رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المتغـيـرات الدولية.. واعـترافات أمريكية مثيرة للجدل


تعـتبر الاعترافات التى يُسمح بالإدلاء بها من بعـض قادة الرأى ومسئولى الإدارات الأمريكية السابقين من أبرز الأحداث التى تؤدى إما إلى إسدال الستار على بعـض الحقائق التى أفرزتها تفاعلات بعـض المتغـيرات الدولية أو الإقليمية، أو لتبرير الإجراءات التى قامت بها الولايات المتحدة بعـد أن أظهر الزمن حقيقتها، فمنذ خمس سنوات قامت مجموعة منهم بإنشاء موقع إلكترونى بعـنوان «WDC911TRUTH» لتعـريف المجتمع الأمريكى بحقيقة ما جرى فى سبتمبر 2011 «Nine Years Of War Based On a Lie» «أى تسعة أعـوام مضت على حرب بُنيت على كذبة»، وقد انضم أعضاء من الجيش الأمريكى ومسئولى الإدارات الأمريكية السابقة وكثير من المثقفين إليها، ومنذ أسابيع قليلة ظهر كتاب «مهندسو الكارثة ـ تدمير ليبيا» لرئيس المخابرات الأمريكية الأسبق، تناول فيه كيف تم تدمير ليبيا بعـد أن جاءها مخاض الربيع العـربى، وكانت هيلارى كلينتون قـد اعترفت أيضا بأن العراق لم يكن يمتلك أسلحة تدمير شامل، وهو اعـتراف صريح بأن غزو وإحتلال وتقسيم العراق قد بُنى على كذبة أكبر منها.

وكان قد صدر بالأمس القريب كتاب للسيـدة كلينتون بعـنوان «الخيارات الصعـبة» أبرزت فيه التناقضات الحادة والانقسام العـميـق فى إدارة أوباما إزاء تفاعلات أحداث بلدان الربيع العربى، خاصة تلك التى تتعـلق بأحداث 25 يناير فى مصر، حيث أوضحت أن الإدارة الأمريكية انقسمت آنذاك إلى فريقين، الأول يتكون منها وجو بايـدن نائب الرئيس الأمريكى ودونيلون مستشار الأمن القومى وروبرت جيتس وزير الدفاع «الحرس القديم» وهـذا الفريق يتميز بالروية والحكمة بحكم الخبرات التراكمية الواسعة التى اكتسبها أعضاؤه على مدى زمنى طويل، أما الفريق الثانى فيضم عـددا من مساعـدى الرئيس من جيل الشباب «الحرس الجديد»، وهم الذين يسيطرون بآرائهم المندفعة على أوباما حتى أصبح هو القائـد السياسى الأكثر فشلاً فى قيادة أقوى دولة فى العالم، فقد نصحه الفريق الأول بالإبقاء على الرئيس مبارك حتى يتخذ الخطوات اللازمة للانتقال المنظم للسلطة، لضمان تأمين وصيانة الأهداف الأمريكية «الإمتيازات اللوجستية التى تقدمها مصر عـند عـبور قناة السويس، وضمان أمن إسرائيل، والتصدى للإرهاب»، وحذروه من الفوضى العارمة التى ستنشأ من الرحيل الفورى لمبارك وعدم الترتيب للانتقال المنظم للسلطة، ونصحوه أيضا بأنه من غـير المقبول أن تترك الولايات المتحدة حلفاءها فى المنطقة «مصر وإسرائيل والأردن ودول الخليج» تتجه نحو مستقبل خطير وغـير مؤكد، لكن أوباما تجاهل هذه النصائح، واستمع إلى آراء مساعـديـه التى نتج عنها تفاعـلات ألقت بتداعـياتها السلبية على علاقات الولايات المتحدة مع مصـر ودول الخليج، فهل يهـدف هذا الكتاب إلى تحسين الصورة الذهـنية لكلينتون أمام الرأى العام الأمريكى أولا وهو الأهم، ثم الرأى العام العالمى؟ فالفقرة السابقة من الكتاب تحمل فى طياتها بحتمية البدء فى إجراء عـملية الانتقال المنظم للسلطة تفادياً للفوضى التى قد تنشأ، إلا أن الانقسام العميق بين الحرس الأمريكى القديم والحرس الجديـد قد حال دون دراسة هذه النصائح.

أما الاعـتراف الأكثر غرابة، والذى يُمكن أن يدور حوله جدل أكثر إثارة، فهو اعـتـراف ضابط المخابرات الأمريكية «CIA» «نورمان هودجز» الذى اعـترف أخيراً بعد 53 سنة، بأنه هو الذى قام باغـتيال مارلين مونرو التى كانت على علاقة غـيـر سوية بالرئيس الأمريكى كينيدى، خشية أن تقوم بتسريب معلومات لها طابع السرية قـد يُدلى بها الرئيس فى لحظة ضعـف إلى جهات معادية للولايات المتحدة، والمعـروف أن الرئيس كينيدى قد قتل بعـد أن كشف عن مخطط الهيمنة على العالم فى خطاب تدشين حاملة الطائرات العـملاقة «كيتى هوك» «إن السيطرة عـلى البحار والمحيطات تعـنى الأمن، والسيطرة عـلى البحار تعـنى السلام، والسيطرة عـلى البحار تعـنى النصر، فإذا كان هـناك درس من القـرن العـشرين ينبغى أن ندركه، فهو أنه بالرغـم من التقدم المذهل فى الفضاء والجو، إلا أنه يتعـين علينا أن نكون قادرين على التحرك السريع عـبر بحار ومحيطات العالم، فإن بقاءنا يوما قد يتوقف على ذلك».

وقـد أُغـتيل كينيدى لأنه كشف عن الهدف النهائى للولايات المتحدة «السيطرة على العالم»، وكشف أيضا عن استراتيجية تحقيقه «بناء قوة بحرية متفوقة حيث سيتم دعمها بهذه الحاملة العملاقة» فإذا كان هذا الضابط قد اعـترف صراحة باغـتيال مارلين مونرو، فمن القاتل الحقيقى الذى اغـتال كينيدى؟ أوزوالد الذى أُغـتيل قبل محاكمته أم ضابط آخر! وهل حان وقت ظهور هذا الآخر ليعـترف؟ أغلب الظن أن إجابة هذه التساؤلات لدى الـ «CIA».