رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليابان ترحب بكم.. ولكن!


لدولة اليابان موقع إلكترونى بثمانى لغات، بينها اللغة العربية، اسمه «نيبون - بوابتك إلى اليابان»، مهمته التعريف بالدولة وشرح عاداتها وتقاليدها. ولاحقًا، أصبح الموقع وحساباته على شبكة «تويتر»، تحديدًا حساب «اليابان بالعربى»، منصة لتفنيد الشائعات والمعلومات الخاطئة، وأطلق هاشتاج «خرافات عن اليابان»، الذى كانت هيئة الإذاعة البريطانية، BBC، أحدث زبائنه أو أحدث من تم ضبطه متلبسًا بارتكاب هذا الفعل الفاضح.
الفعل الفاضح، كان عبارة عن «فيديو يحتوى العديد من الأخطاء سواء فى الأرقام الخاصة بنسبة كبار السن فوق سن ٦٥ فى اليابان أو حتى عدد السكان الحالى. وعرض غير صحيح للقانون الجديد، ناهيك عن عرض تغريدات تحمل معلومات خاطئة، وطريقة عرض غير احترافية من المذيعة». وما بين التنصيص ننقله من التغريدة التى نشرها حساب «اليابان بالعربى»، الخميس، وأنهاها بعبارة «بكل الأسى أهلًا بكم فى هاشتاج #خرافات_عن_اليابان».
الفيديو أو التقرير المصور الذى عرضته BBC، باللغة العربية، عنوانه «اليابان تفتح أبوابها للمهاجرين.. فهل يقبل عليها العرب؟». وإلى الرد اليابانى، نضيف أن التقرير تناول الموضوع بمنتهى السطحية، وبقدر كبير من الاستسهال والاستخفاف، كما كان سخيفًا وعنصريًا وينضح بالكراهية تجاه اليابانيين والعرب. ولم أجد سببًا أو مبررًا لتوتر المذيعة، المرتبكة المتلعثمة، و«دبدبتها» المستمرة على الأرض، غير كونها قريبة الشبه بـ«الدبدوب»!.
بقليل من البحث، عرفنا أن الحكومة اليابانية، تقدمت إلى البرلمان، فى ١ نوفمبر الماضى، بمشروع قانون يخفف القيود على قواعد الهجرة، ويستحدث فئتين جديدتين من التأشيرة تسمحان للأجانب بالعمل فى قطاعات تعانى نقص الأيدى العاملة. وبينما وُوجه مشروع القانون بانتقادات من أحزاب معارضة، قُوبل بترحيب شديد من شركات عديدة، ظلت تطالب لفترات طويلة، بتعديل القانون بشكل يتيح لها توظيف الوافدين لسد العجز أو تأمين احتياجاتها من العمالة منخفضة التكلفة. ومن حساب «اليابان بالعربى» عرفنا أن المشرّعين اليابانيين وافقوا، فى ٨ ديسمبر الجارى، على مشروع القانون «إلا أن التفاصيل، من قبيل القطاعات التى يسمح بالعمل فيها والحد الأقصى، لم تتحدد بعد».
بالفعل، لا توجد تفاصيل عن القانون، لكن بسهولة يمكنك معرفة أن الثلاثين عامًا الماضية، شهدت تغيرًا كبيرًا فى سياسة اليابان تجاه العمالة الأجنبية. إذ كانت الحكومة اليابانية قد أقرت سنة ١٩٨٨ لأول مرة، ضمن خطتها الأساسية السادسة المتعلقة بتدابير الوظائف، الترحيب بالعمالة الأجنبية التى تتمتع بمهارات خاصة، مع استمرار حظرها للعمالة غير الماهرة الوافدة من الخارج التى قد يتم قبولها لتعويض النقص فى الأيدى العاملة المحلية. لكن السياسة الحكومية لسنة ٢٠١٨ بشأن الإدارة الاقتصادية والمالية والإصلاح، التى تمت الموافقة عليها فى يونيو الماضى، تضمنت قرارًا ينص على إنشاء فئة جديدة من تأشيرات العمل للعمالة الأجنبية «غير الماهرة» لسد العجز فى القوى البشرية فى صناعات ومجالات محددة.
بين هاتين السنتين، أو خلال الثلاثين سنة، كانت هناك بعض التغيرات التدريجية، أبرزها اعتماد الحكومة اليابانية سنة ٢٠١٢ نظام النقاط لإصدار تأشيرات المهنيين الأجانب ذوى المهارات العالية. وسنة ٢٠١٥ تم استحداث فئة من التأشيرات للمهنيين ذوى المهارات العالية. كجزء من استراتيجيتها للنمو وللموافقة على منح الإقامة. وسنة ٢٠١٧ تم إنشاء نظام جديد أطلقوا عليه «البطاقة الخضراء للمهنيين ذوى المهارات العالية» يسمح للعمال الأجانب الذين يحصلون على درجة معينة فى ظل نظام النقاط بالتقدم للحصول على الإقامة الدائمة بعد سنة واحدة فقط بدلًا من الانتظار عشر سنوات. ومع ذلك، أشارت أرقام الدخول والخروج إلى أن العدد الأكبر من الأجانب يغادرون اليابان حين يصلون إلى مركز مهنى على درجة عالية من المهارة.
بهذا الشكل، ومع تناقص عدد السكان، كان طبيعيًا ومنطقيًا أن تقوم الحكومة اليابانية بإصدار القانون الجديد، لتعويض النقص المتزايد فى الأيدى العاملة. وربما كان بين الأسباب أيضًا عدم التزام الشركات بالاشتراطات والتدابير التى كان يفرضها القانون المعمول به. إذ تقول الإحصاءات الرسمية إن عدد الأجانب الذين يعملون فى اليابان، وصل فى نهاية أكتوبر ٢٠١٧، إلى مليون و٢٧٨ ألفًا، لم يحصل سوى ٢٠٪ منهم فقط على تأشيرة عمل!.
أخيرًا، وإلى أن نعرف تفاصيل أكثر عن القانون الجديد، يمكننا استنتاج أن اليابان، كغيرها من الدول، لن تفتح أبوابها لأى «عواطلى» أو «عويل». وقطعًا للشك باليقين، نشير إلى أن شينزو آبى، رئيس الوزراء اليابانى، قال لنواب البرلمان، خلال عرض مشروع القانون، إن اليابان لن تقبل سوى «الذين يملكون مهارات معينة، وبإمكانهم الالتحاق بالعمل فى الحال، فى القطاعات التى تحتاجهم». وطبيعى ألا يكون أمثال «دبدوبة BBC» بين هؤلاء.