رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الإفتاء» تجيب عن الأحكام الشرعية الواردة فى فصل التوأم الملتصق

فصل التوأم الملتصق
فصل التوأم الملتصق

مسألة التوأم الملتثق من الأمور التي تحظى باهتمام كبير من جانب السائلين عبر منصات التواصل الاجتماعي، فهناك العديد من الأسئلة حول هذا الموضوع في الجروبات الدينية، وهناك الكثير من المدعين أنهم أئمة ودعاة يردون على السائلين ولكن ربما أحيانا بإجابات تثير الجدل وتحدث نوعًا من الغضب بين الناس.

وشهدت الفترة الأخيرة تداول الكثير من الأسئلة حول مسألة التوأم الملتصق، فهناك بعض الناس لا تريد هذا الأمر وتحاول إجهاضه، والبعض الآخر لا يعرف كيف يتصرف معهم.

دار الإفتاء قامت بالرد على جميع الأسئلة التي تجول فى خاطر السائلين حول التوأم الملتصق حتى توضح للناس الرأي الشرعي الصحيح الذي يطمئنون إليه، والتي جاءت على النحو التالي:

ما الحكم الشرعي في فصل التوأم الملتصق؟

الأصل أن عملية الفصل بين التوأم الملتصق جائزة شرعًا، ولكن يجب عند الإقدام على إجراء جراحة الفصل بين التوأم مراعاة الضوابط الآتية:

أولًا: أن يكون القائمون بإجرائها من الأطباء المختصين الأكفاء.
 ثانيًا: أن يأذن في إجرائها التوأم معًا إن كانت أهلية الإذن متحققة فيهما؛ بأن يكونا بالغَين عاقلَين مختارَين، فإن كانا ناقصي الأهلية فإن الحَقَّ في ولاية الإذن بالجراحة يعتبر بحسب قوة التعصيب، ويليهم في سُلطَة الإذن صاحب الولاية العامة، وهو الحاكم أو القاضي في زماننا هذا.


ثالثًا: ألا يترتب على فصل التوأمين مفسدة تفوق مفسدة بقائهما ملتصقين؛ كوفاتهما، أو تلف عضو من أحدهما في مقابل سلامة الآخر، وكذلك يحرم إجراء الجراحة لو غلب على الظن حصول ذلك، وكذلك إذا أكد الأطباء المختصون باليقين أو الظن الغالب أن أحدهما سيعيش بعد الفصل والآخر سيموت بحيث إنهما لو استمرا على ذلك لماتا جميعًا جاز الفصل، ولكننا أيضًا نشير إلى أنه يصعب وضع ضابط واحد لكل الحالات، بل نقول: إنه ينبغي أن تدرس كل حالة على حدة.

رابعًا: أنه لا يجوز لطبيب إجراء الجراحة إذا لم يوافق عليها من له حق الإذن، فإن كانت هناك فرصة كبيرة لنجاح عملية الفصل ورفضت أسرة التوأمين، فإنه لا يتم إجراء العملية إلا بعد رفع الأمر للقاضي؛ ليرفع النزاع في هذا الأمر.

خامسًا: أنه لا يجبر التوأمان عليها إن كانا بالغين عاقلين، ولو استمر موجبها، طالما كانا راضيين بما ابتليا به، بخلاف ما إذا قبل أحدهما ورفض الآخر، فيرجع حينئذ للأطباء المختصين، فإن قالوا بإمكان إجراء جراحة الفصل الآمن بين التوأمين، جاز إجبار الرافض منهما عليها؛ لما في امتناعه من مضارة أخيه.

وهل يجوز إجهاض الأم الحامل إذا اكتشف وجود توائم ملتصقة أثناء الحمل؟

أما بخصوص حكم الإجهاض إذا ما اكتشف الطبيب وجود توائم ملتصقة أثناء الحمل، فإن مرّ على الحمل مائة وعشرون يومًا فأكثر في بطن الأم، فإذا كان كذلك فقد نفخت فيه الروح، وإذا ما نفخت الروح في الحمل لم يجز إسقاطه، وكان إسقاطه قتلًا للنفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، أما إذا كان الحمل لم تنفخ فيه الروح بأن كان قبل هذه المدة فيجوز إسقاطه والحالة هذه طالما لا يوجد ضرر محقق أو مترجح على الأم من جَرّاء الإجهاض؛ وذلك اتقاء للمشكلات التي تتلازم مع ولادة التوائم الملتصقة، وقد أجاز بعض العلماء إسقاط الحمل قبل نفخ الروح فيه إذا كان ثمَّ عذر معتبر.

وهل التوأم الملتصق روح واحدة أو اثنتان، شخص واحد أو شخصان؟

أما أنّ كل واحد من التوأم شخص مستقل له روح مغايرة للآخر فهذا مما لا ينبغي التوقف في صحته، ومن أبلغ الأدلة عليه أن كل واحد منهما يكون له تفكيره وميوله التي قد لا يشاركه فيها الآخر، وقد يموت أحدهما ويبقى الآخر حيًّا بعده زمنًا كما هو مشاهد معلوم، وهذا لا يكون إلا أن يكون كل منهما متميزًا عن الآخر بروحه وشخصه.

وهل يحق للتوأم الملتصق الزواج، وما الحكم والكيفية؟

وأما عن زواج التوائم الملتصقة، فإن الزواج عقد من العقود متى توفرت فيه شروطه وأركانه كان عقدًا صحيحًا، ولا تؤثر حالة الالتصاق في إفساد العقد؛ لأنها أمر خارج عنه.

وأما عن كيفية ممارسة الحياة الزوجية فهذه أمور إجرائية تفصيلية تخضع لأحكام الشرع الكلية وقواعده العامة التي منها أن "الضرر يزال"، وأن "الضرورات تبيح المحظورات"، وأن "ما أبيح للضرورة فإنه يقدر بقدرها"، ونحو هذا من القواعد التي يتفرع عنها في هذا الصدد الأحكام الشرعية، والشريعة المطهرة تستوعب هذا وغيره بمرونتها وسعتها وإحاطتها، والتفصيل في كل حالة بحسبها.