رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نبيل نعيم: عمر عبدالرحمن قال لنا «الإخوان بيجمعوا ملايين فى أمريكا».. والإرهابيون حاولوا اغتيالى لمعارضتى الأفكار التكفيرية

نبيل نعيم مع الدكتور
نبيل نعيم مع الدكتور محمد الباز

يمتلك نبيل نعيم، القيادى السابق بجماعة الجهاد، مخزونًا كبيرًا من أسرار الجماعات المتطرفة، فقد زامل وصادق أخطر عناصر تلك الجماعات التى نفذت واحدة من أخطر العمليات الإرهابية لتيارات الإسلام السياسى، وهى اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.

وفى حواره مع الإعلامى محمد الباز، فى برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، كشف «نعيم» عن الكثير من هذه الأسرار، ومن بينها كيف حاولت الجماعات الجهادية اغتياله بالسيوف بسبب معارضته الأفكار التكفيرية، ولماذا باعه أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة السابق، وأرشد عن مكان اختبائه للأمن.

كما تحدث عن بدايات التنظير لفكر الجماعة من خلال الأردنى محمد سالم الرحال، الذى التقط أفكاره المنظّر الجهادى محمد عبدالسلام فرج وبلورها فى كتاب «الفريضة الغائبة».

وأشار «نعيم» إلى أن بداية الفتنة الطائفية فى الزاوية الحمراء خلاف بين مسلم ومسيحى على قطعة أرض، وحاول «الظواهرى» إشعال الأمر بسرقة محلات الذهب المملوكة للأقباط.

■ كيف تحولت من حامل للسلاح مع الجماعات التكفيرية إلى معارض للعنف؟

- تخرجت فى كلية دار العلوم، ودرست العلوم الشرعية، وهناك واقعة شهيرة حدثت فى الإسكندرية تثبت أننى كنت أعارض التكفير.

آنذاك، كنت أكتب لمواجهة التكفير، وهذا أغضب الجهاديين، فطلب منى أحدهم ترك الإسكندرية، فرفضت، فضربونى بالسيف فـأصبت بقطع فى وتر فى يدى، وبجرح فى الرأس والأذن.

حدث ذلك فى عام ١٩٧٩، وأعتبر أن السبب الرئيسى لتركى الجماعات التكفيرية اتساع دائرة التكفير.

العنف فى عهد الرئيس السادات كان أساسه التحفظ وليس تكفير الحاكم. وعندما وقعت أحداث أسيوط، أنكر عليهم الشيخ عمر عبدالرحمن قتل العساكر، وقال لهم إنه لم يصدر فتوى بذلك، ولكن فات الميعاد.

■ ما الفرق بين جماعة الجهاد والجماعات الأخرى؟

- جماعة الجهاد من تأسيس محمد سالم الرحال، وهو شاب خريج كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وسار فى طريق صالح سرية، الجهادى الشهير.

أعد محمد سالم الرحال بحثًا عن التنظيم، لكن لم يكمله، فأخذ محمد عبدالسلام فرج البحث، وأسس به جماعة الجهاد «الفريضة الغائبة»، ولكن هى فى الأساس لمحمد الرحال، ويعتبر هذا هو التنظيم الذى قتل الرئيس السادات.

وقال محمد سالم الرحال، فى التحقيقات، إنه عندما عرض الفكرة على عبود الزمر والإخوة لم يوافقوا لأن الحرس الجمهورى سيدافع ويحمى الرئيس السادات، ولكن محمد عبدالسلام فرج رأى أن شرف المحاولة أفضل من الجلوس والمشاهدة مثل الإخوان.

وعندما سأل رجاء العربى، النائب العام، خالد الإسلامبولى: «لماذا لم تستمع لكلام عبود الزمر؟»، رد قائلًا: «محمد فرج رئيس التنظيم وليس الزمر».

وهناك مجموعة نبيل البرعى وأيمن الظواهرى التى ظهرت فى المعادى، فى مسجد أنصار السنة، وكانت أولى الجماعات الجهادية.

خالد الإسلامبولى قال لمحمد عبدالسلام فرج إنه مشترك فى العرض العسكرى أمام السادات فى مسافة أقل من ٢٠ مترًا، فجرى التخطيط مع عبدالحميد عبدالسلام وعطا طايل وحسين عباس، وقتل السادات برصاصة فى العنق والرقبة، بعد التمويه وتبديل أفراد العرض بأفراد الجماعة التكفيرية من الضباط.

■ ما دوافع خالد الإسلامبولى وعبدالسلام فرج لقتل السادات؟

- أساس قتل السادات لم يكن تكفير السادات ولكن التحفظ، وجماعة الجهاد قتلت الرئيس السادات لأسباب سياسية، وعند مواجهتم فى المحكمة بقتل السادات كذبوا الواقعة، وأخذوها فى طريق دينى.. يعنى أنهم كفّروا السادات بأثر رجعى.

وكانت الفكرة أن السادات سيفعل مثل عبدالناصر بحبس المعتقلين والمتحفظ عليهم، وكان من بينهم شقيق خالد الإسلامبولى، ولم يخرجوا من السجن إلا بموت السادات. 

■ ما أساس الخلاف بينك وبين أيمن الظواهرى فى أحداث الزاوية الحمراء الطائفية؟

- قصة الزاوية الحمراء هى أن هناك مواطنًا مسلمًا أجّر أرضه لمسيحى، وبعد ذلك طلب المسلم استرداد أرضه، فرفض المسيحى الخروج من الأرض، فذهب المسلم لمسجد القائد فى المطرية، الملىء بالمتطرفين، ومنهم عبدالله السماوى ورفاعى سرور، وجرى تحريض المسلمين ضد المسيحيين بحجة بناء جامع على أرض المسلم فى الزاوية، فتحرك كل المصلين للزاوية الحمراء.

وضرب المسيحى كامل النوال طلقات نارية على من هدموا البناء المقام على الأرض التى يستأجرها، وكان من بين القتلى سيدة تحمل طفلًا صغيرًا، وبعدما تمكن المسلمون من كسر باب منزل المسيحى، اكتشفوا هروبه.

آنذاك، كان منزلى مخزن سلاح للجماعة الجهادية، فجاء أيمن الظواهرى وطلب منى ذخيرة للرد على أحداث الزاوية الحمراء، بسرقة محل ذهب للمسيحيين، ورفضت المشاركة فى هذه الجريمة.

■ هل أرشد أيمن الظواهرى عن مكان اختبائك؟

- بداية معرفتى بأيمن الظواهرى كانت فى الإسكندرية، حينما ضربنى التكفيريون بالسيف وقُتل أحدهم، وأصبت فى يدى ورأسى وأذنى، فأعطانى شخص ما عنوان الدكتور أيمن الظواهرى، فعالجنى، وفى يوم طلب منى شقة، فظننت أنها لتخزين السلاح، لكنه قال لى: «فيه ضابط هارب من الجيش، اسمه عصام القمرى، سيختبئ فيها».

ثم جمعتنى بـ«الظواهرى» واقعة الزاوية، وحينها قال لى: «عايزين ذخيرة لنرد على أحداث الزاوية، ونسرق محل ذهب»، لكنى رفضت الأمر لأنه سُبة، وبعد ذلك جرى سجننا فى القلعة لمدة سنة، ثم ترحيلنا لسجن طرة.

■ ماذا حدث بعدما أرشد الظواهرى عن مكانك؟

- كنا فى الدويقة، وحدث اشتباك مع الأمن، وكانت معنا قنابل وأسلحة آلية وديناميت، وكان الاتفاق أن نفجّر المكان بمن فيه، ونزعت فتيل القنبلة، لكن الضابط الهارب عصام القمرى طلب منى ألا ألقيها، لأن الأمن سيجرى عندما يرونى أنزع الفتيل، ونجحنا فى الهروب أول مرة.

بعدما هربنا، توجهنا لصديق فى مسجد برمسيس، لما طرقت الباب أدخلنى وخبأنى، وبدلنا ملابسنا وذهبنا، ثم اتصلنا بأيمن الظواهرى، ولم نكن نعرف أنه من أرشد عن مكاننا، ولم يكن هناك موبايل، فكنا نتصل على الأرضى، ورد علينا شقيقه حسين، وقال: «أيمن عند خالته»، وطلب منا أن نلتقيه فى المسجد، وقتها قلت لـ«عصام»: «حسين ممسوك والضابط جنبه لأنه بيرد بعد فترة»، فقال لى عصام: «أنا رايح».

كان معنا آنذاك ٨٠ جنيهًا، فطلب منى أن نقتسمها، فأعطيته ٢٠ جنيهًا فقط، وقلت له: «إنت هاتتمسك»، وبعدها حكى لى إنه دخل المسجد فوجد أيمن الظواهرى يصلى، وحينما اقترب منه فوجئ بجميع من فى المسجد يهجمون عليه. 

■ كيف جرى التخطيط لتهريب عبود الزمر؟

- عصام القمرى خطط أكثر من مرة للهروب من السجن مع عبود الزمر، لكن عبود خذله كل مرة عند التنفيذ، وفى إحدى المرات كنت أمتلك مرتبة بغطاء لونه كاكى، فطلبها ليصنع منها بذلة، وقال إنه لن يخبر عبود الزمر لأنه يخذله ويخبر الجميع.

صنعوا البذلات بالفعل وهربوا وأرى أن عصام القمرى عنيد، فقد قلت له: «هاتهرب تروح فين؟». كان يتبقى لى شهران وأخرج من السجن.

■ ماذا حدث بينك وبين أيمن الظواهرى فى السجن بعدما أرشد عنك؟

- «سامحته.. واعتبرها جميلة»، لأن فى المقابل هناك من أهانوه بسبب ما فعل، وقالوا له: «أنت لست على قدر المسئولية».. اعتذر لى الظواهرى بعد ذلك. 

■ بعد خروجكما من السجن.. ماذا حدث؟

- حينما خرجت من السجن علمت أن الظواهرى فى السودان، وطلب منى السفر إليه، وطمأننى بأن الأمور هناك جيدة.

وخلال شهر واحد سافرت للسودان، وهناك التقيت أسامة بن لادن وأبوعمر السورى، ثم سافرنا إلى باكستان، وكنت أدرب الجهاديين.

■ ما انطباعك عن أسامة بن لادن؟

- أسامة بن لادن كان يبدو صاحب أخلاق، ويستنكر أى عمل إرهابى فى الدول العربية، ويقول: «هم مسلمون.. هذا حرام».

أما عمر عبدالرحمن، فقد ذهب إلى السودان بعدنا، وكان رفاعى طه، رحمه الله، يريد إرساله إلى أمريكا.

وكان عمر عبدالرحمن يقول إن الإخوان فى أمريكا يجمعون ملايين، فقلت له: «يا شيخ عمر إوعى تروح أمريكا، فقد جاءتنى فرصة للسفر إلى أمريكا، لكننى لم أوافق على الذهاب.. أنا لا أدخل أمريكا أبدًا».

■ كم المدة التى مكثها عمر عبدالرحمن فى أفغانستان وباكستان؟

- عمر عبدالرحمن كان يسافر إلى أفغانستان وباكستان حتى يجمع الأموال، كان «حصالة التنظيم.. ومطرح ما يروح الفلوس بتجيله».

عمر كان قد سافر إلى أفغانستان حتى يوقف عبدالله عزام، «عبدالله كان حوت» فكل شىء كان يذهب إليه، وبالتالى فإن عمر عبدالرحمن قد سافر إليه حتى يأخذ نصيبه من الأموال.

عمر عبدالرحمن كان ينفق هذه الأموال على الجماعة، إذ كانت حكرًا عليه وعلى الجماعة، إنما بقية الجماعات الأخرى كان يمتنع عن تمويلها.

أيمن الظواهرى اشتكى لى مرة وقال لى إنه طلب ٢٥ ألف دولار من الشيخ عمر، لكن من حوله نصحوه بأن يعطى الظواهرى ٥ آلاف دولار فقط، ووقتها قلت للظواهرى: «تبقى غلطان لو أخدتهم وتستاهل ضرب الجزمة.. إما أن يعطيك الـ٢٥ ألف دولار وفوقهم بوسة، أو لا تأخذ شيئًا نهائيًا».

■ كم استغرقت رحلتك فى أفغانستان؟

- رحلتى فى أفغانستان استغرقت ٣ سنوات، فقد سافرت إلى أفغانستان فى عام ١٩٨٨، ثم عدت إلى مصر فى عام ١٩٩١، وجرى القبض علىّ ضمن العائدين من أفغانستان.

■ ما رأيك فى تجربة سيد إمام؟

- لقد طبعت لـ«سيد إمام» كتيبًا بعنوان «الحوار مع الطواغيت»، وكان سيد إمام هو مؤسس فكر القاعدة، فكل أفراد القاعدة يسيرون الآن على نهج سيد إمام، ولا يستطيعون الخروج عنه.

قابلت سيد إمام قبل قتل السادات، وقد كان أستاذًا فى كلية طب قصر العينى، وكان الأول على الكلية لمدة سبع سنوات، وكان جراحًا عالميًا.

سيد إمام تكفيرى، كان يخفى ذلك ولا يفصح لأحد عن حقيقته نهائيًا: «عشت معه، وفى لحظة تجلٍ حكى لى حكاية فهمت من خلالها أصل فكره.. فقد حكى لى أنه كانت توجد فى قصر العينى غرفة للمعتقلين، وكان يوجد بها عبدالمجيد الشاذلى، وهو أحد القطبيين، والتلميذ المخلص لسيد قطب، والتقى سيد بالشاذلى فى قصر العينى، وكان يعالجه، وقد أخذ فكر عبدالمجيد الشاذلى».

■ ما شهادتك على مراجعات سيد إمام؟

- إن الضابط الذى تعامل مع سيد إمام فى منتهى الذكاء، وهو أحمد رأفت، رحمه الله، واسمه الكودى مصطفى رفعت، وكان ضابطًا ذكيًا، وعندما جلس مع سيد إمام «نفخه ومدح فيه»، واستطاع أن يلعب على سيد إمام، وقد كانت أفكار سيد جهنمية.

الضابط أحمد رأفت قال: «من لم يركب سفينة سيد إمام سوف يغرق، فهو المنقذ الذى سيخرج الباقين من المعتقل».. والعيال شبطت فيه على اعتبار أنه المنقذ الذى سيخرجهم من المعتقل.

جملة «من لم يركب سفينة سيد إمام» جعلت سيد يشعر بمدى قيمته، كما أن الضابط أحمد رأفت كان يضع سيد فى المستشفى، وعندما يطلب طلبات تأتيه من الخارج، ووضع له عسكرى مراسلة يأتيه صباحًا ليعرف طلباته: «عايز إيه يا حاج سيد؟»، ويأتيه بالجرائد وكل ما يحتاج إليه، وبالتالى فإن طريقة الضابط أحمد رأفت فى المعاملة مع سيد إمام جعلته يكفر بكل الأفكار التى وضعها قبل ذلك.

■ هل وضع سيد إمام مراجعاته عن عدم قناعة؟

- سيد إمام كان واهمًا، واصطدم بالواقع، فمثلًا أفكار جماعة الإخوان كنت دائمًا أقول عنها إنها أفكار هلامية لا ترى الواقع، على سبيل المثال عندما وصلوا إلى الحكم قالوا: «هنلم زبالة».. هل هذه كل أفكاركم يا إخوان؟ هل تلخصت كل أفكاركم فى لمّ الزبالة؟

■ كيف كان يتعامل أسامة بن لادن مع أيمن الظواهرى؟

- أسامة بن لادن كان يحب أيمن الظواهرى جدًا ويثق فيه، لدرجة أن الظواهرى إذا قال لـ«بن لادن» أنا أريد ٢٥ ألف دولار، سوف يعطيه ٥٠ ألف دولار. ونقلت لأسامة بن لادن شيكًا بمليونىّ دولار من السعودية، وسلمته له فى الخارج، وكان قد أرسل هذا الشيك شخص من أصدقاء بن لادن فى السعودية، وطلب منى أن أسلم الشيك لأسامة بن لادن فى يده، وكان أصدقاء أسامة مثله مليارديرات.