ليست الأولى.. نكشف أسباب فشل خطة نقل السيرك من «العجوزة»
في حي العجوزة، في شارع كورنيش النيل، وبعد عدة خطوات من مستشفى الشرطة، تجد على نفس جانبها ألوانًا زاهية يدخل إليها عدد من العائلات المصرية، يرافقهم أطفالهم مرسومة على وجههم الابتسامة، وتتعالى الضحكات أثناء دخولهم إليه، فرغم امتداده إلى ستينيات القرن الماضي، إلا أنه لا يزال منبعًا للسعادة، حديثنا السابق هو عن السيرك القومي.
فور أن تطأ قدماك إلى بوابته، تجد على يسارك شباك صغير لقطع التذاكر، والذي يتم فتحه قبل بداية العرض بنصف ساعة، حيث يبدأ في الثامنة مساءً، بعدها تقودك قدماك نحو الداخل، سيقابلك بضعة درجات تقودك إلى عدد من الغرف الصغيرة يستخدمها لاعبي السيرك في تبديل ملابسهم، فيخرجون منها بألوان زاهية تبث البهجة في نفوس الأطفال حين يشاهدونهم.
وحين تشخص بصرك إلى خلف تلك الغرف تجد عددًا من الأقفاص الحديدية، بداخلها حيوانات مفترسة كالأسود والنمور، لتخرج في الوقت المناسب لها عندما تحين فقرتهم، ومخصص لهم عدد من الأشخاص لإطعامهم وتقديم المياه لهم وتنظيف أقفاصهم، ولأن تلك الحيوانات قد بات هناك أُلفة بينها وبين لاعبي السيرك وهؤلاء القائمين على تنظيف أماكنهم، فلا تجدهم يثورون عليهم.
وها قد دقت الثامنة مساءً، وخرج أحد الفنانين للإعلان عن فقرات العرض، ويتوالى الفنانون في تقديم عروضهم التي بدأت مع إعلان الرئيس جمال عبدالناصر عن إنشاء السيرك القومي المصري على غرار التجربة السوفيتية، وذلك بعد عودته من إحدى زياراته إليها، وتم افتتاح التجربة المصرية عام 1966.
نقل "السيرك" ليس المرة الأولى
وفي 24 مارس 2010، وافق مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية، في اجتماعه، برئاسة المهندس أحمد المغربي، وزير الإسكان والمرافق آنذاك، على تخصيص مساحة 23 فدانًا بمدينة 6 أكتوبر لنقل السيرك القومي، مؤكدًا أن المنطقة التي تم اختيارها مناسبة لطبيعة السيرك.
طلب النقل يتكرر
"القرار لم ينفذ"، تلك الجملة التي امتلئت بها الصحف، والسبب هو الاعتراضات التي بثها العاملين في السيرك ضد قرار "حسني"، معللين أنه "ضربة في مقتل"، فمن سيتمكن من الذهاب إلى أكتوبر، وبالفعل توقف قرار النقل.
تكرر الطلب مرة أخرى على يد النائبة نشوى الديب، عضو لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، بنقل السيرك إلى أرض مطار إمبابة، معللة أن نقله هو تكملة لتحويل منطقة "مثلث بشتيل" إلى مركز حيوي يتم التخلص فيه من العشوائية التي هي موجودة في الفترة الحالية.
وأكدت "الديب"، في تصريحات لها، أن تلك المنطقة ستشمل مول تجاري كبير يحيط بمحطة السكة الحديد، بالإضافة إلى المسرح والسيرك القومي الجديد والذي من المقرر أن يكون مزار سياحي وشعبي حقيقي يقدم فيه أفضل العروض الخاصة والجديدة داخل مباني راقية ومسرح كبير وضخم يسع الآلاف من المواطنين بدلا من المهتريء في موضعه الحالي، والذي أصبح لا يصلح للجلوس عليه.
في ظل تلك القرارت بالنقل، كان لا بد لنا من الحديث مع عدد من لاعبي السيرك، لمعرفة رأيهم في ذلك، وإذا ما كان سيعود عليهم بالنفع أو الضرر.
العلاقات العامة بالسيرك: نعارض نقله إلى أي منطقة أخرى
ويؤكد "أبوسنة"، في تصريحاته لـ"الدستور"، أنه وجميع زملائه معارضين بشدة مجرد التفكير في نقل السيرك من موقعه الذي وجد به منذ إنشائه في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي كان محط اهتمام القيادة السياسية نفسها لسنوات طوال، موضحًا أن النقل يفقد للسيرك قيمته وأثر هذا المكان الذي تربى فيها أجيال، وأتى إليه الجميع من كل صوب وحدب.
ولا يستبعد أن يكون طلب النائبة بنقل السيرك مجرد دعاية انتخابية لها بدائرتها، مفسرًا: "إذا كانت تريد أن يتم افتتاح فرع آخر للسيرك القومي بإمبابة فهذا أمر مُرحب به، أما أن يتم نقل السيرك من مقره التاريخي إلى أي مقر آخر فهذا هو الأمر المرفوض قطعيًا من جميع العاملين به".
لاعب بالسيرك: دا بيتنا الكبير
"على جثتي" هذه
هي الجملة التي كتبها عصام عبده على صفحته على "الفيس بوك"، معربًا عن رفضه
لنقل السيرك القومي، منوهًا أنها ستكون قضية رأي عام إذا تم المساس
بالسيرك الذي يحمل تراث من هذا البلد لا يمكن التفريط به.
وأكد "عبده"، في تصريحاته لـ"الدستور"، أنه إذا حدث نقل للسيرك القومي إلى إمبابة أو غيرها ستحدث خسارة كبيرة بإيرادات هذا السيرك الذي يحققها، فهو معروف لسنوات طوال من العرب والأجانب بحي العجوزة الراقي، ولا يمكن على الإطلاق نقله إلى حي إمبابة الذي لا يلائمه ولا يلائم طبيعة العمل به.
"الثقافة" تنفي