رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلمة السر... إصلاح بطعم الفقر


خلال السنوات الماضية.. حاول صندوق النقد الدولى فرض كامل شروطه.. لكن نظام مبارك لم يستطع فرض كامل الشروط.. بعد أن رفض الشعب المصرى الكثير منها.. تحددت هذه الشروط غير المقبولة فى ثلاث نقاط.. الأولى «الدعم».. الثانية «التعيينات».. الثالثة «خفض الجهاز الإدارى». نظام مبارك نفَّذ أغلب الشروط وحول الوطن كله إلى ما هو عليه الآن !!

... سبق لوزير التنمية الإدارية فى حكومة مبارك التقدم بمشروع قانون للوظائف المدنية من أجل تخفيض عدد العاملين بالحكومة.. لكنه قبل بعاصفة من الغضب الشعبى وتراجع عن ذلك.. فى الأشهر الماضية تقدم وزير التخطيط بنفس المشروع تحت مسمى «الإصلاح الإدارى» ثم أعلن صراحة أنه يهدف إلى خفض العاملين فى كل مؤسسات الدولة 6 ونصف مليون.. إلى النصف تقريبا.. حتى يستطيع تخفيض بند الأجور الذى يثقل الموازنة العامة! أى أنه يهدف إلى الإطاحة بنصف العاملين الآن وإحالتهم إلى «المعاش المبكر».. أسوة ما حدث للعاملين بالقطاع العام أثناء حكم مبارك..! إن هذا يعنى تحويل الشعب المصرى إلى شعب «معاشات».. وهو يتجه إلى ضرب العاملين من هم فوق سن الخمسين، حيث تتركز الأجور العالية.. أى أنه يريد خفض مستوى حياة المواطنين إلى أدنى المستويات.. تحقيقاً لأهم شروط صندوق النقد.. مش مهم حياة المواطنين الاجتماعية.. لكن المهم عنده تحقيق إصلاح بطعم الفقر!! يفقد الوزير المعرفة عما تملكه الدولة أى الشعب المصرى من ثروات هائلة.. غاز.. وبترول.. ومناجم وإيرادات قناة السويس.. لا نعلم كيف تدار هذه الثروات.. ؟! ومنذ سنوات طويلة و هى فى سرية تامة !! بدلاً من أن يتجه الوزير لإحداث رقابة صارمة على ثروات البلاد حتى نحقق العائد الحقيقى.. اتجه لتحقيق شروط النقد السوداء.. أى الاعتداء على الشعب المصرى.. معلنا.. إنه الإصلاح!! ثم أعلن الوزير نفسه أى وزير التخطيط.. إن مجلس الوزراء قرر «عدم التعيينات فى الحكومة».. واعتبر التعيين من الأعمال المحظورة !!

شكل هذا ضربة قاصمة وموجعة للملايين من الشباب المصرى.. مما رفع درجة الاحتقان لديهم.. وأصابهم باليأس والإحباط.. لقد فشلت جماعة الإخوان المجرمين فى مصر من تنفيذ المخطط الاستعمارى.. بإسقاط الدولة المصرية وسقطت تحت أقدام الشعب المصرى.. لكن القوى الاستعمارية لم تتوقف ولم تستسلم لانتصار الشعب.. وأخذت تبحث عن طرق أخرى.. لبث التحريض وإحداث فوضى لتمزيق صفوف الشعب خاصة أهم طلائعه.. وهو الشباب!! إن الاعتداء المستمر على فئات الشعب المصرى وطبقاته.. لا يمكن أن يسمى هذا بإصلاح.. بل هو تحقيق لأهداف خارجية فشلت من قبل ومازالت تعمل من أجل تحقيق أهدافها الخبيثة.. لكن.. لا بد أن نقول ولكن أن ما تفكر فيه الحكومة الآن هو الاعتداء على «الدعم».. فهو الفريسة التاريخية أمام عيون صندوق النقد الدولى، حيث يعتبر طعام الفقراء.. عبئاً على الأغنياء!! إننا نسمع الآن أن هناك جدولاً زمنياً لإلغاء الدعم تدريجياً بنسبة 20 % كل عام.. أى أننا سوف نقتطع من بطون الفقراء هذه النسبة سنويا..!

إن الإصلاح الحقيقى لا يمكن أن يأتى بالاعتداء على الطبقات الشعبية التى تقوم بالدفاع المستمر عن هذا الوطن حرباً وسلاماً.. وتقدم جميع التضحيات.. لابد أن نعاملها معاملة تليق بمكانتها وكرامتها. حتى أصحاب المعاشات.. أصبح الوزير ينظر إليهم شذراً.. و يعتبرهم عبئاً على الموازنة العامة.. وهو يعلم تماما أنه استولى على المليارات من أموالهم.. ليسدد بها تمويلاً لفئات أخرى على حساب أموال التأمينات..

إن هناك حالة من الاحتقان الشديد بين صفوف الملايين منهم بسبب ما يحدث لهم من تهميش وسلب حقوقهم والاعتداء المستمر على أموالهم.. إن ما يحدث الآن من كلمات تسمى «إصلاح» إنما هو اعتداء على الأغلبية العظمى من الشعب لصالح فئات محدودة.. لن يستطيع أحد أن يهزم هذا الشعب..اسألوا التاريخ كله عن عظمة هذا الشعب؟