رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الإجهاض أونلاين».. وصفات وعقاقير مجهولة تعرض حياة النساء للخطر

الإجهاض
الإجهاض

داخل غرفتها الصغيرة، جلست «منار.ع» لتفكر في مستقبلها المشوه، بعد أن عادت من المستشفى التي اصطدمت فيها بخبر حملها في الشهر الثاني، وظلت تتسائل عن مصير الطفل المجهول، كونها مطلقة لا تملك سوى المنزل الذي حصلت عليه من زوجها السابق.

ترددت الفتاة العشرينية كثيرًا قبل أن تخبر طليقها بالمولود الجديد، ظنًا منها أنه قد يعود إليها، وبالفعل حملت هاتفها لتخبره، وكان رده أشد صدمة، حين رفض الحديث حول الأمر، وأبلغها بعدم اعترافه بالجنين، قائلًا لها بنبرة سخرية: «أنا لا هصرف عليكي ولا على ابنك».

وصفت «منار» تلك اللحظة القاسية: «لم أستطع حينها إبلاغ ذوي بحملي، وبعد تفكير عميق قررت التخلص من الجنين بأسهل طريقة ممكنة، وأول شئ فعلته هو التصفح بمواقع التواصل الاجتماعي عن كيفية الإجهاض، واطلعت على العديد من الوصفات والعقاقير المختلفة، لأقرر في النهاية اتباع واحدة منهم». 

غير آمن
وفقًا لآخر تقارير منظمة الصحة العالمية، تبين أن عمليات الإجهاض غير المآمنة تسببت في وفاة نحو  39 ألف امرأة كل عام، فضلًا عن تعرض ملايين إضافية من النساء للخطر ودخولهم المستشفيات بسبب المضاعفات.

وبلغت نسبة الوفيات في أفريقيا 60%، وكانت 30% في دول آسيا، وبالأخص في البلدان الأقل دخلًا والأشد ضعفًا، من بين 25 مليون عملية إجهاض غير آمنة كل عام.
 

طريق مسدود

«منار» كانت إحدى ضحايا الوصفات المجهولة لعمليات الإجهاض، التي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون رقيب، ولجأت لها كونها تعلم جيدًا مدى قانونية الإجهاض في مصر، واختارت أن تنفذ العملية بنفسها داخل غرفتها، ودون أن يلاحظ أحد أي شئ.

تقول الفتاة في حديثها لـ «الدستور»: «حاولت الحصول على عقاقير إسقاط الحمل، لكني تعرضت لاستغلال واضح، فبمجرد أن دخلت المجموعات السرية التي خُصصت لعرض الحلول حول هذا الأمر، وسألت عن إمكانية إجهاض الجنين، تواصل معي العديد من الأشخاص ليعرضون بيع عقاقير مختلفة لم أعلم عنها شئ، وشعرت بالخوف الشديد إذ تناولتهم، بل وكانوا يطلبون مبالغ مالية كبيرة وصل قدرها لأكثر من 800 جنيه».

وفي مجموعة أخرى، وجدت «منار» ما تريد، إذ عرض عدد من الأشخاص مجموعة وصفات عشبية يمكن تناولها لإتمام عملية الإجهاض، وبالفعل اتبعت الفتاة تلك الوصفة، لتجد نفسها في النهاية وسط أزمة أشد كارثية، حين تعرضت لنزيف حاد وجلطات دموية في الرحم، فضلًا عن عدم نجاح مبتغاها.

في عام 2018، كشف تقرير صادر عن معهد غوتماكر، أن نحو 45% من عمليات الإجهاض على مستوى العالم تُعد غير آمنة، وتموت أكثر من 22 ألف امرأة سنوياً، وتعاني 7 مليون امرأة من مضاعفات الإجهاض غير الآمن، كما أن 97% من هذه العمليات تحدث في البلدان النامية.

الإجهاض المنزلي 
ومن جانبها، قال الدكتورة أمل خيرالله، إخصائية أمراض النساء والتوليد، إن عمليات الإجهاض المنزلي تُعد من الممارسات الخطيرة التي تعرض حياة النساء للخطر، ولا ينبغي اتباع مثل هذه الطرق إلا في حالة أن الجنين يشكل خطرًا كبيرًا على حياة الأم إذ استمر الحمل، وفي هذه الحالة يجب تدخل الأطباء المختصين، تجنبًا لحدوث مضاعفات خطيرة.

وأوضحت: «تتمثل هذه المضاعفات في حدوث نزيف دم حاد، والتعرض للتسمم إثر استخدام الوصفات العشبية المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والإصابة بأمراض الكبد، والندوب الدائمة للرحم، وفي أغلب الحالات يصل الأمر إلى الوفاة».

أشارت إخصائية أمراض النساء والتوليد أيضًا، إلى أن طرق الإجهاض المنزلي قد لا تنجح في إسقاط الجنين، بل تجعله مشوهًا نتيجة تعرضه للخطر، وتحرم الأم من الإنجاب مرة أخرى؛ وذلك يحدث بسبب الأعشاب والعقاقير المجهولة التي يتم تداولها مؤخرًا.

وجهت الطبيبة في ختام حديثها بضرورة التصدي بشكل أمني لجميع المروجين لوصفات الإجهاض المنزلي، لما يتسببوا فيه من خطر كبير على حياة الأمهات والأطفال.

جريمة واضحة

نظم القانون المصري الإجهاض بالمواد 260 وحتى 263 تنظيمًا شاملًا، فهى قد تكون جنحة حين تقرر الحبلى بنفسها أو برضاها تناول ما يعمل على إجهاضها أو بمساعدة غيرها ولو بالإرشاد عن وسيلة للإجهاض، وتُعد من الفاعلين الأصليين فى الجريمة.

 وتنص المادة 261 بالحبس من 24 ساعة إلى 3 سنوات، على كل من أسقط عمدًا امرأة حبلى بإعطائها أدوية، أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك، أو بدلالتها عليها، سواء كان برضاها أم لا، يعاقب بالحبس، لكن إذا اقترن الإجهاض بالعنف أو كان الجانى طبيبا أو قابلة، تتحول الجريمة إلى جناية عقوبتها السجن المشدد بين حديه 3 و15 سنة.