فى ظلها، سواء ما يحدث فى الدول المجاورة لمصر مثل ليبيا والسودان أو البلاد البعيدة مثل حرب روسيا وأوكرانيا، التى يقال علنًا عنها إن احتمالات حرب عالمية ثالثة ليست بعيدة، وبينما الحال هكذا تحاول الإدارة المصرية الخروج من تلك الدوامات بأقل الخسائر.

صارت لنا دولة واضحة ومؤسسات تجتهد فى عملها، وصار لدينا أمن فى الشارع بعد أن توارى عن المشهد أصحاب المفخخات، لذلك فإن المسئولية تفرض على الجميع أن يشارك فى الانتخابات بعين مفتوحة عن آخرها، من حق المرشح المحتمل والنخب أن يعبروا عن وجهة نظرهم وأن يعلنوا رفضهم لمن يريد استخدامهم بما يشبه الأداة فى يد لا تعرف إلا فنون التخريب ولا يلزمها أى حدود آمنة لمصرنا. 

ببساطة هم لديهم عواصم يهربون إليها فى حال تعرض بلادنا لأزمة، أما نحن فلا يوجد لدينا سوى بلادنا التى ندافع عنها فى الوسع وفى الضيق أيضًا. 

وسائل التواصل الاجتماعى بمختلف منصاتها لها دور مهم فى توجيه الرأى العام، واستخدام العقل البارد، الذى أشرت له، بات مهمًا فى تصنيف وفرز الحقائق من الأكاذيب، وأن يأتى الرد الهادئ من العقل البارد من أجل التوضيح والكشف والإقناع.

هى رحلة انتخابية شاقة من الممكن أن تكون مؤلمة إذا تعاظم الجهل الغشيم، ومن الممكن أن تكون ممتعة إذا هدأت الأعصاب وتم تحكيم العقل فى كل خطوة وكل تصريح وكل قرار، كل خطوة فى هذا السباق الرئاسى يكون لها ما بعدها دون تكفير محتكرى الوطنية لغيرهم، ودون تعصب من مؤيدى الدولة ضد خصومهم من المرشحين المحتملين.