رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المرشحون للرئاسة بين المعارضة والنفاق


فالنفس تعتاد وتألف حتى بعض السلبيات فلا تراها سلبيات بعد أن تألفها، والبيروقراطية فى مصر ذات جذور ويحتاج الخروج منها إلى إعادة هيكلة كاملة للدولة ومؤسساتها،

لا شك أن الفترة الانتقالية فى مصر بعد ثورة يناير 2011، قد امتدت أكثر من المتوقع وكانت أعنف من المأمول، وذلك لأسباب عديدة، ليس هذا مجال تعدادها، يؤكد ذلك وقوع ثورة 30 يونيو 2013 التى لا يزال يراها البعض انقلاباً عسكرياً رغم أن المجلس العسكرى ممثلا للقوات المسلحة وقف إلى جانب الثورتين وهذا من فضل الله تعالى، ولولا ذلك لوقع ما لا تحمد عقباه فى ضوء الظروف القاسية التى تمر بها مصر وفى ضوء الاستبداد والظلم والفساد الذى شهدته مصر خلال حكم مبارك.. ستكتمل قريباً الاستعدادات والإجراءات اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية المحدد لها 26، 27 من مايو القادم 2014.لاحظت ملاحظتين على المرشحين الكبيرين للرئاسة حمدين صباحى والسيسى، الملاحظة الأولى منهما تتعلق بخروج بعض المعارضة فى تعليقاتهم وخصوصاً الإسلامية عن حدود اللياقة والخلق القويم الذى يجب أن يتحلى به العاملون فى التنافس السياسى، خصوصاً إذا كانوا ممن يزعمون تمثيل التوجهات الإسلامية أو الحركة الإسلامية، والملاحظة الثانية تتمثل فى بروز بعض المتسلقين والمنافقين حول المرشحين للرئاسة ممن أجادوا – كما يقول العرب – الأكل على كل الموائد، بعضهم يرضى بالفتات وبعضهم من اللصوص الذين لا يُشبع نهمهم ما يسرقون، مهما كان فاحشاً، وقد مكنتهم تلك السرقات والنهب والفساد من التأثير فى المجتمع إعلامياً واقتصادياً، وبعلاقات بعضهم الخارجية حتى مع أعداء الوطن.تنطبق الملاحظتان على المشير السيسى بشكل أوضح لأن المعارضة خاصة الإسلامية تراه قد وقف فى طريقها وحدد طموحاتها، وانقض على الشرعية المزعومة، ولو نظر هؤلاء نظرة موضوعية بعيدة عن الحب والكره،لو نظروا إلى الصورة الكاملة داخلياً وإقليمياً ودوليا ووضعوا مصلحة مصر العليا فى مقدمة الأولويات، لأدركوا صورة أخرى غير التى شكلت عقولهم ودفعت بهم إلى صراع عنيف يدمر فى مصر كثيراً، ولا يمكن أن يعيدهم ولا أن يعيد إليهم الشرعية المزعومة.كما استخدموا الفيس بوك وتويتر والإعلام الذى يستخدمونه أو يستخدمهم إلى فيما يؤكد البعد عن القيم الإسلامية العظيمة، بما فيه من سباب وشتائم ولعن وطعن لا يمكن أن يكون له علاقة بأى من الأديان السماوية فضلا عن الأخلاق النبوية الكريمة.وأبرز مثال على ذلك «الهاشتاجات» القبيحة التى اخترعتها المعارضة وذاع صيتها، بعد أن كانوا يرون السيسى هدية السماء لمصر.لرفع الظلم والمظالم طرق، واسترداد الحقوق له وسائل، ليس من بينها أبداً الانحدار الأخلاقى أو الخروج عن إطار السلوك القويم.نأتى هنا إلى الملاحظة الثانية التى تتعلق بالنفاق والمنافقين حول المسئولين وخصوصاً المسؤل الأول أو من يملك العطاء والمنع فى الدنيا فى وقت من الأوقات. أقول دائماً إن هناك ثلاث سلبيات تحاول دوماً أن تفسد عمل من يريد الإصلاح. الأولى هى النفاق الذى يزيد الفساد والطغيان والظلم ويحلل الحرام ويحرم الحلال، وقد شهدنا كثيراً من ذلك معظم مدة حكم مبارك، وأصحاب ذلك العهد من المنافقين يحاولون اليوم الاستفادة من التخبط الذى صاحب الفترة الانتقالية، وقد استبعد المشير السيسى نفراً من هؤلاء عند اختيار حملته للانتخابات الرئاسية القادمة، والأهم استبعاد هؤلاء بنفاقهم بعد الانتخابات لما يتركونه من آثار مدمرة على الحكم والحاكمين بل على الوطن بأكمله.السلبية الثانية فى ظنى، هى البيروقراطية، فالنفس تعتاد وتألف حتى بعض السلبيات فلا تراها سلبيات بعد أن تألفها، والبيروقراطية فى مصر ذات جذور ويحتاج الخروج منها إلى إعادة هيكلة كاملة للدولة ومؤسساتها، وليس فقط الوزارات المعنية بالأمن كما يطالب البعض بذلك.السلبية الثالثة هى اختيار بين عدة سلبيات يمكن أن تؤثر تأثيراً سيئاً فى المستقبل تدخل ضمن سلسلة سوء الأداء وتراكم الاخطاء، وهى ضعف أو سوء ترتيب الأولويات فتقدم الهامشيات فى العلاج، وأبرز مثال لذلك فى العقلية المصرية العامة هو الحرص على أداء السنن أكثر من الحرص على بعض الفرائض، ويتمثل ذلك فى قول الشاعر:

إن المدرس والطبيب كلاهما إن بدا لهما مرضان داوا الأخطرا

والله الموفق