رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دوام الحال من المحال


جمع ملك كل الحكماء وطلب منهم حكمة بليغة تكتب فوق عرشه، تلهمه الصواب وقت شدته، وتعينه على إدارة أزماته ويلجأ إليها فى حالات الانتصار.

احتار الحكماء فى أمرهم متسائلين: «هل يمكن أن تصلح حكمة واحدة لجميع الأوقات والظروف؟ إننا فى وقت الشدة والكرب نريد من يهون علينا مصائبنا، وفى حالة النصر نطمح إلى من يمدحنا».

بعد عدة أيام، عاد الحكماء وقد كتبوا عبارات كثيرة ولكنها لم ترق للملك، إلى أن جاء أحد الحكماء بحكمة «كل هذا حتما سيمر» فتعجب الملك، فرد الحكيم مفسراً «يا مولاى... الدنيا لا تبقى على حال... ومن ظن بأنه فى مأمن من القدر فقد خاب وخسر.. أيام السعادة آتية ...لكنها حتماً ستمر.. سترى من الحزن ما يؤلم قلبك...لكن الحزن حتما سيمر... ستأتى أيام النصر والفرح...ولكنها حتما ستمر... البعض يا مولاى..... لا يفقه هذه الحكمة.. فيملأ الدنيا صراخا حال العثرة، لأنه يظن بأن كبوته هى قاصمة الظهر ونهاية المطاف: فيخسر من عزيمته الشىء الكثير. والبعض الآخر... ينتشى سعيداً فلا يضع فى حسبانه أن الأيام دول.. حكمة الله يا مولاى ... أن كل أحوالنا، حسنها وسيئها، سرورها وحزنها حتماً ستمر»..

تبسم الملك راضياً، وأمر بأن تنسخ هذه الحكمة البليغة ولا توضع فوق عرشه فقط، وإنما فى كل ميادين المملكة.. كى يتذكر كل من يراها بأن «دوام الحال من المحال».

ماذا يحدث لو رأينا هذه الحكمة فى جميع المصالح الحكومية وفى جميع الدواوين والوزارات حتى يتقوا الله؟ ماذا يحدث لو كتبت هذه الحكمة فى عيادات الأطباء والمستشفيات الخاصة والحكومية حتى يتقى الأطباء الله فى مرضاهم؟ ماذا يحدث لو كتبت هذه الحكمة خلف كل موظف مرتش؟ ماذا يحدث لو كتبت فى كل مدرسة وفى كل فصل حتى يقرأها كل مدرس فيتقى الله فى علمه؟ ماذا يحدث لو آمن بها رجال الأعمال فاتقوا الله فى مصر؟ ماذا يحدث لو آمن بها السياسيون فلم يبحثوا عن مكانة لهم فى المجنمع على حساب الوطن؟ ماذا يحدث لو آمن بها الإعلامى أو الصحفى فيتقى الله فى قلمه أو فى برنامجه؟ ماذا يحدث لو آمن المصريون بها فيتقون الله وترتفع إنتاجية الموظف أكثر من 28 دقيقة؟

مذا يحدث لو آمن كل رئيس، وزير، مسئول، مليونير، إعلامى، قاضٍ، موظف، مدرس، طبيب، ضابط، سياسى، صحفى، صيدلى...بأن دوام الحال من المحال وبأن المناصب، الثروة، لا تدوم فيتقن عمله على أحسن وجه، ويتقى الله فلا يعمل إلا لمصلحة وطنه ويشارك بالعمل بفاعلية فى الحرب التى تواجهها مصر الآن؟.. مصر لن تنجح إلا بالعمل .. مصر لن تنجح إلا بالعلم .. مصر لن تنجح إلا بالإيمان بقدراتنا على النجاح ؟ هل هناك فى مصر من يؤمن بأن دوام الحال من المحال قولاً وفعلاً وليست شعارات رنانة؟ إذا وجدته.. أخبرنى باسمه

[email protected]