رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثوار... بالمعاش المبكر!!


علمتنا كتب تاريخ الثورات «أن الثورة يقوم بها الشجعان ويستولى عليها الجبناء» هذه الكلمة كانت لاصقة بجميع الثورات.. وأصبحت تقال عندما تدخل أى ثورة فى أزمة.. ونحن بعد كل الثورات الماضية أصبحنا لا ننعم بعطاء أى ثورة.. عادة تقوم الثورة ضد الظلم والطغيان والفساد. كى يأتى مجتمع جديد لصالح الأغلبية العظمى منها.

خلال السنوات القليلة الماضية قامت ثورتان .. الأولى سرقت. والثانية قامت لتعيد الثورة المسروقة.. ثم سرقت هى أيضاً خلال هذه الثورات كانت هناك قيادات من جميع الطبقات صاحبة المصلحة فى هذه الثورات .. قاتلت وناضلت .. بل وسالت دماء الكثيرين منهم كى تقيم نظام الحرية والعدالة الاجتماعية.. بعد كل هذا كله.. أين هذه القيادات الآن؟! بعد ثورة يناير اكتشفنا أن هناك مجموعة كانت مرتبطة بأجندة أجنبية تدربت على الثورة فى بلدان أخرى ولصالح دول كبرى.. لم تكن الثورة لصالح الشعب بل كانت لصالح هذه الدول الأجنبية.. كانت حالة الاحتقان شديدة داخل ربوع الوطن كله والظلم والفساد قهروا كل الطبقات.. لكن كانت هناك شموع مضيئة من المصريين تقود الثورة الحقيقية فى كل ربوع الوطن تضحى بدمائها حتى يمكن بناء وطن جديد.. لكن تقدمت جماعة الإخوان ذات التنظيم العالى والمالى الغزير لتسرق الثورة فى ضلمة الليل وكان لها ما أرادت .. وسرعان ما اكتشف الشعب أن وطنه قد سرق وليست ثورته فقط.. أخذت معالم الثورة الجديدة تتضح فى الأفق.. حتى تعيد الثورة المخطوفة.. فى يوم أسود أتى رئيس ليحكم البلاد لحساب هذه الجماعة الخاطفة للثورة.. كان عامه هو أطول عام فى التاريخ، حيث سالت دماء الشباب فى كل ربوع الوطن.. أخذت الجماعة تقتل وتصيب كل من يقف فى طريقها بوحشية لم تكن معلومة فى جميع ماكتب عنها منذ تاريخها.. لأول مرة فى التاريخ يتم محاصرة المحكمة الدستورية العليا ومدينة الإنتاج الإعلامى استولت الجماعة على الوطن كله.. أعلنت عن أكبر مناقصة لبيع هذا الوطن العريق .. فى ظل هذا كله كانت جماعات الثوار الشابة تقاتل فى كل مكان وتعمل بكل قوة حتى تعيد الوطن لأصحابه.. كانت ثورة 30 يونيو هى الحارس الذى أعاد الثورة المسروقة .. لكن بعد كل هذا كله.. أين هم الثوار الآن؟! كنا نسمع عنهم فى كل القنوات الفضائية وهم يتصارعون مع قوى الشر أمام الرأى العام وفى جميع الصحف كانت آراؤهم هى الأقوى.. ولأول مرة نرى ونسمع القضاء المصرى يقاتل الجماعة التى حاولت الاعتداء عليه .. وتقدمت الصفوف المتقاعدين من ضباط الشرطة والقوات المسلحة وأخذنا نسمع ونرى نجوماً عملاقة فكرياً ومعنوياً وهى تقاتل جماعة من المجرمين..حتى الأدباء والفنانين كان لهم دور كبير فى تفجير طاقة الشعب المعنوية.. كان الأبرز أصحاب الأقلام .. كانت كلماتهم تعمق الثورة فى صدور الشباب .. أصبحنا نسمع ونرى ونقرأ عن قيادات عمالية ومن الفلاحين.. كانت الطبقات المصرية بالكامل تعلن الكفاح.. برزت أسماء كانت هى الأقوى وتؤكد أن مصر قادرة على أن تاتى برجال أقوياء.. كانت الجماهير تراقب بإعجاب شديد القيادات المصرية الجديدة.. كانت هذه القيادات الثورية التى جاءت من صفوف الشعب المصرى بها من الحماس والقوة ما يجعلنا نأمن على أنفسنا فى بناء وطن يحقق آمال الشعب.. لكن الآن .. أين هى هذه القيادات؟!.. أين ذهبت؟.. لماذا لم نسمع صوتها الآن؟ لقد اتصلت ببعضهم .. كنت أسمع بدلاً من الحماس والثورة فى زمن البناء.. اليأس والإحباط .. وفى بعض الأحيان «الخسارة»! نعم.. كل هؤلاء قد اختفوا جميعاً.. كما لو كان المطلوب أن يختفوا.. لصالح من يتم إقصاء كل من نادى بالحرية والعدالة الاجتماعية ؟ الغريب أن ما يتم الآن من بعض القرارات والقوانين الوحشية سبق وإن حاول نظام «مبارك» تطبيقها لكنه فشل فى ذلك.. حتى الفساد العائد الآن أصبح أكثر قوة وشراسة وهو يعلم أنه لن يوقفوا أحداً بل إنه أى «الفساد» أخذ يوجه ضربات قاتلة إلى الشعب.. أصبح للفساد قوة وحماية وحصانة لا يمكن لأحد أن يقترب منه.. ولن يستطيع الثوار الذين قهروا نظام الإخوان أن يقهروا «اسم فاسد واحد».. لقد تم تأميم كل منافذ الحرية وحصل ثوار هذا الوطن وشرفاؤه على «كارت أحمر» للخروج والطرد من الملعب!! إن هناك الملايين من الشعب المصرى خرجت إلى المعاش المبكر بالقوة والتهديد بالفصل وقطع الأرزاق.. ونحن الآن نستقبل ثوار هذا الوطن المحالين بالقوة أيضاً إلى المعاش المبكر.. إن هؤلاء جميعا الذين دافعوا بكل قوة عن هذا الوطن هم الآن ينظرون بحسرة عما لحق بهم من إقصاء وإبعاد.. إن هذا الوطن لن ينسى .. ولن تنسى جماهيره نجومه الذين تقدموا الصفوف وأسقطوا نظامين... الأول فاسد والثانى قاتل وإرهابى!!

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات