رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروائي العراقي حسن النواب: أكتب حتى أخدع الموت وأطرد فكرة الانتحار "1 - 3" (حوار)

جريدة الدستور

هو روائى وشاعر عمل في الصحافة منذ 30 سنة، ونُشرت له قصائد في عدد من الصحف والمجلات الثقافية، وترأس منتدى الأدباء الشباب في كربلاء من عام 1990 وحتى 1992، وترأس اتحاد الأدباء والكتاب في كربلاء من عام 1998 وحتى عام 2000، له مؤلفات كثيرة أبرزها المجموعات الشعرية "أنا هناك حتى يضيء دمي، صدرت في 1988، وشريعة النوّاب، صدرت عام 2000"، و"ضماد ميدان لذاكرة جريحة" استذكارات حرب صدرت عام 1998، بالاضافة إلى رواية "حياة باسلة" صدرت 2012.

"الدستور" التقت الشاعر والروائي العراقي حسن النواب في حوار ينشر على ثلاث حلقات، يتحدث فيه عن مشواره مع الكتابة، وكذلك تجربته الطويلة مع الصحافة، ويكشف خلال السطور المقبلة كيف أبعدته الكتابة عن شبح "الانتحار" الذي يطوف في خلايا عقله، وتحدث عن السبب الذي يمنعه من ترجمة روايته "ضحكة الكوكوبارا" الفائزة بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي، وسبب كتابته لرواية "حياة باسلة" التي سيطرت على أوراقها رائحة الحرب، وأسباب هجرته للخارج.. وإلى نص الجزء الأول من الحوار:


• عملت بالصحافة وتكتب الشعر والرواية، كيف تحافظ على التوازن بين كل هذه الأجناس المغايرة؟
- كل نص أكتبه؛ هو أشبه بصديق وهمي ابتكره في غربتي لإنقاذ روحي من الوحشة، ومن الأسى وذكريات الحروب التي لم تكل من ملاحقتي بكوابيسها المفزعة؛ أكتب القصيدة لأخدع نفسي بأني مازلتُ أستحق أن أعيش؛ وأكتب المقال حتى أقارع شبح الموت الذي يحوم حولي؛ وأكتب الرواية بغية طرد فكرة الانتحار عن ذهني؛ أنا أكتب حتى أخدع الموت وأشعل القناديل في ظلام غربتي؛ ولكي أستمر عاشقًا متمردا في دروب الحياة؛ هذه الأجناس هي التي تكتبني في الحقيقة؛ كلما ضاقت حولي دائرة اليأس والإحباط. فالكتابة تؤجل فكرة الانتحار التي تطاردني.

• فازت روايتك "ضحكة الكوكوبارا" بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي؛ كيف ترى الجوائز في العالم العربي؟
- الجوائز تشبه إغراء حوريات فاتنات يجلسن على الغيم؛ وكلنا نتمنى لو نمتلك أجنحة حتى نطير إليهن؛ كثيرا ما أرى الجائزة كأنها ملكة النحل التي تطاردها اليعاسيب في أعالي السماء للظفر بملذاتها؛ لكن في الطريق إليها نرى تلك اليعاسيب تتساقط تباعا لنفاد عزيمتها وتلاشي قوتها الروحية، ولن يظفر بها غير المكتنز بالموهبة والصبر والجنون؛ هذا بالنسبة للذكور؛ أما الإناث من الكاتبات فترى الجوائز مثل قلائد ماس وذهب؛ ومن تمتلكها ستكون أبهى النساء في حفل التتويج.

• هل تفكر بترجمتها؟
- أجل لدي رغبة شديدة بترجمتها؛ وأتطلع من خلال ذلك إلى تحقيق مفاجآت كثيرة؛ لقد اطلعت على بعض الروايات المترجمة من العربية إلى الإنجليزية؛ واكتشفت هفوات مزعجة بتلك الترجمات مقارنة مع نصها العربي؛ بوسعي ترجمة روايتي بجهد شخصي؛ لكني سأصرف وقتًا طويلًا حتى أفرغ منها؛ ولذا مازلت أبحث عن مترجم ينجز ذلك؛ وسأعيد مراجعتها بنفسي.

• روايتك الأولى "حياة باسلة".. هل كانت سيرة حياتك في الحرب؟
- كانت سيرة عذابات جميع الجنود الذين دخلوا جحيمها مرغمين؛ وسيرة الأدباء المهمشين الذين بسبب عوزهم كانوا ينامون في الحدائق وعلى الأرصفة في زمهرير الشتاء ولهيب شمس الصيف؛ هي صرخة احتجاج بوجه الطغاة والمزيفين والمخبرين وأدباء الزيتوني الذين بسببهم ذهب الكثير من الأبرياء إلى منصة الإعدام؛ بلا جريرة ولا ذنب؛ وكل ما فعلوه أنهم صرخوا لا للحرب وكفى استهانة بالإنسان.

• شهدنا مؤخرا مقتل الكاتب العراقي علاء مشذوب على يد الظلاميين.. فهل هجرتك إلى استراليا من بين أسبابها التهديدات بالقتل؟
- لقد هاجرت من البلاد قبل 18 عاما؛ هربا من استبداد النظام القمعي ورعب رجال الأمن ونقاط التفتيش والبطش؛ ويبدو أنَّ هذا الرعب مازال يلاحق الأدباء في وطني حتى الآن؛ لكن صار أكثر وضوحًا ووقاحة؛ إذ بوسع أي ظلامي متعصب أن ينهي حياة إي إنسان بطلقة كاتم صوت؛ وهذا ما جرى للشهيد علاء مشذوب؛ لقد استباحوا دمه أمام أنظار الناس بكل همجية ووحشية؛ فيما مضى كانوا يقتادون الناس الأبرياء إلى محاكم صورية؛ ويحكمون عليهم بالإعدام أو السجن المؤبد؛ لكن في الوقت الحاضر تكفي طلقة واحدة للتخلص من الذي لا يواءم أفكارهم ويفضح فسادهم.