رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسطورة مجدي يعقوب.. وقصة المفاجآت الخمس في حياة إرهابي مصري

جريدة الدستور

كشف صبرة القاسمي، المنسق العام للجبهة الوسطية، والخبير في الحركات الإسلامية والجهادية، حقيقة إنقاذ الجراح العالمي مجدي يعقوب لحياة إرهابي محكوم عليه بالإعدام في السجون المصرية.

وقص القاسمي في مقال له بمجلة أكتوبر اليوم، بعنوان "أسطورة مجدي يعقوب " تفاصيل الحكم علي أحد الإرهابيين بالإعدام في جريمة ضد الأقباط في أوائل تسعينيات القرن الماضي.. شارك في الهجوم بعد سرقة الأقباط.

وفجر القاسمي خمس مفاجآت عقب ضبط الإرهابي..

المفاجأة الأولي: أثناء الكشف الطبي على الإرهابي تبين أنه مرض مرضا شديدًا.. استلزم ذهابه لمستشفى السجن.. لإجراء التحاليل الطبية اللازمة التي كشفت الحقيقة، فالرجل لن يعيش سوي شهور لن تتجاوز أصابع اليد الواحدة.. ولن يتحمل قلبه وخاصة مع وجوده في السجن، وحياته معرضة للخطر.

وقدمت الحكومة الاستئناف بحسب القانون فالدولة تستأنف نيابة عن المحكوم عليه بالإعدام إذا لم يستخدم حقه، وصل الأمر إلى القيادة الأمنية -المشهورة  بلقب "الأسطورة" وألقاب أخرى أهمها "الدكتور" أو"أبو الدحداح" والذي حمل ملف الرجل إلى وزير الداخلية آنذلك حبيب العادلي.. والذي أمر بدوره بعلاج "الإرهابي"علي نفقة الدولة.. وسأل الأسطورة الوزير سؤالًا يعلم إجابته: هل نعالج الرجل لنعدمه.. ابتسم الوزير قائلا: نحن لا نحيي ولا نميت الحياة والموت بيد الله.. نحن نأخذ بالأسباب.. والرجل له استئناف ما يدرينا أن لا يحكم الاستئناف لصالحه ويلغي حكم الإعدام.. علينا بالأسباب.. وهنا علت ابتسامة رضا وجه الأسطورة.. سببها أمران: رد الوزير.. ومعرفته المسبقة بهذا الرد..

 وكان مجدي يعقوب في زيارة لمصر.. فقال نعرض الملف علي الجراح العالمي..استوقفه الوزير وطلب منه أن يؤكد لمجدي يعقوب أنه في حال موافقته على علاجه فسيكون العلاج بالكامل على نفقة "الدولة".. وطلب منه ثانية أن يوضح لـ"يعقوب" أن الرجل مدان في قضايا قتل "أقباط" وله حرية الرفض أو الموافقة.. لأن له حق العلم.


المفاجأة الثانية : بعد أن رفع الأمر للأجهزة  وقيامها بالموافقة لعلاجه علي نفقة الدولة، وكان أبو الدحداح على موعد مع الجراح العالمي مجدي يعقوب ، في صبيحة اليوم التالي لعرض ملف "المريض" عليه دون ذكر تفاصيل.. قال "يعقوب" الحالة صعبة وليس لها علاج الرجل ميت.. إلا أنني مؤخرا اكتشفت علاجًا لمثل تلك الحالة ونجحت في تطبيقه خارج مصر.. وستكون تلك أول حالة أطبق عليها "العملية الجراحية الجديدة".. شكره "الأسطورة" أو "أبو الدحداح" وصمت قليلًا.. ما استدعى انتباه "يعقوب" أهناك أمر؟.. أجاب نعم.. المريض مدان بحكم إعدام.. في قضية قتل "أقباط".. أردنا أن تعرف حتى يكون لك حرية الاختيار وهذا حق علينا. 


المفاجأة الثالثة: هي أن مجدي يعقوب وافق بعد أن احمر وجه القريب من الاستطالة.. وعلىِ صوته منفعلًأ.. أنا رجل علم.. أعالج الناس جميعًا.. لا أحاسبهم على ما فعلوا أو ما سيفعلون؟.. مهامي في الحياة أن أعمل على شفاء الناس.. ولا يوجد مثل هذا الكلام في العلم.. وأنا رجل علم.

مستكملاً بصوته الهادئ  "للأسطورة" بعد أن ساد الصمتٌ في  الغرفة لثواني بدت كأنها دهور..: بنور العدرا.. وببركة المسيح.. سيُشفى الرجل".. سأتحمل تكاليف علاجه كاملة.. بشرط أن تلازمه شخصيا.. أراه غدا في مستشفى "القصر العيني" في السادسة صباحا ، وأصر على أن يعالج الرجل على نفقته الشخصية ويرسل له كافة الأدوية المطلوبة حتي الشفاء العاجل . 

غلب هاجس الخوف علي المريض.. وساءت حالته.. قال "الطبيب" لـ "الأسطورة" المريض حالته ليست جيدة.. يستلزم نقله لمستشفى خاص.. حجزت له على نفقتي الخاصة في أحد أكبر المستشفيات الخاصة المؤَهلة لمثل تلك العمليات.. والشرط سارٍ بيننا لن تفارق "الرجل" حتى يخرج سالمًا.

انتقل الرجل للمستشفى الخاص.. أجرى الجراحة.. قبيل الجراحة قال أنا أعلم سيقتلني الطبيب.. لن أفيق من البنج.. ردد ذلك في الفترة التي توسطت بين أخذه البنج وبين غفوته.. سمعها "الطبيب" وابتسم.. انتهت الجراحة.. بشر "يعقوب" "الأسطورة" الجراحة ناجحة.. سيقضي فترة نقاهة وبعدها يمكن أن يغادر المستشفى.

كان من المفروض أن يغادر "يعقوب" إلى الخارج لارتباطاته.. لم يفعل حتى انتهت فترة النقاهة وشُفي "المريض".. قبل مغادرته المستشفى.. توجه إليه "يعقوب" أعطاه حقيبة كبيرة.. أدوية عليه أن يتناولها لمدة ثلاثة أشهر بانتظام.. لا تُجهد نفسك .. بعدها افعل ما تشاء.. مارس رياضة.. تزوج.. عش حياتك أنت "طبيعي".

ويستكمل صبرا المفاجأة الرابعة في مقاله فيقول:  خففت محكمة الاستئناف الحكم على الإرهابي من الإعدام إلى الأشغال الشاقة المؤقته خمسة عشر عاما.. كتب الله للرجل النجاة من موت "القلب".. ومن الإعدام.. من فرحته كان يردد قصته بين نزلاء السجون.. أنا قاتل الأقباط.. عالجني قبطي.. كان سببًا في وهب الحياة لي من أخذت حياة قرنائه.. كنت أظن أنه سيقتلني.. وللطب حيل ووسائل كثيرة. 

في محبسه حَسُنت أخلاقه.. وكان مثاليًا بين قرنائه.. لم تصدر منه شكوى.. ولم يشكُ منه أحد.. أنهى فترة حبسه.. وأنهى فترة مراقبته.. وعاش حياته كما راقت له.. وهنا راق له أمر اختلف عما "تعلمه" من درس التسامح الذي صنعه فيه مجدي يعقوب.

ويختم "صبرا القاسمي" المفاجأة الخامسة: وهي أن "مجدي يعقوب" لم يحك  تلك الأحداث لأحد.. لم يتناولها في مذكراته.. أو في حواراته الصحفية والتليفزيونية.. لم يذكرها لجلسائه حتي في جلساته الودية.. لم يستغلها.. صانعًا بذلك أسطورة مجهولة.. تضاف إلى أساطير مصرية لا يعلمها كثيرُ من المصريين.. إلا أن من شهدها أحياء يرزقون.

تحية من القلب إلى حكيم "القلب" مجدي يعقوب.