رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد توجيهات السيسى.. خبراء يقترحون خطة للقضاء على أزمات «الباعة الجائلين»

الباعة الجائلين
الباعة الجائلين

الباعة الجائلين ظاهرة سلبية سعت الدولة منذ سنوات لتقنين أوضاعها، ورغم نجاحها في القضاء على الكثير من الأسواق العشوائية، إلا أن الظاهرة مازالت موجودة ومنتشرة خاصة في شوارع العاصمة.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال جولة تفقدية بمقر أكاديمية الشرطة، الخميس، إنه ليس مؤيدًا لفكرة وجود الباعة الجائلين في الشارع: «لست مع وجود الباعة الجائلين في الشارع، لأن وجودهم يعني بطالة وفقرًا وفرص عمل غير متاحة».

وأشار إلى أن عدد الباعة الجائلين في مصر نحو 2 مليون، وأن حل مسألتهم  في القاهرة يحتاج إنشاء محلات كثيرة وبأسعار معقولة: «نقول الـ2 مليون مفيش لهم مكان ويلا امشوا من هنا، لا محدش يعمل كده ويحل المسألة بأن الأمن يتصرف، إحنا نتصرف، المحافظ يتصرف ويجهز أماكن فاضية لعمل محلات بسعر مناسب والناس دي تقف فيها وأرقّيها وأطوّرها.. دول أهلنا».

“الدستور” تواصلت مع بعض الخبراء لبحث أسباب انتشار هذه الظاهرة، وكيفية ترخيص عمل الباعة الجائلين، واستعرضت نماذج ناجحة لدول تمكنت من القضاء على هذه الظاهرة.

خبير تنمية مستدامة: قرار الرئيس تاريخي ونحتاج لتشريعات تدعمه

قال الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية المستدامة والتطوير الحضاري، رئيس اتحاد مؤسسات أفريقيا للقضاء على العشوائيات، إن توجيهات الرئيس السيسي  بإنشاء محلات تجارية للباعة الجائلين بدلّا من الاكتفاء بمطاردة الأمن لهم حل مثالي يحتاج إلى  دراسة جدوى وتشريع لتنظيم وترخيص عملهم، مضيفًا أن هؤلاء الباعة يشكلون جزءا أساسيا من الاقتصاد غير الرسمي والذي يتعدى 2 تريليون جنيه لا يدخلون خزينة الدولة، لكن بتنظيم عمل الباعة الجائلين والمتجوّلين سيتم ضمه للاقتصاد الرسمي.

وتابع: أن قرار الرئيس  بتوفير مناطق لهم سيوفر فرص عمل للكثير من الشباب، لافتًا أن ظاهرة الباعة الجائلين ظهرت بسبب ضعف فرص العمل فيخرج الرجل بين الأطواق حاملًا سيارات خشبية يجمع بها بضاعة ويذهب لبيعها في المناطق الجديدة، والتي تتحول مع الوقت إلى أسواق عشوائية، وسط غياب لدور الأحياء والمحليات.
وأكد أن هناك فرقا بين الباعة الجائلين والمتجوّلين، فالمتجولون هم الباعة الموجودون في الأتوبيسات والقطارات ومترو الأنفاق، ويتجوّلون من مكان لآخر أما الجائلون فهم الفئة الأشد خطورة لأنهم  يفترشون الأرصفة والميادين لبيع بضاعتهم وتمكنت الدولة من تحجيم هذه الظاهرة إلى حد كبير بفعل القانون وتنظيم الأسواق العشوائية.

وعن كيفية توفير مناطق محددة للباعة الجائلين قال "من السهل توفير مناطق  جديدة لهم  في المدن الجديدة بعد عمل حصر دقيق لإعدادهم لأنها تتزايد بشكل كبير، ولكن لابد أولا من القضاء على التشابك الكبير الموجود في القوانين لأن بعضها سمح بتصاريح وقتية للباعة المتجولين، وتوفير الإرادة الشعبية لنقل هؤلاء الباعة لمناطق محددة.

وتابع أنه رغم أن الدولة نجحت نجاح باهر في القضاء على المناطق السكنية العشوائية إلا أنها لم تنفذ بعد الخطة الكاملة؛ للقضاء على الأسواق العشوائية والتي وصلت لـ1100 سوق عشوائي.

وناشد الدولة بضرورة عمل خطة تنظيمية تقوم على معايير صحية مع تنظيم عمل الباعة الجائلين في محلات مرخصة، لأن أغلب منتجاتهم من مصادر مجهولة، فلا بد من تشديد الرقابة عليهم لضمان التزامهم بالمعايير الصحية للدولة.

تجارب ناجحة للدول 

وقامت عدد من الدول بتجارب مختلفة لحل أزمة الباعة الجائلين، حيث وفرت الصين محالا صغيرة في طريق السكك الحديدية في جميع الأقاليم، على أن يحمل كل بائع جائل رقما كوديا "لوحة معدنية" لتقنين أوضاعهم وتسهيل محاسبتهم.

بينما يتم استخدام السوق في أوروبا باعتباره مظهرا من مظاهر جذب السائحين، حيث خصصت الحكومة الفرنسية في باريس طاولات لها مظلات بمنطقة الحي اللاتيني، وهي منطقة متعددة الأعراق وقامت بتنظيم تواجد الباعة الجائلين، ما أسهم في تنشيط السياحة وزيادة الإقبال على المنتجات الفرنسية التي يبيعونها.

غير أن الهند قامت بالتركيز على الحرير والمنتجات التي تشتهر بها في منطقة إقليم كشمير، وغيرها من المناطق الأخرى التي تجتذب المستهلكين والسياح.

وعربيا قررت عدة دول السيطرة على ظاهرة الباعة الجائلين بعدة وسائل منها تغليظ عقوبات البيع العشوائي في الشوارع دون ترخيص، وفي دولة الإمارات العربية، يتم فرض غرامة 10 آلاف درهم على الباعة الذين يفترشون الأرض لعرض منتجاتهم دون رقابة، وتتم دراسة زيادتها إلى 40 ألف درهم والإبعاد.

وفي الولايات المتحدة، فإن عمليات البيع تدار تحت إشراف البلديات وغرف المدن التجارية، قبل أن يتم منح تاجر الرصيف ترخيصا يؤهله لممارسة عملية البيع، وكذلك تم تخصيص مناطق للباعة مثل "سكوير تايم".

خبيرة اقتصادية: ستدر أموالا طائلة لموازنة الدولة

هدى الملاح الخبيرة الاقتصادية، رأت أن عمل محال تجارية مرخصة للباعة الجائلين خطة حكيمة لها أبعاد إيجابية متعددة سواء للدولة أو المواطنين أو الباعة أنفسهم، موضحة أن انتشار الباعة في الشوارع يتسبب في زحام شديد ومظهر غير حضاري للدولة ولا توجد أي رقابة على المنتجات التي تباع للمواطنين ولكن تنظيم عملهم سيقضي على هذه السلبية.

وتابعت: أن هناك قرابة 2 مليون بائع جائل لا تدخل تجارتهم ضمن الإطار الرسمي للاقتصاد وبالتالي لا يتم تحصيل أي ضرائب منهم ولكن بعد عمل محال مرخصة وعملهم بصورة رسمية سيتم ضم تجارتهم للاقتصاد الرسمي؛ ما سيوفر ملايين الجنيهات تستغلها الدولة في عمليات التطوير التي تقوم بها سواء رصف طرق أو تطوير شبكات المياه وغيرها من المشاريع الهامة. 

وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن المحال المرخصة ستوفر أيضًا فرص عمل كثيرة للشباب الذي يبحث عن وظيفة لائقة، مما سيقلل من البطالة.