رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتمية إصلاح البناء النفسى للمجتمع


إن إعادة بناء بلدنا وتحقيق نهضتها المنشودة يتطلب إحداث تغيير اجتماعى جذري، وهذا التغيير يتناول ثلاثة جوانب من المجتمع على التوالى : تغيير فى قوى الإنتاج وأدواته، وتغيير فى شكل الملكية وبناء المجتمع الطبقى، وتغيير فى البناء العلوى أو الفوقى أى فى الفلسفة والقيم والتشريع والموقف من العالم، ويتضمن أيضاً البناء النفسى للأفراد وقيمهم واتجاهاتهم وأنماط سلوكهم فى مواجهة مختلف المواقف الاجتماعية .

ونحن نسمع أن الحكومة قد وضعت رؤى وخططاً للإصلاح، ولكنها تتكلم دائماً عن الجانب المادى للإصلاح أو ما يسمى البناء الأساسى للمجتمع، وإلى الآن لم تقدم الحكومة أى رؤية لإصلاح البناء العلوى أو الفوقى للمجتمع، وهو يشمل ضمن ما يشمل نظام القيم والعادات والتقاليد وأنماط السلوك اليومى وفلسفة الحياة بصفة عامة، وهذا البناء الفوقى أعصى على التعديل وأشد مقاومة للتغيير والتطوير، ويتطلب تغييره الاستخدام السليم للأجهزة والمؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية والإعلامية والترفيهية بالإضافة إلى الفنون والآداب والصحافة، ويمكن استخدامها فى نشر القيم والأخلاقيات المطلوبة لتحقيق الرؤية الإصلاحية العامة للمجتمع، شريطة وجود الظروف المادية الموضوعية اللازمة لتكوين هذه القيم، مثال ذلك نشر قيم العمل والإنتاج بين الشباب شريطة أن تقوم الدولة بتوفير فرص عمل حقيقية، كذلك يمكن الدعوة إلى أهمية دور المرأة على أن تكون فرص التعليم والعمل والمساواة بين الرجل والمرأة قائمة بالفعل وتمارسها المرأة فعلاً، وبالمثل يمكن تكوين اتجاه التأييد والتحبيذ للصناعات المحلية الوطنية إذا ما توفر لهذه الصناعات بالفعل حد معقول من الأسعار والجودة، وهكذا .

وإن لعلم وعلماء النفس دوراً مهما فى متابعة عمليات إصلاح وتغيير البناء الفوقى للمجتمع، ويتركز هذا الدور حول دراسة وقياس مدى توافق البناء الفوقى وبخاصة القيم والعادات السلوكية مع الرؤية الإصلاحية العامة للمجتمع، إن علم النفس يستطيع أن يبين لنا الأبعاد والخواص النفسية الواجب تغييرها ومدى نجاح المجتمع فى التخلص من الرواسب النفسية السلبية، وكنا نتوقع أن تكون هناك استفادة من الدكتور أحمد عكاشة، رئيس جمعية الطب النفسى وعضو المجلس الرئاسى لعلماء مصر فى وضع رؤية واضحة لإحداث التغيير المطلوب فى البناء الفوقى للمجتمع، وأن يتم شرح هذه الرؤية ونشرها بين المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية وغيرها من المؤسسات المعنية ولكن إلى الآن لم يحدث ذلك