رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل أنت الليث بن سعد؟


الليث بن سعد كان فقيها، عالما وتاجرا. ذات يوم رست سفينة له تحمل براميل من العسل فأتت له سيدة عجوز تحمل وعاء صغيرا وقالت له «أريد منك أن تملأ لى هذا الوعاء عسلا». فرفض ولكنه طلب من مساعده أن يسأل عن عنوانها وأن يأخذ لها برميلا كبيرا من العسل . فاستعجب مساعده وقال له:«لقد طلبت كمية صغيرة فرفضت وها أنت الآن تعطيها برميلا كاملا؟ فرد عليه الليث بن سعد: «يا بنى... إنها طلبت على قدرها وأنا أعطيها على قدرى».

العطاء صفة لم يمنحها الله لكل البشر، بل اختص بها من يرى فيهم بأنهم لا يعيشون لأنفسهم بل لمنح الآخرين السعادة، يعطون برضا وبابتسامة دون طلب من الآخرين ودون انتظار المقابل .والعطاء ليس ماديا فقط بل معنويا فليس هناك أفضل من أن تمنح الفرحة فى قلب تعيس، الأمل فى قلب يائس والثقة فى قلب ضعيف. قال الله تعالى: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقون من شيء فإن الله به عليم» آل عمران. اعمل على أن تجود بأفضل ما عندك كما قال جبران خليل جبران «ليس السخاء بأن تعطى ما أنا فى حاجة اليه أكثر منك، بل السخاء بأن تعطينى ما تحتاج إليه أكثر منى». الليث بن سعد أعطى على قدر إيمانه، ثروته، دينه، عطائه، كرمه، دون مقابل وسرا.

هل هناك فى زماننا الآن الليث بن سعد؟ هل زماننا هو زمن العطاء ولا كما قال الإمام الشافعى رحمه الله

نعيب زماننا والعيب فينا.... وما لزماننا عيب سوانا ..

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب.... ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئب.... ويأكل بعضنا بعضا عيانا

هل لدينا رجال أعمال، مستثمرون لا يعملون على زيادة ثرواتهم فقط بل يدعمون مشروعات تخدم أبناء وطنهم ويشجعون تطبيق الضريبة التصاعدية؟

هل لدينا أصحاب مستشفيات خاصة، كبار الاطباء يعملون على الحفاظ على حياة وصحة المرضى وليس الحصول على أموال المريض حيا أومن أهله بعد وفاته من إهمالهم؟ هل لدينا وزراء، محافظون، مديرون لا يعملون على استغلال وظائفهم للحصول على الأراضى وعلى مكاسب شخصية بل يعملون لله وللوطن ولتحقيق العدالة الاجتماعية؟ هل لدينا الموظف، الإعلامى، الطبيب، المدرس، العامل، الذى يراعى الله المتفانى فى عمله طوال ساعات العمل؟

فلنحاول الآن فى معركة خمسة الصبح التى دعا لها الرئيس السيسى أن نعطى بلا مقابل حتى من حرمنا. وإذا لم يكن لديك شيئا تعطيه فتصدق بالكلمة الطيبة، بالابتسامة من القلب أو تعطى الآخرين عسلا مثل الليث.

■ خبيرة إعلامية

[email protected]