رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس مجلس النواب الأمريكى

لم يحدث أن عجز مجلس النواب الأمريكى عن انتخاب رئيسه، فى الجلسة الافتتاحية، منذ سنة ١٩٢٣، أما المرة الأغرب، فكانت سنة ١٨٥٥، حين لم ينتخب النواب رئيسًا لمجلسهم إلا بعد ١٣٣ تصويتًا، واستغرقت شهرين. وبعد ١٠٠ سنة من الأولى، و١٦٨ سنة من الثانية، جرى انتخاب رئيس المجلس، فى اليوم الرابع، بعد ١٥ تصويتًا، وتجاذبات ومفاوضات وتنازلات قدمها كيفين مكارثى لـ٢٠ نائبًا جمهوريًا، كادوا أن يعرقلوا فوزه بثالث أهم منصب أمريكى بعد الرئيس ونائبه.

يمثّل كيفين مكارثى، Kevin McCarthy، ولاية كاليفورنيا فى مجلس النواب منذ سنة ٢٠٠٧. وبعد أن خسر الجمهوريون أغلبيتهم فى الانتخابات النصفية، سنة ٢٠١٨، وتقاعُد بول رايان، رئيس مجلس النواب الأسبق، جرى انتخاب مكارثى زعيمًا للأقلية، فى يناير ٢٠١٩، ليصبح أول عضو من الحزب الجمهورى من كاليفورنيا يشغل هذا المنصب. ومبكرًا، توقع سيطرة الحزب الجمهورى على المجلس، قبل انتخابات نوفمبر الماضى، وأشار إلى أن الشعب الأمريكى مستعد لأغلبية جمهورية تعيد البلاد إلى ما وصفه بالمسار الصحيح.

النواب الجمهوريون العشرون، الذين وصفهم مكارثى بـ«المتمردين»، والمنتمون إلى «تجمع الحرية» المحافظ، استغلوا الأغلبية الضئيلة، التى حقّقها حزبهم فى انتخابات منتصف الولاية، لفرض شروطهم، التى كان من بينها ضمان سيطرتهم على لجنة القواعد، التى تُناقش التشريعات قبل انتقالها إلى قاعة المجلس، والسماح لأى عضو بطرح قرار التصويت على عزل رئيس المجلس، مع شروط أخرى تتعلق بالإنفاق والديون، من شأنها أن تضع مجلس النواب فى مسار تصادمى مع مجلس الشيوخ، الذى يقوده الديمقراطيون.

بكثير من المتعة، ظل الديمقراطيون يراقبون خلافات، تجاذبات أو مفاوضات الجمهوريين، ويتكتلون خلف مرشحهم لرئاسة المجلس، حكيم جيفريز، الذى حصل فى كل الجولات الـ١٥ على ٢١٢ صوتًا، هى إجمالى عدد النواب الديمقراطيين. وبعد أن وصف الرئيس الديمقراطى جو بايدن ما حدث بأنه «محرج» ولا يليق بـ«أعظم أمة فى العالم» وأكد أن «العالم» يتابع هذه الفوضى، قام بتهنئة «مكارثى» ودعاه إلى «الحكم بشكل مسئول»، وأعرب عن استعداده للعمل مع الجمهوريين «عندما يكون ذلك ممكنًا». وفى المقابل، قال «مكارثى»، فى رسالته الأولى كرئيس للمجلس، إن جدول أعماله المكتظ بالبنود، يتضمن محاسبة إدارة بايدن.

المولود فى ٢٦ يناير ١٩٦٥، لأم من أصول إيطالية، وأب من أصول أيرلندية، كان قد صوّت فى ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠، ضد قرار لمجلس النواب يدين العنصرية ضد الأمريكيين الآسيويين المتعلقة بوباء كورونا المستجد. كما كان واحدًا من النواب الجمهوريين، الذين حققوا مع هيلارى كلينتون بشأن الهجوم على القنصلية الأمريكى فى بنغازى، سنة ٢٠١٢، وقال، سنة ٢٠١٥، إن التحقيقات، التى لم تجد دليلًا على ارتكاب كلينتون أى مخالفات، أضرت بأرقام الاستطلاعات. ومع أنه كان من أشد مؤيدى الرئيس السابق دونالد ترامب، وعارض تحقيق الديمقراطيين معه، إلا أن العلاقة بينهما توترت بعد اقتحام مبنى الكابيتول فى ٦ يناير ٢٠٢١.

مع ذلك، دعا «ترامب» الجمهوريين إلى دعم «مكارثى» فى ثانى أيام التصويت، وكتب على منصته «تروث سوشيال»، صباح الأربعاء الماضى: «حان الوقت الآن لكى يصوت كل أعضاء مجلس النواب الجمهوريين الرائعين لصالح كيفين، أغلقوا الصفقة وانتزعوا الفوز، وشاهدوا نانسى بيلوسى المجنونة تسافر إلى منزلها فى كاليفورنيا وهى مكسورة». ثم حذر الجمهوريين من عواقب تحويل «الفوز الرائع إلى هزيمة ضخمة ومحرجة»، مؤكدًا أن كيفين مكارثى سيقوم بعمل جيد، بل وربما رائع.

.. وأخيرًا، لا نعتقد أن خلافات وتجاذبات الجمهوريين، أو «التنازلات الكبيرة» التى قدمها مكارثى لـ«تجمع الحرية»، ستعرقل الأجندة الطموحة، التى وضعها الحزب بعد فوزه بالأغلبية، والتى يتصدرها فتح تحقيقات بشأن بايدن وإدارته ومعاملات أسرته التجارية، وتقليل فرص تحقيق أولوياته خلال الفترة المتبقية من ولايته.