رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ينعزل عن الناس».. طقوس خيري شلبي في الكتابة

خيري شلبي
خيري شلبي

"كان والدي يقرأ طوال اليوم، وفى كل مكان، حتى في الحمام، وينعزل عن الجميع وقت الكتابة، وهى عزلة لا تعنى إغلاق الباب على نفسه، بل تعنى الانفصال عن المحيطين به، وكأنه لا يشعر بوجودهم، وحين ينتهي من كتابة نص أو مقال نجده يخرج علينا يغنى أو يقول لنا نكتة"، هكذا تحدثت ريم خيري شلبي ابنة الأديب الراحل في حوارها لجريدة "الدستور" عن طقوسه وعاداته في الكتابة.

وقالت ابنة الكاتب خيري شلبي، إن والدها كان يحب الكتابة في المقابر، وترجع حكاية حبه للكتابة بها، أن سيارته قد تعطلت بالقرب من منطقة منشية ناصر، فتوجه لإصلاح سيارته، فجلس على أحد المقاهي وانهمك في الكتابة، دون تخطيط، ولم يقاطعه أحد، وبعدما تحدث مع أهالي المنطقة، فتوثقت علاقته بهم، وطلبوا منه زيارتهم مرة أخرى، وبدأوا يحكون حكاياتهم بعدما عرفوا أنه صحفي، ثم استأجر مكانًا بالمقابر، حتى أنه استلهم منهم بعض شخصيات أعماله الأدبية.

حكى الأديب الراحل خيري شلبي عن طقوسه في الكتابة، وكيف اعتبر المقابر ملجًأ من زحمة وصخب القاهرة، في حواره بجريدة الأخبار 1989.

وقال شلبي: «لقد خلقني الله لكي أكتب الأدب ولا شيء غير ذلك، فإما أن أكتب أو أضيع في الزحام».

الشقة التي كان يعيش فيها الأديب الراحل كانت مزدحمة بالعديد من الكتب التي ورث بعضها، بالإضافة إلى زوجته وأولاده الأربعة، لكل منهم حياته الخاصة، قال: «لدي أربعة أبناء كبار، لكل منهم نزواته، ومن حقه أن يمارس حياته، ونحن نمشي في الشقة جنبًا إلى جنب، حتى لا نصطدم بتلال الكتب المرصوصة في كل ركن وخطوة».

هرب خيري شلبي من كل هذا إلى ساحة المقابر، بعيدًا عن الصخب والضجيج الذي يغتال القاهرة، رغم أن معظم المقابر كان قد تحول معظمها إلى مناطق سكنية ودخلتها أجهزة الفيديو، لكن أهدأ نسبيًا له من المدينة.

ارتاح شلبي للكتابة في مقهى شعبي داخل المقابر، يستعيد الأزمان الماضية، فيهيأ له أنه يعيش في العصر الفاطمي أو المملوكي، فينهمك في القراءة والكتابة طوال الليل على أنغام أصوات ألعاب الدومينو والطاولة وورق الكوتشينة.

يلتقي بأصدقائه من المقابر، وبعد أن يفرغ من النرجيلة وحكايات الأصدقاء، ينسحب إلى عزلته ويغلق الباب ويبدأ في الكتابة أو القراءة.