رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاختيار 3.. بين الواقع والخيال «14»

تسريبات الاختيار كشفت أمراء الكراهية

أهم ما تكشفه تسريبات «الاختيار» كيد المتأسلمين لبعضهم البعض وسعيهم لإلحاق الضرر بمنافسيهم

مرسى ظل يتاجر بثورة يناير ثم اتضح أن رأيه فى شباب الثورة أنهم أفاقون وأن عدد من شاركوا فيها ٥٠٠ أو ٦٠٠ ألف 

أبوالفتوح يكره الشاطر والشاطر لا يعترف بأبوإسماعيل وأبوإسماعيل لا يحترم الاثنين.. ملخص تسريبات «الاختيار»

أهم ما فى حلقات «الاختيار ٣» المشاهد التوثيقية فى كل حلقة.. فى ختام كل حلقة يُذاع مشهد توثيقى لواحد من رموز الإخوان وكأنه مسك الختام.. وهو عادة ما يكون مشهدًا فاضحًا.. كاشفًا.. يمسك بلحظة يظن صاحبها أنها ستمر مرور الكرام وأنه سيوصل بها رسالة هامة لمن يهمهم الأمر وستمضى الأمور فى الاتجاه الذى يريد.. على أن أهم ما كشفته هذه المشاهد هى حالة التنافس والكراهية بين مَن يطلقون على أنفسهم لفظ «الإسلاميين» أو «أصحاب الأيدى المتوضئة».. ويظهرون أنفسهم للناس وكأنهم ملائكة تمشى على الأرض.. وأنهم لا ينتمون لهذه الدنيا.. والحقيقة أنهم أهل دنيا لا أهل دين.. وأهل مصلحة لا أهل مبدأ.. وأهل طمع لا أهل زهد.. وأنهم يكرهون بعضهم البعض ربما أكثر مما يكرهون الآخرين.. فمكتب الإرشاد يرى أن عبدالمنعم أبوالفتوح انتهازى، وأنه مفرق لصفوف الجماعة، وأنه مُحرف ومنحرف وأنه ليس على شىء وأبوالفتوح يرى أن مكتب الإرشاد الذى يسيطر على الجماعة يتسم بالجهل والسطحية والجمود والانتهازية، وأنهم سرقوا فرصته فى زعامة الجماعة وتآمروا لإخراجه منها، وأن خيرت الشاطر بقّال متآمر.. فى حين يرى أبوالفتوح نفسه سياسيًا مخضرمًا استطاع أن يخدع الكثيرين ويضمهم لصف الجماعة بادعاء الانفتاح والميل لليسار وغير ذلك من حركات يجيدها.. أبوالفتوح نفسه يَغير من شعبية حازم صلاح أبوإسماعيل الذى بدا مثل «طفل معجزة» عقب ثورة يناير ٢٠١١، والتف حوله الآلاف من الإرهابيين الصامتين فى ظروف غير مفهومة، فى حين أنه كان مجرد نكرة فى سنوات السبعينيات والثمانينيات التى تصدّر فيها أبوالفتوح المسرح وأوكلت له فيها مهمة إعادة تأسيس الجماعة والاستيلاء على النقابات والتنسيق مع المخابرات الأمريكية لدعم الجهاد فى أفغانستان.. إن الأمر لا يقتصر على مشاعر الغيرة الشخصية بين أمراء الكراهية المتنافسين على الحديث باسم الإسلام.. ولكنه يمتد إلى عقيدة كل منهم الشخصية، فهم فى داخلهم تكفيريون.. يرى كل منهم أنه يجسد الإسلام الصحيح وأن الآخر ليس على شىء أو بمعنى أصح كافر.. خارج من الدين.. فاسد العقيدة.. حتى لو لم يصرح بذلك أو لو أجل الإعلان عنه.. والحقيقة أن هذه مشكلة الجماعات الإسلامية كلها.. منذ تحول الإسلام من دين إلى وسيلة لتلبية الطمع فى الحكم.. وهى قصة قديمة ومريرة.. أعاد حسن البنا إحياءها.. فهو كان يتهم علماء الأزهر بالتقصير فى حماية الدين.. واتهمه شباب جماعته بنفس التهمة وكوّنوا جماعة أسموها «شباب محمد»، لأن الإخوان من وجهة نظرهم خارجون عن الدين.. والإخوان قتلوا النقراشى والخازندار لأنهما من وجهة نظرهم كفار.. وشكرى مصطفى رأى أن جماعة الإخوان فاسدة كافرة.. والظواهرى سجل مخالفات الجماعة الشرعية فى كتاب أسماه «الحصاد المر».. وبعض السلفيين يكفّرون الإخوان ويضربون بعضهم البعض فى المساجد.. وهكذا دواليك.. إن أول هذه المشاهد كان فى حلقة المسلسل السابعة، حين ظهر المرشد العام للجماعة يسخر من عبدالمنعم أبوالفتوح ومن قراره الترشح للرئاسة ويقول إنه رفض رغبته فى الترشح.. وطلب منه أن يترشح نقيبًا للأطباء.. ووعده أن يسانده ليصبح رئيسًا لاتحاد المهن الطبية! لكن اللقمة التى ألقاها الإخوان كانت أصغر من طموحات عبدالمنعم أبوالفتوح.. أو أصغر مما أقنعه به مستشار حاكم دولة عربية أخذ على عاتقه فكرة توليد تحالف يجمع بين اليسار والإخوان المسلمين، ووقع اختياره على عبدالمنعم أبوالفتوح ليجسد الفكرة فى مصر.. أما أبوالفتوح نفسه فقد ظهر فى الحلقة الثالثة عشرة ليقول إنه غير مقتنع بحازم صلاح أبوإسماعيل، ولا يرى أنه يصلح للترشح من الأساس، وإنه لم يكن يعرف بقصة الجنسية الأمريكية لوالدته لكنه سعد بها.. إنه لا يقول هذا الرأى فى لقائه بقادة الجيش المصرى لوجه الله ولا عفو الخاطر.. إنه يطعن فى منافسه ليزكى نفسه.. ويتهمه بعدم العقلانية ليُظهر نفسه فى صورة العقلانى.. الرزين.. العملى.. الذى يجب أن يحظى بتأييد المؤسسة العسكرية دون غيره من المرشحين «الإسلاميين» أو الذين يدّعون أنهم «إسلاميون».. على أن حالة التسفيه من الآخرين.. والتشكيك فى جدارتهم لم تقتصر على مَن يدّعون أنهم إسلاميون فقط.. لكنها انتقلت لمن ادعى الإخوان أنهم «شركاء الثورة»، حيث يظهر محمد مرسى فى نهاية الحلقة الخامسة عشرة.. على نفس الكنبة الشهيرة ليسجل موقفه الحقيقى من بعض أطراف ثورة يناير التى طالما ادعت الجماعة الحديث باسمها.. وسرقتها من المواطن العادى الذى كان يرغب فى الأفضل.. فالذين قاموا بالثورة من وجهة نظر محمد مرسى «خمسمية أو ستمائة ألف بالكثير»، أما قادتها والمتحدثون باسمها فهم «عيال بتقبض.. أومال بياكلوا منين؟».. وهو لا يكتفى فقط بتسفيه من يتحدث عنه لكنه أيضًا من طرف خفى ينفى التحالف بين الإخوان وبين ٦ أبريل.. وهو تحالف له علامات وآمارات ودلائل وكأنه يظن أن من يحادثهم لا معلومات لديهم.. رغم أن عملهم الأول هو المعلومات.. مساكين الإخوان فعلًا.. وكلما شاهدت تسريبًا لأحد قادتهم تأكدت أنه يجب محاكمتهم بتهمة «الغباء السياسى» قبل أى تهمة أخرى، على حد تعبير الراحل أحمد زكى فى فيلم السادات.. مساكين فعلًا.