رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة اتهام عمر مكرم بالكفر فى «هوامش المقريزى»

عمر مكرم
عمر مكرم

تعد تهمة التكفير التي يرفعها «كل من هب ودب» في وجه من يخالفه الرأي، أو يحاول أن يجتهد برأي محدث عما وجدناه من آراء وفتاوى كانت ابنة سياقها وظرفها التاريخي والسوسيولوجي، قديمة وضاربة بجذورها في التاريخ. حيث يخبرنا الكاتب صلاح عيسي في كتابه «هوامش المقريزي.. حكايات من مصر» الصادر عن دار الكرمة للنشر.

وعن اتهام الشيخ عمر مكرم بهذه التهمة التي استخدمت كالعادة سياسيا ضده، يقول عيسي: «في مايو 1805 أصر الشعب المصري على عزل الوالي العثماني أحمد باشا٬ وعلى تولية محمد علي الكبير مكانه وتعصب الوالي وأصر على عدم النزول عن الحكم، واجتمع حوله في القلعة بعض المرتزقة والآفاقين، وتجمع التجار والعلماء وطلبة الأزهر الفقراء وأقاموا المتاريس في الشوارع٬ وأفتى القاضي بأن الوالي الذي يرفضه الشعب يجوز قتله، وتولى زعيم الشعب عمر مكرم الدعوة إلى العصيان العام، وتوجه إلى بيت طاهر باشا، حيث جرت مناظرة جادة بينه وبين بعض المنافقين الذين يساندون الطاغية المرفوض قالوا له كيف تعزلون من ولاه السلطان عليكم، وقد قال تعالي «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ».

ورد عمر مكرم: «أولو الأمر هم العلماء وحملة الشريعة والسلطان العادل، وهذا رجل ظالم، وجرت العادة من قديم الزمان أن أهل البلد يعزلون الولاة، وهذا شيء قديم حتى الخليفة والسلطان إذا سار فيهم بالجور فإنهم يعزلونه عن ذلك».

ولما أفحم عمر مكرم منافسه في المناقشة، قال هذا الأخير: «أنتم تحاربوننا بفتوى من القاضي والعلماء٬ وهذه الفتوى لا تصدر إلا عن كافر».

ورفض عمر مكرم الاستمرار في المناقشة بهذا الشكل، وترك المجلس منصرفا احتقارا لشأن محدثه، ولم يكن يعلم أن هذا الداء السياسي سيستمر كالمرض العضال في القرنين الــ19 والــ 20.