رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ريفو».. فن المراوغة بالحب والموسيقى

ليلة مقمرة، أتعبني فيها الإرهاق وأكل شوارع القاهرة التي أعيش بها منذ 2015، وصديق بخيل غير كلمة مرور حسابه على نتفليكس، كل هذا دفعني لتصفح منصة WATCH IT، بحثًا عن عمل فني، يمر به وقتي وأنسى تعبي، حتى رأيت تلك الجملة: «ريفو: A WATCH IT ORIGINAL».

ولمن يعرف منصات الفيديو حسب الطلب، فمن المعتاد أن تنتج المنصات الكبرى، مثل Netflix، وApple TV+، وHulu، أعمالا خاصة بها، تعرض فقط على تلك المنصات، بعيدا عن الأعمال التلفزيونية وقنوات بثها المعتادة، لذا كان من اللافت أن أشاهد عملًا من إنتاج منصة مصرية، ومخصصًا للعرض على الإنترنت.

تنويه: المقال لا يتضمن أي حرق للأحداث

في تقديمها للعمل، كتبت المنصة: دراما، نوستالچيا ومزيكا، وتجربة جديدة وأحداث هتشدك، حسنا.. الأمر حقيقي، التجربة حقا مختلفة وجديدة، والأحداث «شدتني»، أحداث رحلة موسيقية بين الشرق والغرب، حب، غيرة، انتقام، مشاكل عائلية وأخيرًا حلول نفسية. 

فور أن عرفت أن "ريفو" هو قصة فرقة غنائية تسعى لتغيير شكل الموسيقى في التسعينيات؛ تحمست للعمل، باعتبار أن الموسيقى هي المفتاح لمزاجي الجيد دائمًا، وباستمرار المشاهدة قليلًا تذكرت اهتمام جيلي بالموسيقى -خاصة الروك- وما تبع تلك الفترة من خروجنا في الشوارع للغناء، وتخيل أنفسنا مكان ألفيس بريسلي، أو فرقة «بينك فلويد»، أو شارلي ريتش الذي كان يحبه كل من محبي الروك والراب والجاز والبلوز بسبب أسلوبه الانتقائي والمتغير.

قصة مسلسل ريفو نفسها تجسد فترة لطالما استمتع جيلي من مواليد نهايات الثمانينيات وما يليه بالقراءة عنها أو مشاهدة إعلاناتها. فضولنا تجاه تلك الفترة، التي تميزها قصات الشعر والملابس وصورة الرئيس الراحل مبارك في كل مكتب وإعلانات كوكاكولا المنتشرة في كل مكان والأكشاك التي تتضمن كل شيء حتى أشرطة الكاسيت والجرائد، وحبوب ريفو المسكنة للآلام، يدفعنا دومًا لمشاهدة أي عمل يرصد الماضي الذي كبرنا دون أن ندركه.

لكن المختلف في «ريفو» هنا يدركه كل عاشق للموسيقى منذ الحلقة الأولى، والمتمثل في المزج بين موسيقى موتسارت، وأغاني مصطفى قمر، وأغاني "كابتن وتينيل" بتوزيعها الجديد وإعادتها للحياة بصوت شاب، وفرقة "كوين"، وأخيرًا أغنيات أمير عيد، كل ذلك في خلطة فنية ممتعة مدتها 30 دقيقة.

أحد الملصقات الدعائية لـ مسلسل ريفو

بجانب ذلك، فالقصة مشوقة، فمريم فخر الدين (ركين سعد) التي ترفض الهجرة مع خطيبها سعيا لاستكمال قصة فرقة «ريفو»، تكتشف عن أن والدها حسن فخر الدين (محسن محيي الدين) كان متزوجًا بأخرى، وتواجه احتمالية أن يكون بطل الفرقة هو أخاها الذي تتم معالجة أمه في مصحة نفسية لكنها تفاجأ في النهاية أنها هي ابنة تلك المرأة وليس شادي أشرف (أمير عيد).

في المقابل تأتي قصة «ريفو» الذي يقع بطلها شادي أشرف (أمير عيد) في حب ياسمين رحمي (سارة عبدالرحمن) التي تحبه في المقابل، لكن من الناحية الأخرى فهناك أدهم السلكاوي (عمرو جمال) الذي يحب ياسمين (سارة) وبسبب زواجها منه لاحقًا تحاول منع إنتاج المسلسل، لكنها تفشل فيتدخل هو بعد أن أصبح رجل أعمال كبيرًا للقيام بذلك، في سلسلة من الأحداث المتشابكة التي تدفعك لاستكمال المشاهدة دون توقف.

شخصيات متعددة استحقت لقب نجم خلال أداء أدوارها في العمل، أهمها أمير عيد في دور شادي أشرف، وحسن أبو الروس في دور مدحت أباظة (المؤذن - الجيتاريست)، وصدقي صخر في سليمان أو مروان سامي. كما أن هناك بعض الشخصيات التي لم يحالفها الحظ، لكن قوة العمل ككل يمنعني من التحدث عنها في أكثر من سطرين.

العمل إجمالا رائع، بداية من الفيديوهات الترويجية وانطلاقًا من شريط التترات والموسيقى المصاحبة له، ومرورًا بالسيناريو، وحتى كادرات التصوير وجودتها ودقتها، وأخيرًا نستطيع أن نقول إن WATCHIT هي منصة استطاعت صناعة عمل درامي من قصة داخل قصة بإمكانيات عالمية على أرض مصرية.

مسلسل عظيم وجميل كـ«ريفو» لا يمكن أن ينتهي بدون أن يخرج لنا قطعًا فنية فريدة إضافية، إلى جانب العمل نفسه، هنا يأتي دور أمير عيد، الذي قدم عددًا من الأغاني الجديدة الجميلة، ورغم أن تلك تجربته التمثيلية لا تزال في بدايتها؛ فإنه فنان جميل، اختار الدور الجيد المناسب له، ولمسيرة حياته، ونتمنى أن يأتي يوم ونرى فيلمًا أو عملًا فنيًا عن باند «كايروكي».

لكن الأمر لا يخلو من الأخبار السيئة، فالمسلسل مثلًا 10 حلقات فقط، وهو أمر سيئ لعشاق الأعمال الطويلة مثلي، والحلقة نصف ساعة فقط، وهو ما يجعلك تتعمد مشاهدة الحلقات بمعدل بطيء، خوفًا من انتهاء تلك المتعة والتسلية في يومين فقط إذا كنت تشبهني، أو في أسبوع على أقصى تقدير إذا كنت ستشاهد حلقة واحدة يوميًا وفي نهاية الأسبوع تلتهم باقي الدقائق. 

من المؤكد أن «ريفو» باند ليس حقيقيًا، لكن بالتأكيد قصة المسلسل تحمل شيئًا كبيرًا من حقيقة ما.. والسؤال هنا: هل يمكن أن نعتبر مسلسل ريفو بداية لسلسلة من الأعمال تكشف لنا كنوز الموسيقى في الماضي.