رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحقيقة هى الأهم


قال إبيقطيتس «55 - 135م»: «إن حق الناس فى معرفة الحقيقة يماثل حقهم فى الحياة، والحرية، والسعى لتحقيق السعادة »، برز الحق فى معرفة الحقيقة بوصفه مفهوماً قانونياً على المستويات الوطنية، والإقليمية، والدولية، وهو يرتبط بالتزام الدولة بتوفير معلومات حول الأحداث والوقائع المختلفة، خاصة تلك التى تنتج عنها جرائم أو انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وهذا الحق له أهداف استراتيجية متعددة منها:

ــ حماية المجتمع واستعادة السلم الاجتماعى والمحافظة عليه، ذلك أن كشف الحقيقة يمنح المجتمعات القدرة على منع تكرار الأخطاء التى تهدد الأمن الاجتماعى، كما أنه يحميها من عمليات تزوير الوعى والخداع الممنهجة سواء كانت تتم من خلال أفراد أو كيانات.

ــ المساهمة فى القضاء على الإفلات من العقاب، لأن معرفة الحقيقة تقود إلى مُساءَلة المتورطين فى ارتكاب الجرائم، بل هى أساس عملية الاتهام الجنائى ذاتها، وذلك عبر ضمان إجراء تحريات مناسبة حول الجرائم المرتكبة والتحلى بالشفافية فى إجراءات الدولة لإحضار المتهمين بغض النظر عن أسمائهم أو صفاتهم أو نفوذهم.

ــ تدوين سجل تاريخى صحيح بعيداً عن صراعات السياسة التى قد تؤدى إلى تزوير الأحداث التاريخية.

ــ هذه الأهداف وغيرها قادت لجنة الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان فى دورتها الحادية والستين، إلى اعتماد القرار 2005/66 الذى يقر بأهمية احترام وكفالة الحق فى معرفة الحقيقة بغية المساهمة فى وضع نهاية للإفلات من العقاب وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، على أن أحد الجوانب يتمثل فى الإقرار بأهمية الحق، وأما الجانب الآخر فيكمن فى وضع إطار لهذا الحق بموجب القانون الدولى.

ــ والحقيقة بوصفها مسألة اجتماعية تعرف بأنها: اتفاق بين العقل والواقع، وهذا يميزها عن الرأى المحتمل وقطعاً يميزها عن الشائعات، يقول ويليام جيمس: «إن الأفكار الحقيقية هى تلك الأفكار التى يمكننا استيعابها، وإثبات صحتها، وتوثيقها، والتحقق منها، وبعبارة أخرى تقاس الحقيقة بواسطة الدليل»، وقال أرسطوا فى تعريف الحقيقة الأخلاقية: «أن تقول عن شىء إنه ليس هو، أو عن شىء ليس هو إنه هو، هو قول زائف، بينما أن تقول عن شىء إنه هو، وعن شىء ليس هو إنه ليس هو، هو قول صحيح».

ــ وبالتالى فإنه يجب أن يكون هناك التزام من جميع أجهزة الدولة بأن تقول ما حدث كما حدث، وأقول ذلك لأن ما يهم الشعب سواء فى قضية أبوتريكة، أو فى محاكمة الرئيس الأسبق مبارك، أو فى انقطاع الكهرباء عن مبنى ماسبيرو، أو غيرها من القضايا هو معرفة الحقيقة.