رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمود خليل يكتب: عفوًا عزيزى المسلم.. الدول لا تدخل الجنة

محمود خليل
محمود خليل

- الدولة تعبير عن فكرة اعتبارية تخيلية ومن ثم ليس لها دين
- المؤمن ليس فى حاجة إلى دولة تعينه على تطبيق تعاليم الإسلام

ما أكثر ما أثارت وتثير مادة الدستور التى تنص على أن «دين الدولة الإسلام والعربية لغتها» من جدل ولغط بين المصريين. وحقيقة الأمر، فإن المدافعين عن هذه المادة لا يعكسون فى دفاعهم حرصًا على الإسلام، ولا يعبر الرافضون لها عن ولاء واضح للفكرة «المدنية». فى كل الأحوال نجد أن السؤال المطروح حول هذه المادة سؤال منطقى. فما معنى أن نقول إن للدولة دينًا؟ وما مغزى أن نقول إن لها لغة معينة؟ فهل للدولة دين أو لغة؟.

إن الدين هو دين الأفراد واللغة لغتهم، فهم فقط القادرون على تقرير العقيدة التى ينتمون إليها واللغة التى يتحدثون بها. وما الدولة إلا تعبير عن فكرة اعتبارية تخيلية، وبالتالى يكون من الصعب أن ننسب إليها دينًا أو لغة.
فالنص على أن اللغة العربية هى لغة الدولة لم يمنع من انتشار التعليم باللغات الأجنبية فى مصر، والكل يعلم أن المصريين يتنافسون فيمـا بينهم على إلحاق أبنائهم بمدارس اللغات، وما أكثر ما تجد أحدهم يتحدث بمنتهى الفخر عن أن ابنه «مبيعرفش يتكلم عربى» ودائب «الرطن» بالإنجليزية مع إخوته وأصدقائه. وهناك طبقة كاملة فى مصر تزهد فى التواصل فى حياتها اليومية باللغة العربية وتفضل عليها الإنجليزية أو الفرنسية. والكثير من صغار الطبقة المـتوسطة وأبناء الطبقة الفقيرة المضطرين إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس «العربى» يحلمون بيوم يتمكنون فيه من توفير مصروفات المدرسة اللغات حتى ينقذوا أبناءهم من براثن التعليم العربى الذى لا يمكّن خريجيه من الالتحاق بأى وظيفة ذات قيمة بسبب عدم احترامنا كأفراد للغتنا القومية التى نزل بها القرآن الكريم. وقد شهدت بلادنا هذا التحول فى ظل النص الدستورى على أن العربية هى لغة الدولة، مما يدلل على أن العبارة لا تعبر بدقة عن الواقع، بل تساق على سبيل المجاز أو التعبير الخيالى.
وينسحب على عبارة «الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع» ما ينطبق على اللغة. فالحكومة غيبت منذ سنين مشروع تقنين الشريعة الإسلامية الذى طرح فى أواخر السبعينيات. ومن المؤكد أن أى شخص سوف تعتريه الدهشة إذا قلت له إن الحكومة قررت تطبيق حد قطع يد السارق، لأنه لن يصدق بحال أن يأتى ذلك اليوم الذى يجد فيه مسئولى الحكم وقد أمسك كل واحد منهم بسكين فى يده ليقطع بها يد من سرق منهم أو من المواطنين. ولكى نكون منصفين فإن المسألة لا تنطبق على الحكومة وفقط، بل تنطبق أيضًا على الشعب. فما أكثر ما تحرم المرأة من حقها –المقرر شرعًا– فى الميراث، خصوصًا داخل الصعيد، خوفًا من تسرب الثروات العائلية إلى الأغراب!. وربما يكون من يحرمها من ذلك يصلــى ويصوم ويداوم على زيارة البيت الحرام، تمامًا مثلما يفعل المسئول أو رجل الأعمال الذى تجلل «زبيبة الصلاة» جبهته ويقيم موائد الرحمن فى رمضان ويبذل المال من أجل تسفير الفقراء للحج والعمرة، لكنه لا يتباطأ عن السرقة والنهب وإهدار الحقوق!.
فالدين إذن ليس دين الدولة ولا دين المجتمع، بل هو فى الأساس دين الفرد. وعندما تتمكن تعاليم الإسلام وشرائعه من نفس المؤمن به فإنه ليس بحاجة إلى دولة تعينه على تطبيق هذه التعاليم وتلك الشرائع فى سلوكيات حياته اليومية، ولن تمنعه دولة - لا تعتقد فى ذلك- من أن يسلك فى حياته طبقًا لما يؤمن به. فكثير من المسلمين يعيشون فى دول تنص دساتيرها على أن الكاثوليكية أو البروتستانتية هى مذهب الدولة، فهل منعهم ذلك من التمسك بدينهم؟. وهل المواطن الذى يعيش فى دولة ينص دستورها على أن الإسلام دينها لا يستطيع أن ينافق أو يكذب أو يسرق دون أن تكترث به حكومته التى هى على شاكلته؟!.
العقل والمنطق يقول إننا لو استبدلنا حالة الهوس بالعبارات والشعارات بحماس أكبر من أجل تغيير أنفسنا حتى يغير الله ما يحيط بنا لانصلح حالنا. والبداية بسيطة جدًا وهى أن نقول ما نفعل وأن نفعل ما نقول «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون». صدق الله العظيم وكذب المتنطعون!.