رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ابني المراهق يقودني للجنون

جريدة الدستور

يضع معظم المراهقين آباءهم تحت الاختبار يوميًا، فغالبًا لا يقدرون ما يبذل لهم، ولا يتحملون أدنى مسئولية ، ويكثرون من انتقاد آبائهم، ويهدرون كثيرًا من وقتهم، ويرتدون ملابس غير مألوفة، ويظهرون عادات سئية، ويرفضون أن يتواصلوا مع غيرهم، وينشدون رفاهية غير ضرورية، وأحيانًا يبدون كما لو كانوا يفعلون كل هذه الأشياء عن تخطيط مسبق لهم.
في السطور التالية نتعرف بشكل أكبر على حياة المراهقين من خلال مجموعة من الأسئلة التي تجيب عليها د. "جويس فدرال" من خلال خبراتها في التعامل مع المراهقين على مدار أكثر من 20 عاماً.
 ماذا يحتاج المراهقون بشكل أساسي من آبائهم؟
يحتاج معظم المراهقين إلى أن يستمع إليهم آباؤهم بآذان صاغية أكثر من احتياجهم إلى عظات حول تحمل المسئولية.
 لماذا يعشق المراهقون الموسيقى العالية؟
لأنها بالنسبة لهم كأهمية الماء بالنسبة للسمك، فهي أحد المتنفسات التي يحبونها لأنها تعبر عن بهجتهم بالحياة، كما أنها تمنحهم الهدوء والراحة، وهم يجدون فيها ملاذًا يهربون إليه بعيدًا عن همومهم ومشاكلهم.
 لماذا يستعير المراهقون ملابس والديهم؟
يستعير المراهقون الملابس الخاصة بوالديهم والأغراض الأخرى لأن الحصول عليها أم يسير فضلًا عن جودة هذه الأغراض ، لذا احرص على إمدادهم بما يحتاجونه ولكن كن على دراية بأن أغراضك ستظل دومًا هي الأفضل في أعينهم.
 ماذا تفعل الأم إذا وجدت ابنتها المراهقة تتسلل خلسة لاستخدام مساحيق التجميل التي سبق أن منعتها من وضعها؟
لا تضخمي الأمر، فمن الأفضل في بعض الأحيان أن تغمضي عينكِ عن بعض الأمور الصغيرة فالمراهقون يحتاجون إلى أن يظهروا تمردهم قليلًا، حاولي أن توفري تعنيفاتك القاسية من أجل الأمور العظام.
 لماذا يتأخر المراهقون عن موعد عودتهم رغم أنهم يعلمون أن آباءهم سيعنفونهم بشدة إذا فعلوا ذلك؟
هناك أسباب كثيرة، قد يكون الأمر خارجًا عن إرادتهم وربما انشغلوا تمامًا بالاستمتاع ببهجة اللحظة، ونفضوا عن أذهانهم أي فكرة عن العواقب التي قد تحدث لهم من جراء هذا التأخير، وقد لا يتصورون مقدار قلق والديهم عليهم، في جميع الأحوال الأفضل أن تستمع لسبب تأخير ابنك أو ابنتك ثم توضح لهم مقدار قلقك وخوفك عليهم ومعاناتك من الانتظار حتى يراعوا ذلك فيما بعد.
 هل يتأثر ابنك المراهق عندما تحدث مشاجرة بينك وبينه ؟
يتأثر بالطبع وقد يصاب بالحزن والإحباط والكآبة والوحدة ومع ذلك فهو يرتدي قناعًا وقائيًا من اللامبالاة.
 لماذا لا يخبرك ابنك المراهق بمدى التأذي النفسي الذي يحدث له عقب كل مشادة تحدث بينكم؟ لأنه يخشى من أن يفتح على نفسه باب المشاكل مرة أخرى.
 ما هو أفضل إجراء يمكن للآباء القيام به إذا حدثت مشادة بينهم وبين أبنائهم المراهقين؟ حتى ولو كان ابناؤكم هم المخطئين قوموا باتخاذ الخطوة الأولى وهي معانقتهم وأخبروهم بأنكم تحبونهم كثيرًا ، فبينما يقوم ابنك المراهق بدفعك بعيدًا عنه سيكون قد استعاد حبك الذي يحتاج إليه بشدة.
 ماذا يفعل الآباء إذا تفوه أحدهم بعبارات جارحة أو مسيئة لأبنائه المراهقين؟
لا تعنف نفسك، قم بالاعتذار – فالاعتذار المتأخر أفضل من عدمه – واشرح لهم ما كان يدور بذهنك في تلك اللحظة والسبب الحقيقي وراء ثورتك العارمة، وهذه الطريقة ستزيد الحب بينكما ويمكنها أن تخلق علاقة قوية دائمة بين الآباء والمراهقين.
 كيف تساعد ابنك على تحمل المسئولية؟
منذ الصغر قم بتكليفه ببعض الأعمال المنزلية البسيطة والتي تزداد مع تقدمه في العمر والصقها في حجرته واترك دفترًا بجوار الهاتف لكتابة الرسائل، ومع هذا فالمراهقون لديهم أسباب خاصة لعدم تحمل المسئولية وإذا استمعنا لأسبابهم يمكننا مساعدتهم.
 كيف تشجع ابنك على التفوق الدراسى والاهتمام بدروسه؟
لتشجيع ابنك على ألا يهمل واجباته المدرسية، حاول إيجاد علاقة بين واجباته المدرسية وأمنياته المستقبلية.
 كيف تعلم ابنك المراهق فضيلة الشكر والامتنان؟
من أفضل الطرق لتعليم ابنك المراهق أن يظهر امتنانه هي أن تظهر أنت الامتنان حينما يفعل شيئًا خاصًا لك كأن تنظم ابنتك غرفتك فكلما شكرتها واظهرت امتنانك لما فعلت أصبح لديها حماس ورغبة في المساعدة وستكون ممتنة لما تفعله أيضًا من أجلها.
 لماذا يخشى المراهقون إخبار والديهم أنهم كان على حق في موضوع معين؟
لأنهم يخشون سماع كلمات مثل: "لقد قلت لك هذا سابقًا" وأيضًا يخافون من أن يأخذ الآباء هذا الاعتراف كرخصة تبيح لهم التحكم في أنشطة مراهقيهم المستقبلية.
 ما هو أسوأ ما يفعله الآباء تجاه مراهقيهم؟
التوبيخ القاسي لأبنائهم ، أو صفعهم ، والأصعب إذا حدث هذا علنًا أمام الآخرين فسيكون الألم أشد وطأة وهذا الخطأ لا يمكن تبريره في عقول المراهقين.
 هل يستطيع الآباء التأثير في اختيار أبنائهم المراهقين لأصدقائهم؟
نعم، برغم مجادلة مراهقك لك إلا أنه سيأخذ في اعتباره تعليقاتك حول اختياره لأصدقائه.
 ماذا يشعر المراهق لو تحدث والده أو والدته مع صديقه بشكل سئ؟
عندما نعنف أصدقاء أبنائنا المراهقين نتسبب في إحراج شديد لهم ونضعهم في موقف يضطرون فيه للاعتذار نيابة عنا، وينتهي بهم الأمر إلى الشعور بالذنب والغضب في الوقت ذاته. إن أحرجت مراهقك بتخطيك الحدود مع صديقه فاعتذر له ولصديقه، وأعلمهما بالدوافع والأفكار التي تسببت في إهانتك لهما.


ملاحظات في غاية الأهمية:
• لا يرغب المراهقون في إيذاء مشاعر والديهم أو إهانتهم ولا يفعلون ذلك عن عمد. ولكن كل ما يريدونه هو أن يستمتعوا بحياتهم.
• غالبًا ما يعتقد المراهقون بأن القواعد والحدود التي يضعها الوالدان ليست ذات مبرر وغير ضرورية ومبالغة في الحذر، كما أنه ليس هناك جدوى من محاولة إقناع والديهم بتغيير طريقة تفكيرهم.
• إذا أردت تفادي تحدي أبنائك المراهقين لك ، قم بتقييم مطالبك، بمعنى أنك إذا كنت تطلب منهم المستحيل فحاول إيجاد بعض الحلول الوسط.
• لا تأخذ تحدي أبنائك المراهقين لك على محمل شخصي.
• عندما يشتغل ابنك المراهق بأنشطة ليست ذات قيمة، استمر في شرح ما هو الأفضل ليشغل به وقته ولكن يجب أن تعرف أن المراهقين يحتاجون إلى بعض الوقت ليفعلوا ما يروق لهم.
• اطلب من ابنتك المراهقة أن تمدك ببعض المعلومات بشأن اهتماماتها الخاصة وأن تخبرك برأيها في أي شيء كلما سنح ذلك، ستتعلم الكثير من خلال تعرفك على طريقة تفكيرها كما ستعلمها أن تطلب رأيك أيضًا.
• المراهقون لديهم طاقة أكثر من الآباء، ولكنهم أحيانًا يجدون أنفسهم تحت وطأة جداول تفوق طاقتهم ويصبحون منهكين جسديًا وعقليًا، ساعد ابنك على تقييم جدوله الخاص إذا كان مليئًا بالأعمال احذف بعضها أو ساعده على أنشطة جدوله.
• تجنب إغراء أن تستدرج المتحدثين عبر الهاتف لمعرفة طبيعة علاقاتهم بمراهقك فلن تحظى بمعلومة صحيحة ولكنك ستسبب لابنك الضيق وعدم الثقة والاستياء.
• ينزعج معظم الآباء عندما يرون أبناءهم المراهقين يقضون نصف أوقاتهم في التحدث عبر الهاتف لأنهم يشعرون أنه يتوجب على الأبناء قضاء وقتهم في شيء أفضل من ذلك، بينما يشعر المراهقون بأن الهواتف هي صلتهم بالحياة الاجتماعية حيث يمكنهم التحدث بحرية مع أصدقائهم ومشاهدة واستكشاف عوالم جديدة بالإضافة إلى الألعاب التي تثير حماسهم.
• إذا ما ضايقتك لغة مراهقك فوفر انتقادك الحاد لما هو غير مقبول تمامًا.
• اعقد صفقة مع ابنك المراهق (ابنتك) قم بالموافقة على عدم القيام بشيء يزعجه إذا ما توقف هو عن القيام بأحد الأشياء التي تزعجك.
• إن لم يكن بمقدورك السماح لابنتك المراهقة بارتداء ما تشاء لأنه يتصف بعدم الاحتشام، فحاول السماح لها بتصفيف شعرها بالطريقة التي ترغب فيها (حتى ولو كانت تعتبر فظيعة بالنسبة لك).
• دع أبناءك المراهقين يختارون ملابسهم بأنفسهم في حدود ميزانيتك ، ولكن إذا حدث تصادم ما بين ذوقيكما، فحاول أن تعبر عن رأيك بطريقة لا تتسبب في إهانتهم.
• ما قد يراه الآباء على أنه أسلوب تمردي من قبل الأبناء كارتداء القبعة مقلوبة أو تصفيف الشعر بطريقة غريبة ما هو إلا طريقة يحاول بها المراهقون إثبات أنهم أشخاص مسايرون للموضة.
• إن لم تستطع التحلي بضبط النفس عندما يخبرك المراهق بأنه فعل شيئًا خاطئًا أو مؤذيًا فتأكد من أن مراهقك سيحاول الهروب من تضييق الخناق عليه وسيعقد العزم على ألا يعاود ارتكاب نفس الخطأ وهو السماح لك بالدخول إلى عالمه مرة ثانية.
• يود المراهقون التحدث إلى والديهم بشدة ، ولكنهم يخشون من أن يقوم والدهم بتعنيفهم وإدانتهم، وهم يتألمون لذلك، وقد اثبتت الأبحاث أن معظم المراهقين الذين يقدمون على الانتحار هم الذين شعروا بعدم تمكنهم من التحدث مع أي من والديهم، وقد تسبب شعورهم بالوحدة والعزلة في وصولهم إلى مرحلة اليأس المطلق.
• تحدث بهدوء واحترم ذكاء مراهقيك وتذكر أنه مهما كانت بك رغبة في تهديدهم أو الحكم عليهم أو إدانتهم فإن ذلك سيدفعهم إلى الالتزام بالصمت أو حتى إلى التمرد ضدك.
• عندما يحاول ابنك المراهق إخبارك بشيء ما حدث له (لها) في حياته فلا تحاول مقاطعته بالتعنيف والتوبيخ ، انصت باهتمام واعطهم الدعم المعنوي اللازم وبعد ذلك قم بإلقاء موعظتك عليهم بعد مرور يوم أو اثنين.
• تعتبر الصراحة أفضل منهج للتعامل مع المراهقين، فبمقدورهم اكتشاف أي تمويه أو تغطية من على بعد آلاف الأميال كما أنهم يشعرون بالنفور والغضب عندما نقوم بإسكاتهم بالصمت أو بالكذب.
• إذا أردت أن يتحدث إليك أبناؤك المراهقون، فعليك بالهدوء ولا تدنهم وتصرف كصديق.
• إذا لم يستطع ولدك المراهق التحدث إليك أو لم يرد ذلك، فاعلم أنك لم تفقد كل شيء ما دام لديه شخص بالغ آخر مهتم يمكنه وضع ثقته به، وأحيانًا ما يعتبر لجوؤك إلى طبيب نفسي هو أحسن إجراء وقائي قبل أن يصاب أولادك المراهقين بمشاكل نفسية خطيرة.
• كثير من الآباء يبذلون جهودًا مضنية ليجنبوا مراهقيهم مشاكل الشباب وذلك برفضهم مناقشة بعض الأمور مثل المشاكل المالية أو المشاكل المرضية، ولكن هذا يعد خطًأ كبيرًا، فمراهقك مدرك تمامًا لك هذه الحقائق ولكنه يواجهها وحده، فمن الأفضل أن توضح تلك الأمور بصراحة دون تحفظ وتجعلهم يشاركونك مشاكلك ويتعاطفون معك بدلًا من معاناتهم الصامتة مع زوجتك.
• عندما يعبر المراهقون عما يؤرقهم توقف أنت عن التحدث ثم خذ برهة من الوقت فإذا ما أمعنت النظر في وجوه مراهقيك فربما ترى مدى معاناتهم ثم استمع جيدًا لما يقولونه، فكل ما يريدونه في حقيقة الأمر هو أن تستمع إليهم بآذان صاغية وتمنحهم قليلًا من الإحساس المتبادل بالراحة وكثيرًا من الطمأنينة.
• على الرغم من أن المراهقين يبدون وكأنهم لا ينصتون لما يقوله آباؤهم، إلا أنهم يعترفون بأنهم ينصتون باهتمام وهم يقولون إنهم يودون أن يستمر آباؤهم في إلقاء المحاضرات عليهم حول ما هو خاطئ أو صواب ويجب أن تؤمن بأن نصائحك وتعليماتك هي التي ستضع أبناءك في النهاية على الطريق الصحيح.
• ربما تتساءلون لم يتوجب علينا الخوض في كل هذه المشاكل؟ عليكم القيام بهذه المحاولة لأن كل تصرف مؤلم يصدر منكم ولا تناقشونه مع أبنائكم يساعد دائمًا على توسيع الفجوة بينكما، لتصبح هوة سحيقة كالتي تفصل الكثير من البالغين عن آبائهم مدى الحياة أو على الأقل إلى أن يمر العمر بهم ويصبحون حينئذ قادرين على مسامحة آبائهم، فالأمر أسهل كثيرًا إن عبرنا لهم الآن عن اعتذارنا بصدق وذلك لما له من أثر جيد فيهم عنه إذا انتظرنا سنين بعد ذلك حينها تكون الأمور قد تحولت إلى استياء دائم منهم تجاهنا.