رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين أنت يا سيبويه؟


ذهب «فقير» إلى الملك ليطلب منه مالاً، وقال له «أريدك أن تعطينى دنانير بمثل الرقم الذى أذكره فى الآيات القرآنية». فقال له الملك: «حباً وكرامة»... فقال الفقير: قال تعالى «إلهكم إله واحد» فأعطاه الملك دينارا .... فقال الفقير: «ثانى اثنين إذ هما فى الغار» .. فأعطاه الملك دينارين. فقال الفقير: «لا تقولوا ثلاثة انتهوا». فأعطاه «الملك» ثلاثة دنانير. فقال الفقير: «ولا ثلاثة إلا هو رابعهم». فأعطاه الملك أربعة دنانير.... فقال الفقير: «ولا خمسة إلا هو سادسهم» فأعطاه الملك ستة دنانير.. فقال الفقبر: «الله الذى خلق سبع سماوات»... فأعطاه الملك سبعة.. فقال الفقير: «ويحمل عرش ربك فوقهم يؤمئذ ثمانية»... فأعطاه الملك ثمانية دنانير. فقال الفقير: «وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الأرض»... فأعطاه تسعة. فقال: «تلك عشرة كاملة» فأعطاه الملك عشرة دنانير. فقال الفقير: «إنى رأيت أحد عشر كوكباً» فأعطاه الملك أحد عشر ديناراً، قال: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً فى كتاب الله».. فأعطاه الملك اثنا عشر ديناراً وقال: «أعطوه ضعف ما ذكر واصرفوه»... فقال الفقير «لماذا يا مولاى؟ فرد الملك: خفت أن تقول : «وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون».

ياااه. كم أفتقد هذه اللغة... كم أفتقد هذا الحوار. فهكذا يكون «َفن الحوار». هكذا يكون «الطلب» وهكذا يكون «الجواب». ولكننا مثلما ذكرت لكم فى مقالى الأسبوع الماضى «زمن جحا» إننا أصبحنا لا نجيد فن الحوار ولا قواعد اللغة، أصبحنا نجادل ونحاور بلا معنى، بلا هدف... !!!! فلا السائل أو المحاور يعلم ما هدفه من السؤال ولا يعرف كيف يطرحه!! ولا الطرف الآخر يعرف ما هو الرد ولا يعلم كيف يجيب!!

هذه القصة عادت بى إلى زمن اللغة، زمن الذكاء، الفطنة، البلاغة.. فالجميع كان يجيد فن الحوار وقواعد اللغة حتى الفقراء.. يحكى أن فقيراً قرع باب «نحوى».. فقال النحوى: من بالباب؟ «فرد الفقير»: «سائل».. فقال النحوى: «لينصرف».. فقال الفقير: «اسمى أحمد «وهو اسم لا ينصرف فى النحو». فقال النحوى لغلامه: اعط سيبويه كسرة من الخبز...كم أفتقد فى هذه المرحلة من حياتى ومن حياة المصريين زمن جمال الحوار، زمن جمال اللغة.... أصبحنا نفتقد الجمال فى الكلمة، الحوار، المعاملة وتعودنا على القبح فى الألفاظ والحوار والتعاملات.. أصبحنا نعيش زمن الجهل، زمن الاستخفاف بالعلم، زمن الفهلوة..كم أفتقد الآن زمن فن الإنصات.. زمن العطاء بلا مقابل... زمن المواقف والبطولات.. والأهم أننا أصبحنا نفتقد زمن الرجولة، زمن المواقف الواضحة الثابتة، أننا أصبحنا نفتقد زمن الرجال!!.. للحديث بقية يوم الأحد المقبل إن شاء الله