رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القاهرة تؤلف وبغداد تقرأ».. تعرف على تطور العلاقات الثقافية بين مصر والعراق

القمة الثلاثية في
القمة الثلاثية في بغداد

التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأحد بنظيره العراقي، وذلك خلال زيارته للعراق، حيث استقبله نظيره بحفاوة شديدة.

 

التعاون الثقافي بين مصر والعراق امتد لعقود كثيرة مضت، حيث إن وجود الجامع الأزهر في القاهرة، والذي اعتبر أبرز مدرسة عربية - إسلامية كان لها دورها الثقافي في التعليم والتثقيف الديني وفي حفظ التراث الديني، حيث قصد القاهرة، العشرات من العلماء والأدباء وطلبة العلم العراقين، وتأثروا بأحوالها، وأخبارها، ونشاطات أجهزتها، ودور المثقفين فيها.

 

المتانة والرصانة الفكرية التي تحلت بها المجلات المصرية الأولى، كمنافذ ثقافية كان لها دورها المؤثر في الثقافة العربية الحديثة عموماً، ومن أشهرها : المقتطف ووالسياسة والمقطم والعصور والدهور.

 

سبقت مصر إلى اتخاذ علاقاتها الثقافية مع العراق وسيلة من وسائلها لاحتواء العراق فكريًا فى إطار مواجهة مشاريع الوحدة العربية للأسرة الهاشمية بالعراق فى الهلال الخصيب، وتدعيمًا لزعامة مصر على المشرق العربى والتى يطلق عليها "دبلوماسية مصر الأدبية فى العراق"، إذ تم إرساء قواعد سياسة ثقافية مصرية ثابتة، تمثلت فى تزويد العراق بالمدرسين والمدرسات وفتح أبواب التعليم العالى والأزهر أمام طلاب العراق ليتلقوا العلوم فى المعاهد المصرية مع المساهمة ماليًا فى تسهيل تحقيق هذين الأمرين خاصة وأن العراق كان يعانى حينذاك من ضعف الحركة العلمية واحتياجها إلى المال والمعلمين والمعلمات الذين يقومون بأعباء التعليم.

 

لقد اشتهر العديد من الأساتذة المصريين الكبار الذين وفدوا إلى العراق، واستطاعوا أن يدرسوا في كلياته ومعاهده مثل: الدكتور عبد الرزاق السنهوري العالم المتضلع في القوانين وصاحب الوسيط، والذي ساهم في صياغة القانون المدني العراقي، والدكتور مصطفى كامل حسين الذي يعتبر شرحه لـ”القانون الأساسي العراقي” مرجعاً أساسياً في الحياة الدستورية للعراق، والدكتور زكي مبارك، الكاتب والناقد الشهير الذي صاحبته ذكريات أدبية رومانسية عن العراق وكتب الكثير عن “ليلى العراقية” التي أنتجها مخياله المرهف، وهكذا، بالنسبة إلى أسماء أخرى زخر العراق بهم، واستطاعوا أن يقدموا لأبنائه عطاء تذكرة الأجيال، وزودوا أيضاً الحياة العلمية والأدبية بالمزيد من الأعمال والنتاجات التي يشار إليها بالبنان.


في الوقت نفسه، كان أدباء العراق ورجالاته، يجدون في مصر ملاذاً حسناً لهم وفي ميادينها الثقافية، حلبات عمل نشيط لإمكانياتهم، فمنهم من استقر فيها، ومنهم من قضى في ربوعها ردحاً من الزمن، فقد استطاع الموسيقار المبدع الملا عثمان الموصلي أن يصل مصر، فيتصل به العديد من ادبائها وفنانيها منذ مطلع القرن الماضى، ويصدر صحيفة أسبوعية بمصر ويعود إلى العراق بعد رحلته تلك.


وهناك الشاعر عبد المحسن الكاظمي الذي هجر العراق واستقر بمصر، ويعدونه فيها من الشعراء العرب الكبار، وقد استفاد فائدة كبيرة من وجوده بمصر، واطلع على حركتها الفكرية ومعالم نهضتها.


أما الشاعر جميل صدقي الزهاوي الذي زار مصر وكانت شهرته قد طارت فيها، إذ لقبه المصريون بالشاعر الفيلسوف، وقد احتفوا به احتفاء كبيراً، وأثار جملة من أفكاره وآرائه في الأوساط المثقفة بمصر، وخصوصاً في المجالس التي كانت تعقدها الكاتبة الشهيرة مي، وفتحت الصحف والمجلات المصرية صفحاتها أمامه.

 

لم يكن الجانب المصري أقل حماساً من العراق في استقبال البعوث والمثقفين العراقيين، فقد احتضنت على مدى زمني طويل نخب عديدة من النخب التي شاركت بفعالية في البناء النهضوي العربي الحديث، وحدثت العديد من السجالات الفكرية والأدبية قادها كبار المثقفين العراقيين والمصريين، والتي أثرت ترسيخ العلاقة بين الطرفين، إن المعارك الأدبية والاختلافات الفكرية ظاهرة صحية في مسيرة النهضة، فالاختلافات غير الخلافات، وفي ذلك تصويب وجرأة وتحرر وتنوير، ومن الأسماء التي يمكن ذكرها: جميل صدقي الزهاوي، وعباس محمود العقاد، وشبلي الشميل، وانستاس ماري الكرملي، وإسماعيل صبري ومحمد فريد وجدي وأحمد الصاوي محمد وغيرهم.

 

ومن يتتبع الصحف والمجلات المصرية الرصينة، سيجد مادة علمية وأدبية وفكرية، كتبها العشرات من الكتاب والشعراء العراقيين على مدى عقود طويلة من السنين.

 

أما من الأسماء، أبرزها: جميل صدقي الزهاوي ورزوق عيسى وعلي الجميل وسيد أحمد الصافي النجفي وأنور شاؤول وكاظم الدجيلي وعبد المحسن الكاظمي ومحمد بهجة الأثري ومهدي القزاز وجواد علي ومنيبة الكيلاني وإبراهيم الوائلي، وبدر شاكر السياب وغيرهم كثير.