رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرصد الأزهر: «الحرب الأوكرانية والمناخ والأمن الغذائي» آليات تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية بإفريقيا

مرصد الأزهر لمكافحة
مرصد الأزهر لمكافحة التطرف

سلطت وحدة رصد اللغات الإفريقية بمرصد الأزهر للتطرف الضوء على تأثير الحرب الروسية على أوكرانيا، والتغيُّر الـمُناخي، وتوسع التنظيمات الإرهابية في استغلال أزمة الأمن الغذائي بدول القارة الأفريقية،  باعتبارها أضلاع مثلث الخطر الذي تسبب في تفاقم الأزمات الإنسانية بتلك القارة التي تعيش واقعًا سوَّده الإرهاب الغاشم، وجعل من معاناة أغلب أبناء القارة مسألة هامشية، بينما استغلت التنظيمات الإرهابية كالعادة هذه الأزمات في تجنيد واستقطاب أجيال الشباب الإفريقي الناقم على الأوضاع الحياتية والأحداث الجارية، ويجد في العنف الوسيلة الأفضل للتخلص من الأوضاع الراهنة وتحقيق أهدافه.

ولخص المرصد  هذه التأثيرات علي عدة مستويات، أبرزها الأمني، فإلى جانب تأثير زيادة أسعار المواد الغذائية كما ذكرنا، والارتفاع الهائل في تكاليف الوقود وغيرها؛ كانت هناك نتائج أمنية وخيمة أثَّرت بالسلب على جهود مكافحة تنظيمات التطرف والإرهاب؛ إذْ ظلت روسيا تقدم بثبات دعمًا عسكريًّا واستخباراتيًّا واسعًا للدول الإفريقية، ووقَّعت عدة اتفاقياتِ تعاونٍ عسكري مع دولٍ مختلفة، مثل جمهورية إفريقيا الوسطى، ومالي، وبوركينافاسو، لمواجهة تلك التنظيمات. ومع ذلك فقد أدَّى النزاع بين البلدين إلى سحب روسيا المزيد من خِدْماتها وقوَّاتِها العسكرية الخاصة من إفريقيا -كما حدث في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي- للمشاركة إلى جانب قواتهم الروسية في الاقتتال الدائر في أوكرانيا.

كما قامت أوكرانيا باستدعاء جميع قواتها العسكرية -المشاركة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام- للقتال إلى جانب جيشهم الأوكراني. ومع سحب هذه القوات الروسية، والأوكرانية العاملة في بعض الدول الإفريقية خلال الفترة الماضية، ومع السحب المستمر حال إطالة أمد الحرب، فقد أحدث هذا فراغًا أمنيًّا خطيرًا، وتراجعًا واضحًا في جهود مكافحة الإرهاب، خاصة بعد انسحاب القوات الفرنسية، وعدم استعداد بعض جيوش تلك الدول لمواجهة التنظيمات الإرهابية بمفردها، مما يَعني سيطرة أكبرَ لتلك التنظيمات على بعض الدول الإفريقية، لتغلغلها بشكل يؤثر بالسلب على أمن تلك الدول واستقرارها، ما يجعلها عرضة للاضطرابات السياسية التي توفر في مجملها البيئة المحفزة لتنامي الإرهاب، وانتعاش أنماط الجريمة المنظمة كافة.

ثانيًا جاءت التغيُّرات الـمُناخية كأحدَ المهدِّدات الأمنية الإستراتيجية، التي تزيد من احتمال وقوع الأعمال الإرهابية في الدول المضطربة سياسيًّا، وأمنيًّا، واقتصاديًّا -فيما يطلق عليه "إرهاب الـمُناخ"- فانعدام الأمن الغذائي جراء الكوارث المرتبطة بالـمُناخ كالفيضانات والأعاصير، والجفاف والتصَحُّر، وحرارة الطقس، كلها أسباب تُفسح المجال أمام التنظيمات المسلحة لزيادة صفوفها، وجذب مجندين جدُد من جيل بائس تأثَّر بشدة من التدهور البيئي المحيط، والظروف الـمُناخية القاسية التي دفعته – نتيجة انعدام سبل الحياة- للنُزوح والهجرة بحثًا عن ملاذ آمِن، وبالتالي يكون عرضة للتجنيد والاستقطاب من جماعات استغلال الأزمات مثل «بوكو حرام» و«الشباب».