رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«نادر زهران».. بطل جديد لروايات الرعب على خطى أبطال «أحمد خالد توفيق»

الحظرد
الحظرد

انتهيت من قراءة ثلاثية «الملعون- الكتاب الأعمى- الحظرد» للكاتب «محمود صلاح» الصادرة عن دار نون.

تلك الثلاثية هى باكورة أعمال الكاتب، وتصنف من روايات أدب الرعب. فى الرواية الأولى «الملعون» نجد أنها تحكى عن شخصية «نادر زهران» القريبة إلى الواقع إلى حد كبير، والتى يحكى فيها الكاتب عن عمله وتعليمه وحياته وحب بطله للقراءة والمعرفة، والذى يدفعه شغفه للتورط بالقراءة فى كتاب عن السحر ظنًا منه أنه مجرد كتاب دجل، إلا أنه ولسوء حظه كتاب فى عالم الماورائيات يسمى «الكتاب الأعمى»، وبسبب قراءته الجاهلة يتسبب فى فتح أبواب شيطانية تحيل حياته إلى جحيم. الرواية مكتوبة بأسلوب السرد بالفصحى والحوار بالعامية التى تناسب حى شبرا الشعبى واختلفت طريقة الحوار مع اختلاف المكان حينما سافر إلى الأرياف، مما خدم اندماج القارئ فى الجو العام للرواية، ولكنى ما زلت أعيب على الكاتب استخدام السباب العامى فى الحوار، فكان من الممكن تلافيه ولم يكن ذلك ليقلل من أهمية الحوار فى شىء.

تتميز الرواية بالسرعة المقننة فى الأحداث، مما يرفع الملل عن القارئ ويضع مكانه عنصر التشويق، واستطاع الكاتب أن يرسم مشهد الصراع فى النهاية بشكل يحفز الأدرينالين فى الدم من فرط التشويق وسرعة المفاجأة، وأيضًا فى مشهد السيدة الممسوسة تشعر وكأنك تحضر تلك الجلسة. فالكاتب برع فى استخدام أدواته وأخذ القارئ معه فى جولة يسمع ويرى ويشعر بخوف وتخبط وحيرة البطل.

تناول الكاتب بشكل سريع بعض المعلومات الماورائية كالإسقاط النجمى وقبائل الحن والبن وصراعها مع الجان والشياطين قبل خلق آدم وعصر الفاحمين، وكل تلك المعلومات سيأتى ذكرها بالتفصيل فى باقى الأجزاء التالية للرواية.

نأتى للسلبيات وهى قليلة بالمقارنة بالإيجابيات. فالملاحظ تأثر الكاتب فى هذا الجزء بشكل كبير بطريقة كتابة العراب «د. أحمد خالد توفيق»، كما أن تغيير بعض أسماء الشخصيات أحدث عندى بعض الارتباك، فـ«عبدالله» أصبح «مصلح» ثم عاد «عبدالله»، و«أسامة» أصبح «هشام». ولكن تلك السلبيات تحسنت فى الأجزاء التالية.

الجزء الثانى من الثلاثية كانت رواية «الكتاب الأعمى»، سنجد «نادر زهران» يواجه مرحلة جديدة من لعناته المترتبة عن قراءته فى كتب السحر دون إدراك منه لمدى خطورتها كما أسلفنا القول. 

تبدأ الرواية بمشاهد قاسية من القاهرة فى زمن الشدة المستنصرية، حيث رسم الكاتب مشاهد عنيفة شديدة القسوة توضح مدى فظاعة الأحداث، وكيف عاش الناس فى ذلك العصر الدموى وكأنهم غيلان متوحشة. ثم تنتقل الرواية إلى شخصية «نادر زهران» فى العصر الحالى بعدما عانى من مرارة احتجازه فى مستشفى الأمراض العقلية، بسبب حكاياته التى رآها الناس هلاوس مجنون، وعليه فعندما خرج تحاشاه القريب والبعيد مخافة جنونه ومخافة شائعة أنه ممسوس، حتى يقع فى يده الكتاب الأعمى، وهو كتاب أملاه الشيطان على رجل ضرير فكتبه. كتاب آخر من كتب السحر واللعنات المميتة. وعن طريق ذلك الكتاب تضاف إلى بطل الرواية لعنات أخرى وتُفتح له أبواب جديدة من عوالم الرعب. 

الرواية مكتوبة بأسلوب الفصحى فى السرد والعامية فى الحوار كما الجزء الأول. ولكن من الملاحظ تطور أسلوب الكتابة عن الجزء الأول وتطور حبكة الرواية وترابطها، كما أن رتم الرواية كان يتميز بسرعة تتناسب مع سخونة الأحداث وتشويقها. محبى الرعب والأشباح والدموية، ستجدون فى تلك الرواية الكثير من المتعة. 

الرواية بها تفاصيل ومعلومات ماورائية كثيرة، أعتقد أنها كانت تحتاج لمزيد من التفاصيل حتى تكون وجبة مشبعة أفضل من ذلك.

الجزء الثالث كانت رواية «الحظرد» وهى تحكى عن شخصية الحظرد، وهى شخصية خيالية أنشأها كاتب الرعب الأمريكى «لافكرافت» بعدما قرأ ألف ليلة وليلة. قال «لافكرافت» إن الحظرد شاعر مسلم سافر وارتحل فى عدة أماكن وقضى عشر سنوات فى صحراء الربع الخالى، حيث يقال إنها مأوى وموطن الجن والشياطين. فاختلط بهم وعرف كل أسرارهم وكتب عنهم كتاب العزيف، وهو كتاب خيالى غير موجود.

فى الجزء الثالث من تلك الثلاثية يعرض الكاتب شخصية بطله الممتدة «نادر زهران» بعدما وقع بين يديه الكتاب الأعمى وقرأه. فانفتح أمامه صراع جديد ومواجهة جديدة مع الحظرد شخصيًا، الشخصية سيئة السمعة والأكثر رعبًا. أيضًا اعتمد الكاتب نفس نهج الجزءين السابقين من حيث السرد بالفصحى والحوار العامى. ولكن مع تطور أكثر فى أسلوب الكتابة والحبكة عن الجزءين السابقين. الرواية عبارة عن مغامرة جديدة شائقة سريعة جدًا إلى حد قراءتها فى جلسة واحدة، ولكن يعيبها بعض الأخطاء الأسلوبية، ويعيبها أيضًا سرعتها، فهناك أحداث وخصوصًا المواجهات كانت تحتاج إلى مزيد من السرد والتفاصيل، لكنها فى المجمل وجبة رعب خفيفة لها فكرة جديدة ومختلفة.