رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دولة معاشات... مذبحة للعاملين


إن الإصلاح المالى ضرورة.. وعلى كل المصريين أن يدفعوا ثمنه وليس الطبقات المنتجة والشعبية فقط.. وتصبح الشريحة العليا هى المحمية والتى تمنح حوافز وتعفى من الضرائب.. ونحن وحدنا ندفع الفاتورة كاملة!!

يحكى أن.. قامت المخابرات الأمريكية بتجنيد عميل روسى أثناء دولة الاتحاد السوفيتى. طلبت منه عدم إرسال أى تقارير أو معلومات. بل تم تحديد نشاطه فى اختيار الأسوأ والأكثر فسادًا ليتم اختياره من المرشحين لتولى الوظائف المهمة والحساسة فى الدولة السوفيتية.. قام العميل الروسى بعمله بهمة ونشاط وزرع فى أركان الدولة الفاسدين، نجح العميل فى اسقاط الدولة السوفيتية بل وسقط حلف وأرسو كله.. كل هذا تم بسبب عميل كان يزرع أكثر الناس فسادًا. ويتقاضى أجره دون أى مراقبة أو تهديد لحياته.. لقد نجح صندوق النقد الدولى فى زرع نفس النوع من العملاء فى جسد الوطن. بعد أن أتوا به من لندن فى بداية 2006.. أخذ العميل يمارس نشاطه بنشاط منقطع النظير تحت حماية نظام سقط فى ميدان التحرير!!

مارس العميل كل الأعمال التى رفعت درجة الاحتقان لدى المصريين.. وقدم القوانين التى نشرت الفقر والمرض منفذًا أهم شروط صندوق النقد..

كان العميل بارعًا فى إقناع كل المسؤلين بان الحل الوحيد لإصلاح النظام المالى بعد ارتفاع الدين العام هو الاعتداء على «الناس اللى تحت» من الطبقة الوسطى حتى الطبقات الدنيا. باعتبار هؤلاء هم سبب الأزمة. وأن الاعتداء على ماتبقى فى بطونهم يجب إزالته حتى يتم تحسين الأزمة المالية والخروج منها.. كان المسئولون. وهم لا يفهمون يبتسمون عندما يسمعون طريقة الخلاص من الأزمة!!

كان هذا هو الموجز.. وإليكم الأنباء بالتفصيل.. تقوم الحكومة الآن بتشريع قانون جديد »الخدمة المدنية» بديلاً عن القانون 47 الخاص بالعاملين بالحكومة.. أهم ما فى هذا القانون إخراج العاملين إلى المعاش المبكر بعد سن الخمسين عامًا من العمر بدلاً من الستين عامًا. تحت شعارات بثها «العميل». تعلن الحكومة أنها تريد تشغيل الشباب!! وفى الوقت نفسه تعلن نفس الحكومة أنها لن تعين الشباب فى الحكومة. وعليهم التوجه إلى القطاع الخاص!!

هذا التناقض الواضح يجعل الحكومة فى مأزق أمام الملايين من المصريين..

تعلن الحكومة فى القانون المبث من «العميل» أنها سوف تمنح كل مواطن يعمل لديها 5 سنوات زيادة فى مدة الخدمة للخروج إلى المعاش المبكر.. وفى الوقت نفسه قامت الحكومة بإصدار قانون جديد رقم 120 لسنة2014 يخفض قيمة المعاشات إلى 25% ومكافأة نهاية الخدمة 30% بعد أن جعلت حساب المعاش على السنوات الخمس الأخيرة..بعد أن كان فى القانون 79 لسنة 1975 على السنتين الأخريين!!

هذا هو ما تقوم الحكومة الآن بتطبيقه، وتستغل الإعلام والصحافة لترويج هذا القانون.. نفس ما تم أثناء نظام «مبارك» عندما بطش بالعاملين بالقطاع العام وأخرج منهم الملايين إلى المعاش المبكر وباع الشركات العامة بثمن مجهول بل ووزع أملاك الشعب على الحبايب.. وحتى الآن لا يستطيع مسئول واحد أن يقول لنا أين قيمة بيع اكثر من 300 شركة عملاقة !!

الآن جاء الدور على العاملين فى الحكومة. كـى توجه لهم نفس الضربات التى وجهت إلى زملائهم فى القطاع العام أننا نعلم تمامًا.. لقد ضللنا الطريق.. واصبحنا نسير فى نفس الطريق الذى كنا فيه قبل 25 يناير.. بل أن ما لم يستطع نظام مبارك تطبيقه أثناء فترة حكمه هو ما يطبق الآن!!

لقد حقق «العميل» ما لم يستطع تحقيقه أثناء حكم مبارك نفسه.. كل القوانين التى عجز النظام الذى سقط فى ميدان التحرير. يتم الآن بثها فى وقت الوطن ينتظر «البرلمان القادم» وهذا شأن المشرعين القادمين من ثورة 30 يونيو..

لماذا اذًا الاستعجال.. بل والاعتداء على سلطة «البرلمان» وهو فى الطريق الى مجلس النواب.. إن هذا ليس من سلطة الحكومة الحالية.. وليس للحكومة أن تصدر قوانين تخص وتهم العاملين فى ظل غياب البرلمان.. ليست هناك ضرورة أو أهمية للاستعجال.. فلماذا إذًا هذا الذى يتم، حيث توجه الطعنات إلى ظهر العاملين وليس فى صدورهم!؟؟

إن الإصلاح المالى ضرورة.. وعلى كل المصريين أن يدفعوا ثمنه وليس الطبقات المنتجة والشعبية فقط.. وتصبح الشريحة العليا هى المحمية والتى تمنح حوافز وتعفى من الضرائب.. ونحن وحدنا ندفع الفاتورة كاملة!!

لقد نجح «العميل» فى العمل على تحقيق أهم ما تريده الدول الأجنبية التى تعمل على إسقاط الدولة المصرية الوطنية.. من خلال رفع درجة الاحتقان الشديد بين الملايين من المصريين الذين أصبحوا الآن مهددين فى حاضرهم ومستقبلهم.. إن العميل يسعى الآن لنزع حالة الاستقرار الذى استمر عشرات السنين حتى يضمن تنفيذ التعليمات الصادرة إليه من خارج حدود الوطن !!

إننا مع جميع الإجراءات التى يمكن لها أن تحقق الاستقرار المالى.. لكن لست مع إقامة المذابح لملايين المصريين لنحقق ما يريده العميل ومن زرعوه بين جسد الوطن الطاهر.. هل هناك من يسمعنا!؟؟

رئيس اتحاد أصحاب المعاشات