رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيرين رضا.. المُسيئة والغوغائيون

جريدة الدستور

قبل خمسة أيام خرجت الفنانة شيرين رضا، في أحد البرامج التليفزيونية متحدثة عن الأذان، ووصفه بـ"الجعير"، موجة غاضبة صاحبت تلك التصريحات، الكثير اعتبرها إساءة لشعائر الدين الإسلامي وللصلاة، منهم من طالب بمحاكمتها بتهمة ازدراء الأديان، وآخرون سارعوا في سبها وانتقادها.. فلماذا كل هذا الجدل؟

دائمًا نردد مقولة "الشعب مؤمن بطبعه"، و"كله إلا الدين"، أي أن الخطأ مسموح به في أي شيء إلا فيما يتعلق بالدين فهي مقدسات لا يمكن الاقتراب منها (غير قابلة للنقد).. الغريب أن تلك المقولات قد دفعتنا لإغلاق الباب أمام التفكير وإعمال عقولنا، أو انتقاد كل ما يؤذينا، نعم أخطأت شيرين رضا، ولكن ليس في الأذان.

شيرين رضا أخطأت في التعبير، خانها لسانها، أخطأت في وصف الصوت العالي للمؤذن بـ"الجعير" فأساءت إليه، ربما كان هناك لفظ أفضل لتعبر به عن رأيها في تلك المسألة المهمة، لكنها لم تخطأ في جوهر القضية ذاتها، نعم أغلبنا يتأذى من صوت المؤذنين غير المؤهلين لامتاع الناس بهذا النداء الطيب، بل أصبح أغلب من يتعرضون له ينفرون الناس منه.

الرسول محمد- صلي الله عليه وسلم- حينما أراد أن يُحبب الناس في الصلاة، اختار أفضل الناس صوتًا يدعوهم به إلى تلبية فريضة الله في أرضه، فكان يشتاق الصحابة والمؤمنون لسماع "بلال بن رباح"، ويفرحون لأنهم سيؤدون الصلاة، فأصبح نداء "مؤذن الرسول"، أكثر ما ينتظرونه لحلاوت صوته وحسنه.
"الأذان بصوت عال وغليظ يعتبر غوغائية، وحكم الميكروفونات في الدين أنها باطلة، مش عايزين حد يهبهب والناس مريضة وتعبانة"، كلمات مقاربة لما قالته الفنانة الشهيرة، غير أنها صدرت هذه المرة من عالم دين كبير، يشهد له الجميع بالعلم ولا يختلف عليه الكثيرون.

الشيخ محمد متولي الشعراوي، حينما قال هذه الكلمات، كان ينتقد أيضًا "الصوت السيء"، رفع الصوت لأعلى درجة حتى يتاذى منه المريض، وطالب العلم، فوجه رسالة بالغة الأهمية، دعا بها إلى الحذر عند اختيار المؤذنين، التعامل بجدية مع تلك المسألة لتحبيب الناس في الصلاة بدلا من تنفيرهم منها.

الغريب أنا ردود فعل المسؤولين عن المساجد، جاءت مؤيدة لرأي الفنانة شيرين رضا، وعلى رأسهم جابر طايع رئيس القطاع الديني في الأوقاف، الذي قال إن "المؤذنين ليسوا معصومين من الخطأ، وليسوا فوق النقد"، فهل نسمع خلال الأيام المقبلة، عن وجود قواعد لاختيار المقيمين للشعائر، وانتقاء أصوات المؤذنين، هل يُرفع الصوت بمقدار ما يحتاجه الحي أو المنطقة التي يقع فيها المسجد فقط في وقته.. هل سنرى المؤهلين في المساجد أم أن "الغوغائية" مستمرة إلى أن تقوم الساعة؟