رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإنسان أولاً


- إن التجارب العظيمة لا تتحقق فقط بالعلوم والمعارف والتكنولوجيا، ولكنها اعتمدت أيضــاً وبصورة أساسية على إعادة بناء الإنسان قبل أى شىء وبث الوطنية فى نفسه ووجدانه ، وترسيخ مبدأ المواطنة فى عقله منذ نعومة أظفاره، ولذلك فإن الإنسان وتطويره هو هدف رئيس من الأهداف الاستراتيجية فى نظم التعليم الحديثة التى اعتمدتها الدول التى استطاعت أن تحقق معجزات فى تنمية نفسها، فالإنسان هو أساس أى تطور، وبدون العمل على إصلاحه وتنميته ، وتأصيل الوطنية فى وجدانه يتحول من دعامة أساسية فى بناء الوطن إلى عقبة وعبء يمنع نهوضه، يقول فرانسوا ديبالى خبير التربية فى الاتحاد الأوروبى: «لم تعد المدرسة إطاراً لتلقين المعارف والعلوم فحسب، بل إن لها وظيفة أساسية تتمثل فى تشكيل المواطن».

- وعند تأمل مناهج التعليم فى الصين وهى من الدول التى حققت معجزة حقيقية فى نهضتها، نجد أن العلوم الإنسانية ومنها التربية للمواطنة تحظى فى عموم المقاطعات الصينية بنصيب كبير من الاهتمام، ويخصص لها منهج مستقل بذاته تحت مسمى «التربية السياسية» لجميع مراحل التعليم العام، من أبرز موضوعاتها: الأخلاق، المشاركة السياسية، النظام، التعاون، المسؤولية، إلى جانب ذلك فإن ثمة اتجاهًا لجعل كثير من المواد الدراسية الأخرى فى خدمة مادة التربية السياسية، باعتبار ذلك هدفًا رئيسًا للنظام التعليمى المعتمد فى عموم الصين، والربط بين التعليم والعمل المنتج يبدو واضحــاً حتى منذ مرحلة رياض الأطفال فبرغم أنها مرحلة غير إلزامية، إلا أنه ينظر إليها باعتبارها من أهم المراحل فى مجال التربية السياسية، حيث تغرس بذور المواطنة وروح العمل الجماعى واحترام السلطة والالتزام بالنظام، من خلال أداء بعض الأعمال البسيطة مثل مسح الأرضيات وترتيب الأدوات والملابس وتعلم الأناشيد الوطنية، وفى مراحل التعليم التالية ابتدائى، إعدادى، ثانوى تتضمن المناهج الدراسية ما يعرف بالكفايات التربوية التى تتعلق بمبادئ المواطنة وقيمها واتجاهاتها، والتى يستهدف منها تحقيق الآتى: «احترام القانون والالتزام به، رفع مستوى الوعى بأهمية العمل اليدوى واحترامه، احترام الفرد لذاته وللكبار والسلطات، تنمية الشخصية المتكاملة للفرد ليكون عاملًا فاعلًا بوعى اشتراكى اجتماعى ثقافى، غرس روح المسؤولية لدى الأفراد وقبولها كمواطنين، الاعتزاز بالمنجزات والمكتسبات، التسامح فكراً وسلوكــاً، تقدير أهمية المحافظة على الوحدة الوطنية».

- ولذلك يجب على الحكومة أن تضع رؤية وخطة لإعادة بناء المواطن المصرى، إنها نقطة البداية الحقيقية التى نستطيع من خلالها تحقيق نهضة بلدنا ومواجهة جميع المخاطر المحيطة بها