التأمل.. مفتاح لإعادة السلام النفسي بعد مرحلة الكرب

إذا كنت مرتبكًا بسبب ما يحدث من كوارث حولنا، لا تقلق، أنت لست الوحيد، لكن لحسن الحظ لاتزال توجد طرق لاكتساب مزيد من الهدوء، واستعادة حالة السلام والتوازن النفسي، ولعل أهمها على الإطلاق هو التدريب على التأمل، الذي يعني تركيز انتباهك كطريقة لتهدئة العقل، وتنظيم التنفس، حيث أن الاستمرار في التركيز على أنفاسك يزيل من عقلك الانحرافات والقلق.

تعود ممارسة التأمل إلى قرون، إلا أنها اكتسبت مؤخرا شعبية جديدة، فهو متاح للجميع، ويمكن تصميمه ليتناسب مع مجموعة متنوعة في الفترات الزمنية، ومع أصحاب الإعاقات الجسدية، كما أن التأمل شكل صحي من الرعاية الذاتية، ويقول الخبراء والمتحمسين له إنه دواء ذو قيمة يتناسب مع الوتيرة السريعة لثقافتنا القائمة على التكنولوجيا.

ووفق موقع "psycom" فإن التأمل لا يقتصر على مساعدتنا على التهدئة والتخلص من الإجهاد فحسب، لكنه أيضًا يساعدنا في رؤية محتويات عقولنا وقلوبنا، لفهم الطريقة التي نبني بها العالم والألم الذي نتحمله بقدر أكبر من الوضوح والرحمة والقبول، وبهذه الطريقة، يتمتع التأمل بالقدرة على تحويل علاقتنا بأنفسنا، ومع الآخرين، والعالم من حولنا".

تقول دكتورة فاليري نوبيك، مدير الأبحاث في طب اليوجا، أستاذ ومدرب للتنمية البشرية والدراسات الأسرية في جامعة بوردو: "عندما نمارس تقنيات خاصة بالذهن والتأمل، فإننا نؤثر على نشاط الدماغ في المناطق التي تشارك في الحد من التوتر النفسي، ومع مرور الوقت والممارسة، تحد ممارستنا من القلق وزيادة سوء المزاج".

ماذا عن أنواع التأمل؟
هناك العشرات من أنواع التأمل التي تستخدم تقنيات مختلفة، ونقاط تركيز، وحتى أصوات.

-التأمل زين:
هذا النوع من التأمل، ويشار إليه أيضا باسم زازين، يمارس في وضع الجلوس مع عيون مغلقة، الجلوس مع وضع مستقيم للظهر ورأسية.

-التصور الموجه:
هذه التقنية التأملية تحظى بشعبية في المجتمع الرياضي، حيث يمكن من خلاله تخيل النتائج المطلوبة، على سبيل المثال، قد يستخدم أحد لاعبي كرة السلة التصور الموجه عن طريق إغلاق عينيه وتخيّل سداد الكرة في الشبكة. لرؤية إنجازه في الخيال، ما يساعده على تحقيق ذلك فيما بعد.

-تأمل الذهن:
يساعدك على تجربة الحاضر بشكل كامل عن طريق التركيز المفرط على المهام المختلفة في يومك، من الضروري إيقاف جميع أنواع الانحرافات، بما في ذلك الهواتف والتلفزيون والكمبيوتر وما إلى ذلك.
عندما تكون مركَّزًا بشكل كامل على المهمة التي تواجهك وكيف تشعر تجاهها، دون السماح لذهنك بالتجول سوف تستعيد انتباهك وتجعل "التركيز" أمرًا طبيعيًا.

أين يمكن ممارسة التأمل؟

-عند الاستحمام:
عند النظر في الاستحمام، فأنت وحدك، الماء في الحمام يخلق مساحة للتأمل، وهو شيء عليك القيام به كل يوم، على أي حال، إنه بديل رائع إذا شعرت أنه من غير الطبيعي أو من المستحيل الجلوس في مكان ما مع إغلاق عينيك.

لاحظ كيف يمر الماء على بشرتك، شعرك، الاستماع إلى أصوات قطرات الماء، ضع الصابون على المناطق التي تشعر بالتوتر وفركها، أرسل أنفاسك إلى تلك المناطق، كيف يشعر الماء بالركض فوق رأسك، أسفل عنقك؟ تنفس بعمق في الروائح المحيطة بك. عند الانتهاء من الاستحمام، يمكنك الرجوع إلى الوراء من الماء قبل إيقاف تشغيله. أغمض عينيك وتنفس بعمق. تنفس في قدميك، وسّع المسافة بين أصابع قدمك لزرع قدميك بقوة في الأرض.

-تأمل المشي
تعتبر تأملات المشي طريقة ممتازة لبدء التأمل إذا كنت تشعر بأن لديك الكثير من الطاقة للتركيز أثناء التأمل الجالس، أنت قادر على الحفاظ على تحرك جسمك، وتأخذ في محيطك، ضع في اعتبارك ترك هاتفك في المنزل أو في سيارتك. إذا كنت تريد هاتفك، فكر في تحويله إلى وضع الطائرة بحيث لا تشتت انتباهك، أو جرب تطبيقًا للتأمل. حاول التأمل سيرا على الأقدام لمدة خمس دقائق فقط أو لكامل المشي لمدة ساعة كاملة.
قبل أن تبدأ المشي، أغمض عينيك للحظة وتنفس بعمق، وجهز نفسك لترك المخاوف الخارجية، فكل شيء يمكن أن تنتظر حتى تنتهي.