رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الذبحة الصدرية.. ما يجب أن تعرفه

الذبحة الصدرية.. هذا اللفظ القاسى هو الترجمة العربية لتشخيص طبى شائع لدى العامة، وهو فى حقيقته كما تعرفه المعاجم الطبية «آلام الصدر» التى تنتج عن إصابة القلب ببعض القصور، جراء قلة الإرواء الدموى لعضلة القلب عبر الشرايين التاجية، وهى التى تؤدى بدورها لحدوث هذا الألم. 

يحدث هذا القصور بسبب تقلص أحد الشرايين التاجية أو كلها نتيجة استفزاز عصبى يؤدى إلى انقباض الشريان، وقد يكون السبب زيادة نشاط عضلة القلب جراء مجهود بدنى عنيق لا يقابله إرواء دموى مناسب. 

قبل أربعة عقود، كان شائعًا أن الذبحة الصدرية وقصور الشريان التاجى وتصلب الشرايين هى ضمن أمراض المُسنين، أو على أفضل تقدير ألا نتوقعها قبل بداية العقد السادس من العمر إلا بشكل استثنائى.

من النادر أن تعبر عضلة القلب عن هذا الاختناق الدموى بالألم حول منطقة القلب، بل هى فى الغالب حول جذع الرقبة من الناحية اليسرى وفى العضد الأيسر، ولكن العرض الأشهر للذبحة الصدرية غالبًا ما يحدث فى مسار المرىء أو فم المعدة، حتى إن الكثير من المرضى يلتبس عليه الأمر ويظنه زيادة فى إفراز حامض المعدة أو ارتجاع الطعام من المعدة للمرىء.

أما الجلطة فهى انسداد الشريان التاجى من الداخل جراء جلطة دموية تحول دون التروية الكاملة.

فى الحقيقة، لا يمكن للمريض أن يدرك الفرق بين الذبحة الصدرية وهى قلة الإرواء الدموى بسبب انقباض الشريان، والجلطة الدموية فى الشريان التاجى، وجل ما يلزم معرفته هو أن أحد أو بعض الأعراض التالية تستوجب التصرف السريع، وهى:

■ التوقف فورًا عن استكمال أى مجهود كنت تقوم به، وحاول تأمين نفسك بإيقاف سيارتك إن حدث العارض أثناء القيادة، وتجدر الإشارة إلى أن ممارسة العلاقة الزوجية هى أخطر مجهود يمكن أن يتسبب فى إثارة الأزمة القلبية بسبب تزايد ضربات القلب وإفراز هرمون الأدرينالين المحفز لانقباض العضلات فى المجمل، وعضلة القلب على وجه الخصوص.

■ أبلِغ المرافقين بالمنزل بحدوث الأزمة، أو اتصل لطلب المساعدة من أحد الأقارب أو الإسعاف، أو توجه مع مرافق إلى أقرب مستشفى.

■ لا تصدق النصائح الشائعة والمنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعى بعلاج نفسك بنفسك لو كنت وحيدًا عن طريق وخز الأصبع بإبرة لصفد نقطة دم، ومعها شهيق وزفير، أو قرص شحمة الأذن أو بقية الخرافات التى تهدر الوقت وتحد من فرصة التحرك السريع لإنقاذ قلبك من مغبة الاحتشاء وهو موت قطعة من عضلة القلب.

■ لا صحة لوجود عصائر أو مشروبات تهدئ عضلة القلب أثناء الذبحة الصدرية، ولا تصلح أى من محاولات التداوى العشبى لإيقاف الذبحة، كما أن المشكلة لن تزول بمسكنات الألم من أى نوع، لأن الألم هنا عارض وليس هو المرض.

■ من أخطر الممارسات القاتلة شيوعًا التى يمكن أن تهدر فرص النجاة هو الالتباس بين الأزمة القلبية وآلام المعدة وانقباضات المرىء كما أوضحنا سابقًا. 

■ المبادرة السريعة لتلقى الخدمة الإسعافية قد تحمى من الاحتشاء المحتمل بعضلة القلب، والاحتشاء هو موت رقعة من عضلة القلب جراء الحرمان من الإرواء الدموى، التى إذا تم تدارك الموقف سوف تؤول لاحقًا إلى رقعة نسيج متليف ليس لها قوة انقباض.

■ من المحتمل زوال الآلام خلال الساعة الأولى من بداية الأزمة بشكل تلقائى، وقد تستقر حالة المصاب تدريجيًا وربما يعود التنفس لطبيعته، ويظن المصاب أن الأمور قد عادت لطبيعتها ومن ثم قد يتغاضى عن السعى لطلب المشورة الإسعافية، وهنا مكمن الخطورة، بسبب ضياع فرصة تلقى مذيبات الجلطة أو اكتشاف الاحتشاء مبكرًا إذا حدث.

إلى أى مدى أنت قريب من الذبحة الصدرية؟

ثمة دلالات صحية تكشفها الفحوص الطبية تساعد فى تحديد قدر المخاطر المحتملة لأى شخص قربًا أو بعدًا عن احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية، وبالتالى تمنح الشخص فرصة معقولة فى التأهب بالتداوى الوقائى تجنبًا لحدوث الأزمات، وهى جملة من الفحوص المخبرية والفحص الإشعاعى نوجزه فى التالى:

١- فحص كيمياء الدهون بالدم وقياس تركيز الدهون عالية الكثافة والدهون قليلة الكثافة، وهى مؤشرات لها دلالة مؤكدة على فرص انسداد الشرايين التاجية بصفائح الكوليسترول. تعرف الدهون قليلة الكثافة بالدهون الخبيثة، وهى التى تؤول إلى ترسبات تسد شرايين الجسم بشكل عام، والشرايين التاجية بشكل خاص، أما الدهون عالية الكثافة فتعرف بالدهون الحميدة وهى تحول دون ترسب الكوليسترول على جدران الأوعية الدموية.

٢- تعتبر البدانة أو زيادة الوزن ضمن عناصر الخطورة التى ترشح الشخص لاحتمالية التعرض للأزمات القلبية، ولكن يجب تقدير البدانة بشكل علمى استنادًا إلى العلاقة بين طول القامة ووزن الجسم، وهو القياس المعروف بمؤشر كتلة الجسم. 

يحتسب مؤشر كتلة الجسم بقسمة الوزن على مربع الطول بالمتر، والرقم الناتج هو رقم مطلق يضعك ضمن فئات متدرجة الخطورة من البدانة.

٣- الإصابة بالأمراض المزمنة مثل اضطراب التمثيل الغذائى وأمراض الغدة الدرقية، خاصة مرض السكر بنوعيه يضع الشخص على قائمة المرشحين للأزمات القلبية، وهى علاقة خطر متدرجة تتعاظم مع سنوات الإصابة بمرض السكر من ناحية، والمحافظة على استقرار قراءات السكر بالدم عند أرقام معقولة يحددها ما يعرف بقياس مستوى السكر التراكمى.

٤- التدخين بكل أنواعه يعظم من فرص الإصابة بالأزمات القلبية بصرف النظر عن نوع الوسيلة المستخدمة، سواء السجائر أو الشيشة أو التدخين الإلكترونى.