رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقوق الفساد... خمس سنوات بأثر رجعى!!


بعد ثورة يناير.. والتى لم يعترف بها الفساد حتى الآن أصيب بحالة هرع وفزع وهرول إلى الأوكار والجحور فى أبراجه وقصوره.. اختفى عن الأنظار.. كان الفساد يردد همساً.. «إنه الشعب.. إنه الشعب».. ظل الفساد تحت الأرض وملياراته الطائرة المنهوبة من عيون الوطن تطير إلى بنوك العالم فى حسابات سرية وعلنية..! ثم قامت جماعة الإخوان بسرقة ثورة الشعب.. لكن نفس الجماهير خرجت مرة أخرى تعيد الثورة والوطن المخطوف.. تنفس الفساد وعاد مرة أخرى أكثر قوة ووحشية مما كان من قبل.. أصبحت أسنانه كما قال الشاعر.. «تفوت فى الحديد.. مفيش سخن بارد بياكله الجليد»!! نظم الفساد صفوفه بعد أن عاد الشعب إلى دياره.. وأخد ينادى بحقوق الأثر الرجعى.. وما عليها من فوائد التأخير! بعد كل هذا.. وانتصار الشعب.. لم يتم عزل فاسد واحد كما لو كنا فى المدينة الفاضلة حيث عاش أفلاطون!! إن العدو الحقيقى الآن للشعب المصرى هو الفساد العائد والمنتقم.. والذى نتباهى بانتصاره.. على من؟! هل على الشعب لقد أصبح الفساد الآن يشعر بالأمن والأمان وهو يعلم أن أحداً لن يستطيع الاقتراب منه!!

بل إن الفساد منزوع الوطنية.. لا وطن له.. سوى حساباته البنكية هو يشعر بارتياح عميق.. عندما تنفجر قنابل المجرمين.. ويسعد كثيراً عندما يرى كل مؤسسات الدولة تعمل على مواجهة الإرهاب فهو يعلم أنه أصبح فى مأمن لن تطوله يد العدالة فهو يختفى خلف دخان الإخوان!! إذا سألت رئيس الحكومة أو أحد الوزراء سيقول لك «كلام مرسل معاك دليل»؟! إذا قدمنا له «كرتونة» مستندات عن الفساد الذى التهم أموال التأمينات يقول لك «اذهب إلى النيابة»!! ورئيس الحكومة يعلم أنه يملك القرار.. أن يطيح برموز الفساد أو يرقيهم ويمد لهم الخدمة بعد المعاش!! أى أن الفساد مقاومته لها يمكن أن تتم بتوجيه الضربات إليه بقرارات.. وتحويله للنيابات هى مرحلة أخيرة.. لكن لا يمكن أن يحال الفساد للتحقيق ويستمر سنوات ويشغل نفس مواقعه ويمارس نفس هواياته.. ونحن ننتظر نهاية التحقيق!! ما فائدة الحكومة إذا؟! وما سلطات كل وزير؟! حتى يصبح الشعب نفسه هو الجانى!! إن للفساد حقوقاً وهى واجبة التنفيذ، حيث تسببت ثورات الشعب فى خسارته مادياً ومعنوياً وعلينا أن نعمل على إعادة حقوق الفساد وبأثر رجعى!!

منذ سنوات ونحن نصرخ فى كل أجهزة الإعلام وعلى منشتات الصحف ومع الوزراء وكل رؤساء الحكومات نعلن عما تم من اعتداء آثم على أموال التأمينات وأن ضحايا هذا الاعتداء بالملايين من المصريين بعضهم فى المقابر الآن وآخرون داخل غرف الإنعاش.. لم نسمع عن قرار واحد اقترب من حدود الجريمة.. بل سمعناه وقرأنا عن قرارات حكومية قامت بحماية الذين اعتدوا على أموالنا وحصنتهم.. بل وقامت بترقيتهم.. لكن الغريب أن رئيس الحكومة نفسه وبمبادرة بوزيرة التضامن قام بمد الخدمة مرتين لأشهر من اعتدى على اموالنا.. نعم.. لن ننتظر أى ضربة توجه للفساد بل علينا أن ننتظر ضربات توجه إلينا نحن.. بتهمة أننا شرفاء هذا الوطن!!

من يصدق أن لدينا 80 هيئة اقتصادية مستقلة تعمل وفق سياسة العزب المنفصلة.. وتحولت الإدارات فيها إلى مراكز قوى لا يمكن الاقتراب منها.. وجميعها مملوكة للشعب المصرى.. الخيال لا يمكن أن يصدق أن عشرات الشركات القابضة ومئات الشركات التابعة.. وهى بقايا القطاع العام.. أصبحت تعمل فى سرية تامة الشعب صاحب هذه الأموال غير معلن عليه أسلوب إدارتها ونسبة الفساد فيها بل أصبحنا نرى نظام الورثة هو المدير الوحيد لأموال الشعب أى أنها ليست أموالاً عامة بل أصبحت أموال هذه الشركات ملكية من يديرونها.. لم نسمع صوت رئيس الحكومة أو أى وزير يعلن مرة واحدة عن تطهير هيئة أو شبكة..!! حتى موارد الشعب السيادية من بترول وغاز ومناجم أصبحت فى سرية تامة لا يجوز لمواطن مصرى مهما كان شأنه أن يعلم أو يعرف ما موارده السيادية.. وما العائد منها؟! لكن الحكومة تعتبر أن الموظفين هم «الفساد الإدارى» وتريد الإطاحة بـ 3 ملايين منهم.. باعتبار أن الشعب أصبح عبئاً على الحكومة أن الفساد العائد والمنتقم علينا أن نحترم حقوقه ونمنحه الأثر الرجعى المستحق له.. هذه الحقوق واجبة التنفيذ.. عليه العوض «ومكنش العشم»!!