رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مارينز يتاجرون بالبشر والمخدرات



الاتهام أعلنه الجيش الأمريكى، فى بيان أصدره الخميس، فور إلقاء القبض على ١٦ من عناصر مشاة البحرية الأمريكية (مارينز) فى قاعدة «كامب بندلتون» بولاية كاليفورنيا، على بعد حوالى ٩٠ كيلومترًا شمالى الحدود المكسيكية.
الجيش الأمريكى قال إنه حصل على معلومات من تحقيق سابق دفعته إلى إلقاء القبض على عناصر المارينز الـ١٦، موضحًا أن ٨ آخرين «سيتم استجوابهم لدورهم فى جرائم مخدرات مفترضة، غير متصلة». بينما رجحت كندرا موتز، المتحدثة باسم المارينز، أن يكون هناك رابط بين تلك القضايا. ويؤكد هذا الترجيح أن اعتقالات الخميس جاءت بعد احتجاز عنصرين من المارينز، الشهر الجارى، بتهمة تهريب مهاجرين مكسيكيين غير مسجلين إلى الولايات المتحدة، بعد أن عثرت السلطات فى الجزء الخلفى من سيارتهم، على ٣ مكسيكيين، دفعوا ٨ آلاف دولار، من أجل تهريبهم إلى الأراضى الأمريكية.
الثابت هو أن جنودًا أمريكيين سبق أن ساعدوا مهاجرين على دخول الولايات المتحدة فى ٢٠١٤ و٢٠١٧ و٢٠١٨. وفى نوفمبر ٢٠١٧ كشفت جريدة «يو إس إيه توداى» أن الجيش الأمريكى أصبح يقبل المتقدمين ممن لديهم تاريخ فى الأمراض العقلية وتعاطى الكحول والمخدرات. ونقلت الجريدة عن وثائق أن سبب قبول هذه الحالات هو الحاجة إلى تجنيد ٨٠ ألف جندى جديد حتى سبتمبر من ذلك العام. كما نقلت الجريدة أيضًا تحذيرات لأطباء من مخاطر قبول هؤلاء، بينهم سبيث ريتشى، وهو طبيب نفسى متقاعد من الجيش، الذى أكد أن هؤلاء الأشخاص معرضون للإصابة بتلك الأمراض أو للإدمان أكثر من الآخرين.
تعريف الاتجار بالبشر، كما جاء فى بروتوكول الأمم المتحدة، هو«تجنيد الأشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم (...) بغرض الاستغلال». وطبقًا للتقرير الصادر عن المنظمة الدولية، فى يناير الماضى، فإن الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول التى يقوم فيها تجار البشر باستغلال الضحايا جنسيًا. ومع ذلك، توجد قائمة سوداء أمريكية بالدول المتهمة بارتكاب تلك الجريمة تضم الصين، روسيا، كوريا الشمالية، سوريا، إيران، فنزويلا و... و... وكوبا التى اتهمها تقرير الخارجية الأمريكية السنوى، الصادر فى يونيو الماضى، بممارسة الاتجار بالبشر عبر برنامجها لإرسال أطباء إلى الخارج.
توقفنا عند كوبا، لأن رئيسها ميجيل دياز- كانيل، وصف تقرير الخارجية الأمريكية بأنه غير أخلاقى وكاذب ومنحرف. وفى حسابه على تويتر أعلن وزير خارجيته، برونو رودريجيز، رفضه «تقييم الولايات المتحدة التعسفى والأحادى الجانب». مؤكدًا أن واشنطن «لا تملك السلطة الأخلاقية لتقييم الدول أو تصنيفها» وأن إدراج كوبا فى هذه القائمة السوداء ليس سوى «تشهير آخر لتبرير إجراءات عدائية جديدة».
إدراج دولة ما على تلك القائمة يعنى تعرضها لعقوبات أو أن الولايات المتحدة يمكن أن تحد من مساعداتها لها أو أن تكف عن دعمها فى هيئات مثل صندوق النقد الدولي. ودائمًا ما يعلن البيت الأبيض بالتزامن مع صدور تقرير الخارجية السنوى أنه سيزيد القيود على الدول المدرجة فى هذه القائمة من خلال الحد من مشاركتها فى برامج التبادل التعليمى أو الثقافى مع الولايات المتحدة. كما سبق أن أصدرت إدارة الرئيس دونالد ترامب تعليمات إلى المديرين التنفيذيين الأمريكيين لصندوق النقد الدولى والمديرين التنفيذيين فى بنوك التنمية المتعددة الأطراف الأخرى بالتصويت ضد تقديم قروض أو أموال لتلك الدول.
الغريب أن هذه القيود لم تشمل تركيًا التى تضعها تقارير الخارجية الأمريكية دائمًا فى المرتبة قبل الأخيرة فى قوائمها وتؤكد أنها هى المحطة الأخيرة أو دولة «الترانزيت» وفى بعض الأحيان تصل إلى مستوى «المصدر» فيما يتعلق بعمليات الدعارة والتشغيل القسرى للنساء والرجال والأطفال. كما احتفظت تركيا، أيضًا، طوال سنوات بالمركز الأول فى تقارير مؤسسة «ويلك فري» الأسترالية، بشأن عمليات تجارة البشر والعبودية المعاصرة. وكذا تقارير المنظمة الدولية للهجرة التى أفادت بأن غالبية المهاجرات اللائى يذهبن إلى تركيا ينتهى بهن المطاف إلى العمل فى الدعارة. وأيضًا تقارير منظمة «هيومان ريسورس ديفلوبمنت فاونديشن»، التى ذكرت أن «أغلب الفتيات القادمات إلى تركيا أملا فى العثور على عمل بأجر أكبر، يجدن أنفسهن دون عمل ولا مورد رزق، ويتجهن إلى ممارسة الدعارة».
أخيرًا، وإذا كان طبيعيًا ألا تفرض الولايات المتحدة عقوبات على نفسها، فإن غير الطبيعى هو أن تغمض عينيها عن تركيا، التى بالإضافة إلى كل التقارير السابقة، احتلت مساحة كبيرة فى كتاب «الرق: القصة غير المعلنة لتجارة الجنس الدولية»، الذى اتهمت فيه الصحفية المكسيكية، ليديا كاتشو، السلطات التركية الرسمية بأنها منخرطة، بشكل كبير، فى تجارة الجنس، وأكدت أن بين زبائن تلك التجارة، مسئولين فى الشرطة والجيش ونافذين فى دوائر الحكم.