رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكلام كله عن أمريكا اللاتينية


فقد كانت السجون والمعتقلات مأوى دائمًا لكل المفكرين والوطنيين وعندما سقط السادات برصاص الإرهاب كنا جميعًا ضيوفًا فى ليمان طرة كل الأسماء الكبيرة كانت هنا فى ضيافة الليمان لا أستطيع أن أذكرها كل مصر كانت فى السجن.

فى عام 1972 قرر السادات الإطاحة بعدد كبير من الصحفيين والكتَّاب ورجال الإعلام بواسطة لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكى وتم نقلهم إلى الشركات والجمعيات الاستهلاكية لبيع الأغذية والأسماك.. كانت جريمتهم أنهم كتبوا عن الجمود الذى أصاب جبهة القتال.. خرجت المظاهرات من شباب الجامعات تهاجم السادات وتدعو إلى تحرير البلاد.. كان المناخ السياسى العام صعبًا للغاية بعد أن سادت فترة اللا سلم واللا حرب.. أصبحت السجون تحتوى على المفكرين والطلاب والمثقفين، وفى 1973 انتقلت البلاد للحرب أُفرج عن الجميع وعاد الصحفيون والكتاب والإعلاميون إلى مواقعهم وتحوَّلت البلاد إلى جبهة واحدة لا توجد فيها أغلبية أو معارضة كنا صفوفًا تقاتل فالجبهة الخارجية المسلحة والداخلية المدنية.. هى دى مصر.

بعد عام 1974 أتوا لنا بفكرة اسمها الانفتاح الاقتصادى.. والحوار مع إسرائيل.. واعتبار أمريكا الصديق الوفى و99٪ من إرادتنا فى يد أمريكا.. منذ هذا التاريخ أصبحت ضيفًا دائمًا فى كل السجون والمعتقلات المصرية حتى سجون المحافظات.. كانت الكتابة فى الصحف والمجلات الفكرية تتحدث بعيدًا عما يحدث فى مصر وانتقل كبار الكتاب للكتابة عن حركات التحرر الوطنى فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية حتى وصل بنا الأمر أننا أصبحنا نتابع كل نشاط الحركات الثورية فى العالم ونتابع انتصاراتها.. كان الأمر صعبًا للغاية علينا فى مصر، فقد كانت السجون والمعتقلات مأوى دائمًا لكل المفكرين والوطنيين وعندما سقط السادات برصاص الإرهاب كنا جميعًا ضيوفًا فى ليمان طرة كل الأسماء الكبيرة كانت هنا فى ضيافة الليمان لا أستطيع أن أذكرها كل مصر كانت فى السجن.

قابلت الباشا الكبير فؤاد سراج الدين كان يجلس على حجر أسود كبير ولكن دون سيجار وعندما ذهبت إلى مستشفى السجن كنت متمارضًا كان الكبار يرقدون هناك بينهم الوزير الشهير «أبو العطا» وقد تُوفى.. الغريب دخلنا إضرابًا عن الطعام كنا 34 من المعتقلين أذكر بينهم مصطفى بكرى وشقيقه محمود وبدر أبو غازى وزير الثقافة السابق بعد الثورة وطلعت رميح وحازم منير واستمرينا 13 يومًا مضربين عن الطعام انخفض وزنى من 90 كيلو إلى 42 كنا هياكل عظمية متحركة.. لماذا أقول كل هذه الحكايات والمواقف، إننى أشعر الآن أن حريتنا أصبحت مؤممة وأن أصواتنا أصبحت داخل صدورنا والرأى أى رأى حتى وهو لصالح الوطن أصبح يمثل جريمة، من يصدق هذا؟.

هل الانحياز لـ«الناس اللى تحت» والوطن يمثل جريمة الآن؟؟ لقد وقفنا بقوة ودافعنا عن هذا الوطن عند احتلاله من جماعة الإخوان ولم نتخل عنه لحظة حتى وقف الوطن على قدميه بدستور ورئيس بعد هذا كله يتم منح المقاتلين والمكافحين والمناضلين. استمارة «6» باعتبارهم كانوا يمثلون حقبة قديمة انتهت.. نحن الآن فى زمن رجال الأعمال والمستثمرين وأسماء أخرى بُعثت من مقابر ميدان التحرير!! إننا لم نتفق على هذا أن ندفع «إحنا الملايين صاحبة طوابير الفجر» التى دافعت عن هذا الوطن بالديمقراطية وبأصواتها الحرة عاد الوطن يزهو بتاريخه بعد أن أسقط عصابة حاولت سرقته وتمزيقه.. هل يمكن أن نسكت ونكتب عما يحدث فى الصين وأمريكا اللاتينية ومظاهرات الزنوج فى أمريكا حتى لا يبطش بنا أحد فى هذه الأيام! لا أعتقد أن هذا سيحدث، إننا من أبناء شعب ذاق الحرية ودفع ثمنها غاليًا ولن نعود مرة أخرى إلى السجون الواسعة.. إن النقد البناء هو الطريق الوحيد لتطهير أى فساد فى أى نظام.. ومن يمنع النقد سيجعل الفساد يزداد قوة حيث يتحصن الآن خلف أبواب تأميم الحرية.. أغرب من الخيال ما سوف أعلنه بالأرقام، فى زمن مبارك كان لدى التليفزيون المصرى المملوك للشعب على الورق قائمة من الممنوعين تصل إلى 450 من أصحاب الرأى المعارض وفى زمن مرسى كان لدى التليفزيون 600 اسم ممنوعين من السير على رصيف المبنى الخارجى وفى بعض الأيام حدث خطأ ودعونى فى برنامج وعندما تداركوا الخطأ انزلونى من على السلم والآن أصبح لدى التليفزيون 900 اسم ممنوعين من السير فى الشارع الرئيس أمام المبنى وأغلب هؤلاء من القوى الضاربة التى شاركت فى تحرير الوطن كله.

هل نحن على خطأ!؟ هل أخطأنا مع كل الأنظمة؟.. لقد كان اسمى ضمن العشرة الأوائل المحظورين مع كل الأنظمة.. مع أننى لم أحصل على أى لقب أكون فيه ضمن العشرة الأوائل إلا فى كل الانتخابات البرلمانية السابقة.. إننى أسأل فقط أبناء شعبنا العظيم هل كنا من المجرمين والمسجلين خطرًا حتى نُعامل الآن بما لم يستطع أحد فى كل سنوات عمرنا أن يعاملنا به؟.

لقد صفقت بشدة بأكثر مما صفقت فى حياتى كلها أمام منقذ هذا الوطن والذى أعاد مصر للمصريين.. إننى أدق أجراس الخطر مما يحدث الآن من تأميم الحريات واعتبارها فوضى فهذا سوف يمثل خطرًا شديدًا على الوطن كله.. بالحرية وحدها سوف نهزم الإرهاب ونحطم عظامه ونكشف أنواع الفساد ونحطم أركانه ولكن إذا استمرت حياتنا هكذا وتم تكميم أفواهنا وكتم أصواتنا نكون بهذا قد تم تسليمنا إلى أعداء الوطن.. هل يمكن هذا؟!

رئيس اتحاد أصحاب المعاشات