رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المتوهج.. كيف أصبح كريم عبدالعزيز نجم رمضان الأول؟

كريم عبدالعزيز
كريم عبدالعزيز

رغم الضغوط التى مارستها اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها، اختار النجم كريم عبدالعزيز، مع فريق عمل مسلسل «الاختيار ٢»، صف الوطن، مؤكدًا بنجاحه على صحة رهانه الدائم على وعى الجمهور وإيمانه بموهبته وقدرته على تجسيد أصعب الأدوار على الشاشة. وبأدائه العبقرى فى «الاختيار ٢»، الذى يجسد بطولات رجال الشرطة المصرية فى مواجهة الإرهاب، أصبح كريم عبدالعزيز «تريند يوميًا» على مواقع التواصل الاجتماعى، بعدما فاز بكل الرهانات على السوشيال ميديا، وأكد فى كل مشهد مدى صدقه فى تجسيد الشخصيات التى يقدمها، واستثنائية موهبته التى تظهر فى إجادته جميع الأدوار على اختلاف أنواعها، بين الكوميديا والأكشن والتراجيديا، وفى السينما والتليفزيون والمسرح. وبهذا النجاح، أثبت كريم عبدالعزيز أنه ظاهرة فنية تستحق الدراسة، بعدما استطاع الفوز بقلوب وعقول الجماهير فى السينما والدراما لسنوات طويلة، حتى إنه من الصعب أن نرصد له إخفاقًا واحدًا أو حتى تراجعًا طيلة ٢٠ عامًا، احتفظ فيها بموقعه كنجم شباك، فى خطوات محسوبة، تجعلنا نتساءل: كيف وصل إلى كل هذا؟ وكيف أصبحت ظاهرة «آل باتشينو العرب» ممكنة؟

 

المغامرة فى تقديم جزء ثانٍ من عمل ناجح.. والكاريزما فى تجسيد «بطل قومى»

 

قبل بدء المنافسة الرمضانية، وبموافقته على المشاركة فى بطولة مسلسل «الاختيار ٢»، واجه النجم كريم عبدالعزيز أكثر من تحدٍ ضخم، واستطاع الفوز فى جميع التحديات، رغم ما فى ذلك من مغامرة.

التحدى الأول تمثل فى النجاح الكبير الذى حققه الجزء الأول من مسلسل «الاختيار»، الذى رصد بطولات القوات المسلحة فى تطهير مصر من الإرهاب، عبر تناول قصة حياة البطل الشهيد أحمد منسى ورفاقه، بكل ما يعنيه ذلك من ارتباط للجمهور بأبطال الجزء الأول وطبيعة العمل وفكرته، بكل ما فيها من خصوصية وعاطفية وأبعاد نفسية ووطنية.

ولذلك، كان تقديم جزء آخر من هذا العمل الناجح، والحفاظ على نفس الدرجة التى تحققت من النجاح تحديًا كبيرًا لكل صناعه، ولأبطال العمل ونجومه، ويفتح الباب أمام حسابات كثيرة وتحديات صعبة، لا يقبل بها إلا من يملك قلبًا شجاعًا وخبرات كبيرة، ويراهن مع صناع العمل ومخرجه بيتر ميمى وشركته المنتجة «المتحدة للخدمات الإعلامية» على تقديم جزء جديد يحقق نجاحًا مشابهًا للجزء الأول.

ولأن «كريم» يمتلك كاريزما خاصة به، وضعته فى مقدمة أبناء جيله منذ سنوات طويلة، وجعلت الجمهور يصدقه فى جميع أدواره وأحواله، استطاع النجم الموهوب ببراعته المعهودة أن يجسد شخصية الضابط زكريا يونس، ضابط الأمن الوطنى، ضمن أحداث المسلسل، ناقلًا للجمهور حقيقة «البطل» وما يواجهه من صعوبات خلال معركة الوطن ضد الإرهاب.

التحدى الثانى تمثل فى أن النجم كريم عبدالعزيز سبق أن قدم شخصية الضابط مرتين فى مسيرته، مرة عندما جسد شخصية «بسيونى بسيونى» فى فيلم «الباشا تلميذ» فى عام ٢٠٠٤، والثانية عندما جسد شخصية ضابط المخابرات «مصطفى» فى فيلم «ولاد العم» فى عام ٢٠٠٩.

ورغم ذلك، نجح الفنان الموهوب فى تقديم شخصية الضابط «زكريا يونس» فى «الاختيار ٢» بأبعاد مختلفة، متفوقًا فيها على نفسه، بعدما جعل الشخصية من لحم ودم، وركز على الجوانب الإنسانية والنفسية فيها، خاصة فى طبيعة علاقته بزوجته، التى تجسد دورها الفنانة إنجى المقدم، أو فى علاقته بابنتيه فى مشهد «التربية الحديثة» و«جروبات الماميز»، وكذلك فى علاقته بوالدته وشقيقه الأصغر.

كما ظهر الجانب الإنسانى أيضًا فى علاقته بصديقه «الشهيد البطل محمد مبروك»، الذى يجسد دوره الفنان إياد نصار، سواء فى العمل أو فى المنزل، وكذلك علاقته بصديقه «يوسف الرفاعى»، الذى يجسد دوره الفنان أحمد مكى، خاصة المناقشة بينهما حول وجهة نظر الأخير فى الزواج، فى مشهد تصدر محركات البحث وصفحات التواصل الاجتماعى بظُرفه وطرافته.

وإلى جانب البعد الإنسانى فى العلاقة مع المقربين منه، نجح الفنان الموهوب فى تجسيد قوة الشخصية وصلابتها فى عملها، أثناء مشاهد تأمين الكنائس فى المنيا، ومشاهد القبض على أحد الإرهابيين قبل تفجير أحد أبراج الكهرباء، وكذلك مشهد اقتحام منطقة كرداسة والقبض على المسلحين، ما استحق إشادة الجمهور بمشهده وهو يمسك أحد الإرهابيين واضعًا رأسه تحت إبطه، فى مشهد ذكر البعض على مواقع التواصل بـ«قبضة الجزار على رأس الخروف».

أما التحدى الثالث، فتمثل فى تجسيد كريم عبدالعزيز، بموهبته المثيرة للإعجاب، عشرات المشاعر المختلطة، نظرًا لطبيعة الشخصية، فى ظل ما يتعرض له الضباط أبطال الأمن الوطنى فى عملهم من فقدان للأصدقاء، الذين استشهدوا فى معركة الوطن ضد الإرهاب والجماعات المتطرفة.

وظهر ذلك أيضًا فى لغة جسده التى عكست إحساسًا بالمسئولية تجاه الوطن والزملاء، خاصة فى مشهد تنكره ودخوله اعتصام «رابعة»، وغيرها من المشاهد الكثيرة التى أبكت الجمهور، مثل لحظة علمه باغتيال صديقه الشهيد محمد مبروك، وانفعالاته أثناء القبض على قاتليه، وكذلك محاولاته بث الطمأنينة فى نفوس أهالى الإرهابيين أنفسهم، وهو ما ظهر بوضوح فى قوله لأحدهم: «ماتقلقش.. إحنا ما بندخلش البيوت فى شغلنا».

 

الاهتمام بالتفاصيل سر النجاح.. والصدق مفتاحه للفوز بقلب الجمهور

 

بعيدًا عن نجاحه فى الموسم الحالى، إذا بحث الجمهور فى ذاكرته عن اسم عمل واحد لكريم عبدالعزيز لم يحقق نجاحًا ساحقًا أو لم يتصدر شباك التذاكر أو يترك أثرًا فنيًا كبيرًا فلن يجد.

فنظرًا لموهبته، التى قال عنها بنفسه إنها تمثل امتدادًا لمسيرة العمالقة الثلاثة عادل إمام وأحمد زكى ومحمود عبدالعزيز، الذين تعلم منهم واستخدم طريقهم فى فنه وحياته، استطاع كريم عبدالعزيز أن يصبح فنانًا منضبطًا أخلاقيًا وناضجًا فنيًا، وريثًا شرعيًا لعصر الأساتذة، عبر خطواته السينمائية والدرامية التى تبقى مع مرور الزمن.

المقربون منه يعلمون جيدًا أنه مهتم بدراسة تفاصيل أى شخصية يجسدها، وهذا سر إتقانه للشخصيات، وما يجعل الجمهور فى حالة صدق مطلق مع كل دور يقدمه «كريم» فى السينما أو الدراما، وهو ما حدث فى الموسم الحالى مع «الاختيار».

ولأنه يقدم الدور ويؤديه بمشاعره وبعقله، ويحدد كل ما يريده أن يصل للجمهور دون افتعال، فإنه يحقق ذلك دون تعالٍ مصنوع أو تظاهر كاذب.

ورغم ابتعاده الكبير عن مواقع التواصل، وتصريحه أكثر من مرة أنه يقضى يومه العادى بشكل طبيعى بعيدًا عن زحمة السوشيال ميديا، لأنه غير مهووس بها، فإنه ينجح بسهولة فى التحول إلى «تريند» رئيسى على كل المواقع فور صدور أعماله، وذلك رغم عدم لجوئه، مثل البعض، إلى تجنيد اللجان الإلكترونية للترويج لأعماله، ورغم قلة ظهوره فى وسائل الإعلام التقليدية.

ولكل ذلك، يحتفظ كريم عبدالعزيز بمكانته فى السينما لمدة طويلة، لم يصل إليها إلا عدد قليل جدًا من الفنانين، سواء من أبناء جيله أو من غيرهم، فهو نجم شباك وصاحب إيرادات مرتفعة، خاصة فى آخر موسم سينمائى قبل جائحة كورونا، بعدما حقق أعلى الإيرادات فى ٢٠١٩ بـ١٣٧ مليون جنيه عن فيلمى «نادى الرجال السرى» و«الفيل الأزرق ٢».

فمن بداية ظهوره فى فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة»، ومرورًا بشخصيات كثيرة تتنوع بين الضابط والخارج عن القانون والكوميدى والتراجيدى والرومانسى وحتى الطبيب النفسى المضطرب، فى «الفيل الأزرق»، يثبت كريم عبدالعزيز أن «الكاميرا أحبته أكثر من حبه لها». 

وكما حُكِى قديمًا، فإنه أثناء دخوله إلى معهد السينما لدراسة الإخراج، وتقديم أحد المشروعات بالمعهد، فاجأه حب الوقوف أمام الكاميرا، ومن هنا قرر احتراف التمثيل، وبدأ مسيرته عن طريق صديقه المخرج مروان حامد، الذى كان يعمل مساعدًا للمخرج الكبير شريف عرفة، فى فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة».

وفى الدراما أيضًا، نجح كريم عبدالعزيز فى حصد الإعجاب وتصدر المشاهدات فى آخر أعماله الدرامية، وهو مسلسل «الزيبق»، الذى قدمه فى عام ٢٠١٧، وجسد فيه شخصية «صلاح»، وهو فنى كاميرات مراقبة جندته المخابرات المصرية من أجل العمل فى أوروبا للكشف عن خلايا تابعة للموساد الإسرائيلى، ونجح إلى الدرجة التى جعلت شركة الإنتاج تعلن عن تقديم جزء ثانٍ منه، وإن لم يتم تحديد موعد التصوير بعد.

وقبل «الزيبق»، قدم الفنان الموهوب تجربتين فى الدراما، حقق بهما نجاحات كبيرة، لأنه قدم فيهما شكلًا مختلفًا عما اعتاده منه جمهور السينما، سواء فى مسلسل «الهروب»، الذى قدمه فى عام ٢٠١٢، من خلال شخصية «محمود» الذى يطارده الأمن لتورطه فى محاولة اغتيال وزير، أو فى مسلسل «وش تانى»، الذى قدم فيه شخصية «سيد أبودومة».

الموهبة وحدها لا تكفى، والتوهج يحتاج إلى استمرار الاجتهاد والدقة فى الاختيار وتجاوز التحديات واحدًا بعد الآخر، وفى كل هذا يثبت كريم عبدالعزيز أنه حقًا أحد أفضل النجوم الذين استطاعوا كسب حب واحترام الجمهور، والحفاظ على النجاح والتألق لسنوات طويلة رغم أى صعوبات.