رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تنسى وعدك!!



يحكى قديما أن ملكا قد عاد إلى قصره فى ليلة شديدة البرودة، فرأى حارسا عجوزا واقفا بملابس رقيقة. فاقترب منه الملك وسأله: ألا تشعر بالبرد؟. فرد الحارس: «نعم أشعر بالبرد، ولكنى لا أمتلك لباسا دافئا فلا مناص لى من التحمل». فقال له الملك: «سأدخل القصر الآن وأطلب من أحد الخدم أن يأتيك بلباس دافىء». فرح الحارس بوعد الملك.. لكن ما إن دخل الملك قصره حتى نسى وعده!!. فى الصباح كان الحارس العجوز قد فارق الحياة... وإلى جانبه ورقة كتب عليها بخط مرتجف: «أيها الملك، كنت أتحمل البرد كل ليلة صامدا، ولكن وعدك لى بالملابس الدافئة سلب منى قوتى وقتلنى»!!. صدقت...

لا توعد إلا إذا كنت متأكدا من قدرتك على التنفيذ فلا تستعجل الوعد وأنت لا تملك إلا الرغبة دون القدرة على التنفيذ. «أبطأ الناس فى قطع الوعد هو دوما الأكثر إخلاصا فى الوفاء بالوعد». صدقت يا روسو. وكن كريما.. فالكريم هو الذى إذا وعد وفى، فعجل دائما بالوفاء حتى مع عدوك. قال الشاعر: وفاء العهد من شيم الكرام.

ونقض العهد من شيم اللئام.. وإذا قلت فى شىء: نعم فأتمه.. فإن نعم الدين على الحر واجب. لا خير فى وعد إذا كان كاذبا.. ولا خير فى قول إذا لم يكن فعلا.. ولا تكن منافقا ... فإن آية المنافق ثلاث: « إذا حدث كذب، وإذا أوعد أخلف، وإذا أؤتمن خان». صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد أكد الله سبحانه وتعالى فى كتابه أكثر من مرة على وجوب التزام المؤمن بوعوده «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود». و«وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا» و«يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون».. فالوعود الكاذبة قد تصبح «وعودا قاتلة» لمن يعيش عليها فقد تعنى لهم أكثر مما تتصور!! فالوعود الكاذبة قد تقتل الأحلام، الآمال، الأمان، السعادة، المستقبل، الحياة بداخله. فتمر أيامه وعمره أمامه دون أن يشعر بجمال الحاضر لأنه فى انتظار الوعد وما يحمله من سعادة!!.

سئل أحد العرب: بأى شىء يعرف وفاء المرء ودوام عهده دون تجربة واختبار قال: بحنينه إلى وطنه وتلهفه على ما مضى من زمانه. وبحنينه إلى إخوانه، ومن بكائه على زمانه لأن من علامة الوفاء أن تكون النفوس إلى مولدها مشتاقة، وإلى مسقط رأسها تواقة»... صدقت ..لا تنسى وعودك مع البشر والأهم لا تنسى وعودك مع الله... مع نفسك... لأنك ستسأل عن كل وعودك!! والآن.. راجع نفسك.. وأطرح على نفسك هذا السؤال: هل عاهدت أحدا ولم أوفى بوعدى؟. كم مرة عاهدت الله ولم أوفى بوعدى له؟.. اللهم اجعلنا ممن يعاهدون الله ويعاهدون الناس على الحق وينفذون دائما وعودهم... أمين يارب العالمين.. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.