رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة: الرمال السوداء ثروة ومشروع جديد يضاف لإنجازات مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نشر المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة بعنوان: "ملف الرمال السوداء من الإهمال إلى الإنتاج.. حلم تأخر 90 عامًا"، للباحث الدكتور أحمد سلطان دكتور مهندس متخصص في شئون النفط والطاقة، أوضحت الخطوات الجادة التى اتخذتها مصر في سبيل تطوير قطاعها التعديني ورفع مساهمته في الاقتصاد القومي، بداية من تطوير التشريعات ذات الصلة لجذب الاستثمارات، ضمن استراتيجية شاملة لتطوير القطاع بمختلف أنشطته، بهدف تحقيق أقصى استفادة من ثروات مصر التعدينية، والعمل على زيادة القيمة المضافة منها، وزيادة مساهمة النشاط التعديني في الناتج المحلي الإجمالي، ضمن خطة لتحويل مصر إلى مركز عالمي للتعدين.

وأكدت الدراسة، أنه تشكل الرمال السوداء ثروة ومشروعًا جديدًا يضاف إلى سجل إنجازات الدولة المصرية من المشروعات القومية والتي شهدتها البلاد في الفترة ما بعد عام 2014، فالرمال السوداء التى كانت مهملة لفترة طويلة من الزمن (أكثر من 90 عامًا)، انتبهت الحكومة لها بتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليتم سن القوانين والتشريعات التى تسهل تحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الثروة وستنقل الرمال السوداء مصر إلى مصاف الدول الصناعية والاقتصادية الكبرى؛ إذ تسهم المعادن المستخلصة في دفع عجلة الاقتصاد المصري. فضلًا عن المساهمة في تنويع مصادر الدخل القومي للاقتصاد المصري، وخلق فرص عمل جديدة، وتقليل نسبة البطالة، من خلال تنفيذ مشاريع تعدينية جديدة وما تتطلبه من أيدٍ عاملة كثيفة. وبحلول العام 2030، حيث تستهدف مصر رفع مساهمة قطاع التعدين في إجمالي الناتج المحلي إلى 5%، طبقًا للبيانات الرسمية، والتي تتوقع استثمارات مباشرة بالقطاع تصل إلى حوالي 750 مليون دولار بحلول العام نفسه. يدعم ذلك حالة الاستقرار الأمني وخطة الإصلاح الاقتصادي في مصر، والتي أسهمت في وضع البلد على خارطة التعدين العالمية.

وأوضحت الدراسة، أنه في إطار استكمال الرؤية التنموية للدولة المصرية لبناء الجمهورية الجديدة في كافة قطاعات ومجالات الدولة، جاء الاهتمام بقطاع الثروة المعدنية من خلال صياغة رؤية استراتيجية شاملة لتطوير هذا القطاع، بما يُسهم في استكشاف أهم مناطق الثروات المعدنية الكامنة في ربوع مصر، وبما ينعكس في الوقت ذاته على زيادة نسبة مساهمته في الناتج القومي الإجمالي والتي تقدر الآن بحوالي 0.5%، وتستهدف رؤية تطوير قطاع التعدين زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي إلى 5% خلال العقدين القادمين.

وأشارت الدراسة إلى أنه على سواحل مصر الشمالية المطلة على البحر المتوسط، تنتشر الرمال السوداء والتي تعد أحد الكنوز المهمة، والتي تسعى مصر إلى استغلالها. فطيلة السنوات الماضية، كانت هذه الثروات مهملة، وتتعرض للسرقة، قبل أن تتحرك الدولة بمشروع عملاق لاستغلال هذه الرمال الغنية بالمعادن المهمة، وتتخطى استثمارات مصر في الرمال السوداء المليار جنيه لتحقيق حلم دام أكثر من حوالي 90 عامًا، بالتعاون بين الشركة المصرية للرمال السوداء كشركة مساهمة مصرية، ومحافظة كفرالشيخ كعضو مساهم بهذه الشركة، مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وهيئة المواد النووية، وبنك الاستثمار القومي، والشركة المصرية للثروات التعدينية.

وأكدت الدراسة، أن مصر تحرص منذ عام 2014 على تحقيق الاستغلال الصحيح لكنوزها، وفي مقدمتها الرمال السوداء، والتي كان يتم استخدامها في السابق للبناء. الآن أصبح تحول مشروع الرمال السوداء من مجرد طموحات إلى مشروع حقيقي على أرض الواقع، حيث أنشأت الدولة الشركة المصرية للرمال السوداء بهدف تعظيم الاستفادة الاقتصادية، ومن خلال الالتزام بمعايير السلامة البيئية والصحية عالميًا، وتحقيق القيمة المضافة للرمال السوداء. 

ولكن لماذا تُمثل الرمال السوداء مشروعًا استراتيجيًا للدولة المصرية؟.

وتطرقت الدراسة للتعريف بالرمال السوداء، وهي رواسب شاطئية سوداء ثقيلة، وهي معادن كثيفة تبلغ كثافتها النوعية نحو حوالي 2.8 بالمقارنة مع معدن الكوارتز الذي تبلغ كثافته النوعية نحو حوالي 2.6 تأتى من منابع النيل وتتراكم على بعض الشواطئ، وتسمى بهذا الاسم لأنها يغلب عليها اللون الداكن لاحتوائها على الكثير من المعادن الثقيلة. 

وتتركز الرمال السوداء على الشواطئ بفعل تيارات المياه التي تصبها الأنهار في البحر، وتتكون من المعادن الثقيلة، وخاصةً معدني الماجنتيت والإلمنيت، وتستغل كخامات للحديد.

كما تناولت القيمة الاقتصادية للرمال السوداء، فتوجد المعادن الثقيلة في الرمال ضمن أحجام مختلفة، ومن المتعارف عليه أن هناك علاقة عكسية بين الوزن النوعي للمعدن والحجم الحبيبي للرمال الحاضنة للمعادن، ويعتمد وجود وتوزيع المعادن الثقيلة في الترسبات الرملية على عدة عوامل منها: صفات موروثة مثل شكل الحبيبات ودرجة التحبب، ومقاومة المعادن لعملية الحت الميكانيكي أثناء عملية النقل، والحجم الحبيبي للمعادن الثقيلة في صخور المصدر، والوزن النوعي للمعدن حيث بزيادة طاقة المياه الحاملة للرمال تزداد القدرة على الحمل.

ومن الصناعات التي تدخل فيها الرمال السوداء قوالب الطائرات، وهياكل السيارات والطائرات، والعربات المصفحة والعربات الحربية، وقضبان السكك الحديدية والكثير من الصناعات الثقيلة، وصناعات السيراميك والبلاط والمنظفات، وصناعة المواد الحرارية والمطاطات، ومواد الصنفرة، خاصة صنفرة الحوائط، والأرضيات عالية التقنية، وصناعة الزجاج والكريستال، وصناعة المعدات الرياضية، وصناعة أدوات التجميل، والدهانات، وصناعة البورسلين، والخزف، وأواني الطهي.

وحول استراتيجية مصر للاستفادة من الرمال السوداء، فهى تعد من الأفكار المتميزة لاستثمار تلك الثروة المنسية وتعظيم الاستفادة منها، حيث ستتم الاستفادة من الرمال السوداء في إطار ما لدى الدولة من رؤية واضحة للنهوض بقطاع التعدين وزيادة مساهمته في الدخل القومي بما يتناسب وحجم الثروات التعدينية التى تزخر بها مصر، والرؤية الاستراتيجية للتعدين التى تتوافق مع رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير مشروعات تعدينية ذات قيمة مضافة أعلى يترتب عليها توفير فرص عمل، وإضافة حلقات صناعية، وجذب استثمارات جديدة مباشرة، خصوصًا أن مصر تمتلك ميزة تنافسية مهمة، وهى توافر بنية تحتية قوية تعمل مصر على تطويرها باستمرار، ومرونة للمستثمرين في النشاط التعديني سواء في أعمال النقل والتصنيع والإنتاج وتوافر الطرق والكهرباء والموانئ.

وتطرقت الدراسة للهدف من إنشاء الشركة المصرية للرمال السوداء وهو  تعظيم الاستفادة الاقتصادية من مشروع استغلال المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء، مع ضرورة الالتزام بمعايير السلامة البيئية، والصحية المتبعة عالميًا، وتحقيق القيمة المضافة للمعادن المستخلصة، مع تحقيق الاستفادة القصوي للموارد المصرية الطبيعية، وخلق استثمارات جديدة تعمل على تنمية وتطوير الاقتصاد المصري وتقدمه.

وأشارت إلى أنه في عام 2019 صدّق الرئيس عبدالفتاح السيسي على القانون رقم 8 لسنة 2019 بالترخيص لوزير الكهرباء والطاقة المتجددة في التعاقد مع هيئة المواد النووية والشركة المصرية للرمال السوداء والذي يهدف إلى:

● البحث عن استكشاف وتعدين وتركيز المعادن الاقتصادية والمنتجات الثانوية من ركاز الرمال السوداء.

● الاستغلال الأمثل لها على مستوى الجمهورية.

● اعتزام مصر البحث عن المقدرات الثمينة من الرمال السوداء. 

● انطلاق التوجه نحو الاستفادة من تلك الثروات، التى تدر عوائد اقتصادية ضخمة.

واختتمت الدراسة أن الاستغلال الأمثل للثروات التعدينية في أي من الدول يتطلب أمرين: الأول ضرورة تعظيم دور التكنولوجيا وتطوراتها المستمرة في كيفية تعظيم الاستفادة من الثروات والموارد الطبيعية الموجودة في باطن الأرض، والتي تحتاج إلى إمكانيات ضخمة واستثمارات كبيرة تتعدى المليارات، يمكن أن يكون للتكنولوجيا دور مهم في تخفيضها أو تقليصها، بما قد يمكن الدول التى تتواجد على أراضيها مثل هذه الثروات من استغلالها بشكل وطني. 

والثاني هو ضرورة تغيير النظرة إلى مشروعات التعدين من مجرد مشروعات اقتصادية وتجارية تدر العوائد والرسوم النقدية لخزانة الدولة، إلى اعتبارها مشروعات قومية كبري تساعد على خلق قيمة مضافة وتنعكس آثارها على خفض فاتورة استيراد البلاد وتساعد على رفع معدلات نمو الناتج القومي وتعمق الصناعات المحلية.