رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نادى عيون نصر

حالة من الجدل ما بين معارض ومؤيد لإعلان إيبارشية كنائس وسط القاهرة بقيادة الأنبا روفائيل عن إنشاء نادي عيون مصر"تحت التأسيس"؛ للمشاركة في الدوري العام لكرة القدم بالدرجة الرابعة، وفتح باب الالتحاق بالنادي في الكثير من المستويات العمرية لجميع المصريين.
المؤيدون منهم من يؤيد الفكرة كرد فعل عن الذي يحدث للأقباط منذ سنوات طويلة داخل الأندية المصرية، دون أي إجراء تتخذه الدولة للتدخل ومعالجة هذا الأمر الذي له تأثير على ثقافة المواطنة واللحمة الاجتماعية، والآخر يؤيد من باب أنها تجربة رياضية اجتماعية ستفيد المجتمع والكرة المصرية على شاكلة تجارب أخرى أفادت المجتمع، مثل مدارس الراهبات والمستشفيات التي خدمت المجتمع دون تمييز ديني.
المعارض منهم من يعارض الفكرة لأنها ستسهم في انشقاق وطني وليست هي الحل الأمثل للرد علي رفض الأندية لالتحاق الأقباط بها، ومن الممكن أن تسهم تلك الفكرة عن توليد أفكار مماثلة للتيارات المتطرفة الأخرى كرد فعل، وهناك من يعارض الفكرة بأنها غير قانونية لأن القانون يمنع قيام هيئات رياضية سياسيًا أو دينيًا.
أما عن وجهة نظر إيبارشية كنائس وسط القاهرة تحت رعاية الأنبا روفائيل فجاءت على لسان القس جرجس شفيق مسئول النادي عندما صرح وقال: «إحنا هنكون موجودين في كل شارع وحارة ومركز شباب، نختار من الدورات الرمضانية ودوري الكنائس ومراكز الشباب في كل المحافظات، هدفنا الحقيقي والوحيد إننا نصنع جواهر كروية جديدة للمنتخب المصري وللكرة المصرية».
وبعيدًا عن آراء المعارضين والمؤيدين والمؤسسين، لا بد أن نغوص في العمق عن الدوافع والأسباب التي جاءت بتلك الفكرة، ونستعرض اقتراحات الحل والعلاج، فموقف الأندية الرياضية من رفض قبول الأقباط الالتحاق بها، هو نقطة في بحر تسيطر على مجراه قوة دفع تعاريج الأمواج، فالمجتمع المصري منذ سبعينيات القرن الماضي تم تهجين وتوطين ثقافة العنصرية فيه، والتي نمت وترعرعت وأصبحت ثقافة واقع تحت عباءة الشرعنة الدستورية والاجتماعية.
والخطورة تتمحور في العلاقة ما بين تلك الثقافة التي تم توطينها، وبين أنظمة الحكم السابقة والهدف الأساسي من ذلك هو الفهم الخاطئ من تلك الأنظمة التي كانت تهدف للحفاظ على كرسي الحكم، فالأمر هنا ليست مشكلة أو أزمة يتم التعاطي معها بالأطروحات التقليدية للدراسة والتشخيص والعلاج والتقييم، بل الأمر أصبح واقعًا راسخًا يحتاج إلى رؤية استراتيجية غير تقليدية لتناول العلاج على المدى القريب والبعيد.
فالأمر مرتبط كليًا بالإرادة السياسية لأنظمة الحكم في مجابهة تلك الثقافة القاتلة للمواطنة والوطن، وعبر عدة محاور يمكن البدء في العلاج أولى الخطوات التجريم الكلي لفتاوى التكفير والتطرف ضد الآخر والتى يتم نشر سمومها عبر الإعلام ومواقع التواصل، والخطوة الثانية تكون تفعيل أو صياغة قوانين منع التمييز والعنصرية في كل قطاعات الدولة والمجتمع واقترح وضع ذلك داخل مواد القانون العسكري، تلك الخطوتين تمثلان غلق محبس الماء الذي ترتوي عليه تلك الثقافة التي امتلكت الشخصية المصرية.
أما الاستراتيجية الأخرى بعيدة المدي فهي داخل التعليم والدستور، فالتعليم الحالي والسابق هو الوطن الأصيل لثقافة العنصرية والتطرف فعندما تمتلئ مناهج التعليم العلمية بمواد دينية يجبر الآخر على دراستها وحفظها دون عرض مواد دينية لذلك الآخر فهنا العنصرية القاتلة للوطن، والعلاج الحقيقي والأكيد وليس دونه علاج آخر هو وضع منهج تعليمي متطور قائم على خلق حالة من الإبداع والبحث وطرق التفكير مع دراسة مناهج تعليم مصرية مستمدة من حضارة الأجداد الذين هم مصدر الإلهام لكل الإنسانية، أما الدستور فحدث ولا حرج في مواده الحالية يرسخ وبقوة لثقافة المحاصصة الأيديولوجية للوطن، وإن كنا جادين في الحفاظ على مصر والنهوض بها يلزم وضع دستور مدني قوي يحوي ويحتوي كل المصريين دون الإشارة لأي محاصصة دينية أو اجتماعية، ويلزم أن تكون هناك إرادة سياسية لتفعيل تلك الاقتراحات المذكورة.
ورجوعًا إلى نادي عيون مصر أعلم أن الهدف غاية السمو نحو خدمة المجتمع والكرة المصرية، وقد تواصلت مع نيافة الأنبا روفائيل الذي أثق في وطنيته الغزيرة ومحبته الكبيرة لكل المصريين، وأوضح لي أن النادي هو لخدمة الجميع، وما اقترحته على نيافته هو إخراج النادي من عباءة الكنيسة وتكوين مجلس إدارة من العلمانيين بعيدًا عن رجال الكنيسة، ذلك المجلس يضم متخصصين ويتكون من مسلمين ومسيحيين، حتى لا تصطدم الفكرة بواقع يعيشه المجتمع المصري وتكون النتيجة عكسية في قيام جماعات متطرفة باتخاذ نفس الفكرة ردًا على الكنيسة.