رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تكسير الزجاج».. أغرب عادات أهالى الإسكندرية فى الاحتفال برأس السنة

احتفال رأس السنة
احتفال رأس السنة

ساعات قليلة تفصلنا عن وداع عام 2022، واستقبال العام الجديد بأمنيات جديدة ومظاهر احتفال في جميع دول العالم تتميز بالبهجة والأضواء والموسيقى وتجمع الأهل والأصدقاء، تعبيرًا عن الفرحة والسعادة.

وفي مدينة الاسكندرية، وتحديدًا عندما تدق الساعة الثانية عشرة مساءً في ليلة رأس السنة، نكون على موعد احتفال من نوع آخر، فأهالي الإسكندرية منذ سنوات طويلة يستقبلون العام الجديد بكسر الزجاج، وإلقاء الأشياء القديمة من الشرفات، في عادة قديمة مأخوذة عن اليونانيين الذين عاشوا بالمدينة الساحلية، وتأثروا وأثروا بأهلها.

وترصد «الدستور» تفاصيل تلك العادة القديمة وأصلها، وسبب تواجدها في الكثير من المناطق حتى الآن، فإذا تصادف تواجدك بشوارع عروس البحر في منتصف ليلة رأس السنة احذر من الزجاج.

يقول إسلام ماهر، مرشد سياحى سكندري، إن عادة تكسير الزجاج تعود لاحتكاك أهالي المدينة بالجالية اليونانية التي عاشت بالإسكندرية، التي كانت من العادات الشهيرة لهم إلقاء الأشياء القديمة في ليلة رأس السنة، ومع اختلاطنا باليونانيين الذي عاشوا بيننا لسنوات طويلة توارثنا تلك العادة.

وأضاف لـ«الدستور» أن الإسكندرية مدينة متعددة الثقافات كوزموبوليتانية، تواجد بها يونانيون وأرمن وإيطاليون، والعديد من الجنسيات لموقعها على البحر المتوسط، وأيضًا هو فكر الإسكندر الأكبر الذي أراد عند بناء الإسكندرية أن يجعلها مدينة تجتمع بها جميع الثقافات، لذا نحن من يحتفل بإلقاء الأشياء القديمة لتأثرنا بالجاليات الأجنبية التي عاشت معنا، وخاصة اليونانية، التي كانت تمثل العدد الأكبر من الجاليات الأجنبية.

وأوضح أنه يقال أن تلك العادة عند إلقاء الأشياء القديمة نتذكر الأوقات السيئة في العام الماضي وننتظر الأفضل مع العام الجديد، مشيرًا إلى أنه مع تطور الاحتفالات، بدأ تبديل تكسير الزجاج من البعض بأكياس المياه أو الاحتفال بالألعاب النارية، مشيرًا إلى أنه يحرص على الاحتفال بليلة رأس السنة كل عام، بالصواريخ ولكن مع الحذر بعدم تضرر أي شخص في الشارع.

وقالت سمية القاضي، السكرتير الأمين العام للأصدقاء الدوليين بمكتبة الإسكندرية، إن تكسير الزجاج، عادة قديمة في اليونان، حيث يعتقد أنها تمنع الأرواح الشريرة، حيث يتم تكسير الأطباق القديمة في أي مناسبة، سواء أفراح، أو أعياد الميلاد، أو افتتاح، لجلب الحظ أيضًا لصاحب المناسبة، مشيرة إلى أن هناك فترة تم منع تلك العادة في اليونان بإصدار قانون عام 1969، ولكن هناك من استمر على تلك العادة.

وأضافت لـ«الدستور» أن تلك العادة تعود للحضارة اليونانية ثم انتقلت للحضارة الرومانية، لذا هي عادة منتشرة جدًا في جميع المناسبات اليونانية وليس الاحتفال برأس السنة فقط.

وأوضحت غادة جاد مترجمة و باحثة في الدراسات الكلاسيكية، أنه ليس لتلك العادة بداية أو تاريخ محدد،  ولكن لها أغراض متعددة، حيث كان يُحطم اليونانيون الزجاج في طقس يرمز إلى النهاية والبداية، لدرء الأرواح الشريرة، والتعبير عن الوفرة.

وأضافت أن تلك العادة ارتبطت ببلاد اليونان، حيث كان يتم إلقاء الأطباق والأكواب في الموقد بعد مأدبة بدلًا من غسلها وإعادة استخدامها، ويتم تحطيم الأطباق أو الزجاج في أوقات الفرح وكذلك للحداد، وهناك اعتقاد بأن هذه الطقوس تعمل على التخلص من الطاقة السيئة، وبعض الأرواح الشريرة التي قد تفسد الاحتفال، وهناك تفسير آخر يرى بأن تحطيم الزجاج يرتبط بالإثارة المرتبطة بالأجواء الاحتفالية بعيدًا عن أي تفسيرات مرتبطة بالمظاهر الغيبية.

وتابعت أن كسر الزجاج هو أيضًا تقليد قديم في حفلات الزفاف اليهودية، ويتم كسر الزجاج في نهاية الحفل ويتم السير عليها بعد وضع قماش حتى لا يتعرضوا لجروح، وهو تقليد مأخوذ من العقيدة اليهودية، ويتبعه عبارات التهنئة بالاحتفال.

وأشارت إلى أن التأثر بتلك العادة في مظاهر الاحتفال بالعام الجديد في الإسكندرية، ترجع لاختلاط الثقافات والتعددية، حيث إن الإسكندرية احتضنت الكثير من الجاليات والجنسيات على أرضها، لافتة أن أكثر التفسيرات لتلك المظاهر هي تفسيرات غيبية بهدف التخلص من الشر وجلب الخير والحظ السعيد.

فيما يرى أحمد مصطفى من أهالي سيدي بشر بالإسكندرية، أن الاحتفال بتكسير الزجاج في ليلة رأس السنة اختلف كثيرًا، فما كان يعرفه من أسرته أنه قديمًا كان يتم تكسير الأشياء القديمة دون تعرض أي شخص لأذى، ولكن أصبح اليوم إلقاء أكياس المياه والزجاجات الفارغة من الشرفات أمر سيئ، ويقوم البعض بذلك مما يعرض المارة للأذى لذا يحرص الكثير على عدم التواجد في ذلك الوقت بالشارع.

وأشار محمد شاهين، الذي نشأ بين أسرة لديها أصدقاء يونانيون، إلى أن تلك الطريقة من الاحتفال تعود لعادة يونانية قديمة جدًا، ويقال إنها تجلب الحظ وتبعد الحسد وسوء الحظ، تكسير الأطباق والزجاج لا يكون في رأس السنة فقط، ولكن تتم في الأفراح اليونانية وعيد استقلال اليونان، والمميز في رأس السنة كسر اليونانيين أطباق باللون الأرزق.

وأضاف لـ«الدستور» أن اليونانيين من كبار السن المقيمين بالإسكندرية هم من يحرصون حتى الآن على تلك العادة، في تجمعاتهم، أما الشباب فأصبح الاحتفال لديه بطرق جديدة وليس بالعادات القديمة.