رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المراكز التكنولوجية المتنقلة| المواطن يودّع المعاملات الورقية.. و700 ألف جنيه تكلفة السيارة الواحدة

المراكز التكنولوجية
المراكز التكنولوجية المتنقلة

الحصول على الخدمات الحكومية ظل كابوسًا يطارد المواطنين لعقود، خاصة من يعانون من صعوبة الوصول إلى مراكز تقديم الخدمات لإقامتهم فى مناطق بعيدة أو نائية، مع استمرار الشكوى من تعقد الإجراءات، وتكدس المقار الحكومية، وهو ما أصبح حاليًا من الماضى، مع توسع الدولة فى تنفيذ مشروع المراكز التكنولوجية المتنقلة، «السيارة المتحركة» التى تسهل الحصول على الخدمات بصورة سريعة ولائقة. 

وبدأ الحديث لأول مرة عن المراكز التكنولوجية المتنقلة فى أواخر عام ٢٠٢٠، بالتزامن مع انتشار جائحة فيروس كورونا، التى أعاقت قدرة المواطنين على الوصول إلى أماكن تقديم الخدمات الحكومية، ما استدعى إطلاق وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية آنذاك أول مركز تكنولوجى متنقل فى حى مصر الجديدة، لتسهيل الحصول على الخدمات والمساهمة فى سرعة إنجاز المعاملات الحكومية، فى تجربة حققت نجاحًا كبيرًا ولاقت رغبة من جهات الدولة المختلفة لمد مظلة تلك المراكز إلى عدد أكبر من المناطق، مع إتاحة المزيد من الخدمات الحكومية. 

وبعد عام واحد على إطلاق أول المراكز المتنقلة، ارتفع عدد تلك المراكز إلى ٩٥ مركزًا، قبل أن يزداد عددها فى العام التالى ٢٠٢٢ إلى ١٧٠ مركزًا، وصولًا إلى ٢٥٠ مركزًا خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٣، فيما شهد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، مؤخرًا، اصطفاف ٢٠ مركزًا متنقلًا أمام مقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، لتسليمها إلى محافظتى الإسكندرية ومطروح، لخدمة المواطنين والمصطافين خلال أشهر الصيف، فى إطار تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بالتوسع فى وسائل تقديم الخدمات الحكومية؛ تيسيرًا على المواطنين.

3 موظفين بكل مركز ودورة عمل مميكنة.. و«دليفرى» لكبار السن وذوى الهمم

تقدر تكلفة تجهيز المركز المتنقل الواحد بنحو ٧٠٠ ألف جنيه، ويضم أجهزة حاسبات لوحية لاستقبال طلبات المواطنين، وأجهزة إدخال بيانات متطورة، بالإضافة إلى شاشات رقمية توضح بيانات العميل، مع تزويدها بمقاعد انتظار داخلية قابلة للطى، وممر منحدر خاص بالكراسى المتحركة لذوى الاحتياجات الخاصة، مع إتاحة الانتقال لأماكن وجود المواطنين، حتى فى غير أوقات العمل الرسمية.

وتمر دورة العمل داخل المراكز المتنقلة بـ٣ مراحل، بداية من منح العميل رقمًا عبر شاشة إلكترونية، ثم يلى ذلك إدخال بيانات مقدم الطلب ومراجعتها من خلال شبكة ربط إلكترونية مع مركز البيانات الرئيسى بالحى أو المركز التابع له، وأخيرًا يتم تحصيل الرسوم فيما لا يتعدى بضع دقائق.

ويتيح المركز استخراج إيصال مزود برمز QR للاستعلام عن موقف الخدمة من محل إقامة العميل، وكذلك موافاة مقدم الخدمة بمستجدات الطلب عبر رسائل قصيرة SMS.

ويعمل بكل مركز متنقل ٣ موظفين، تم تأهيلهم وإخضاعهم لفترة تدريب مكثفة على أحدث النظم التكنولوجية فى تقديم الخدمات الحكومية، وداخل كل مركز يتم توزيع المهام على الموظفين الثلاثة، حيث يتولى أحدهم عملية تلقى وإدخال طلب الحصول على الخدمة، وآخر يتخصص فى تحصيل الرسوم، وثالث يكون مسئولًا عن تنظيم وترتيب أولويات حصول المواطنين على الخدمة من خلال شاشات رقمية كالبنوك. 

وحول العمل بتلك المراكز، قالت إيمان محمد، الموظفة بأحد المراكز التكنولوجية المتنقلة، إن المشروع بدأ تدشينه قبل عامين ونصف العام، بهدف إتاحة عدد كبير من الخدمات الجماهيرية عبر عربات متنقلة بدلًا من المراكز الثابتة فى شكلها التقليدى، والتى قد تبعد مئات الكيلومترات عن بعض المواطنين، أو تكتظ بالمواطنين من طالبى الخدمة فى مناطق أخرى، لافتة إلى أن الدفع بتلك المراكز المتنقلة يسهم فى تسهيل حصول المواطن على الخدمة فى أى مكان، ودون إلزامه بالتوجه إلى المقار الحكومية فى المدن والأحياء.

وأوضحت أن التوسع فى مشروع «المركز المتنقل» يهدف إلى تخفيف الضغط على مراكز المدن والأحياء، من خلال التركيز على أبرز ٥٠ خدمة وأكثرها طلبًا، من بين إجمالى الخدمات المقدمة من مراكز الخدمات التقليدية، حيث يتم التحصيل بشكل إلكترونى وإتاحة إيصالات مميكنة لحظيًا. 

وحول أبرز الخدمات المقدمة، أشارت إلى أن المركز يتيح خدمات متنوعة من أبرزها: رخص المبانى والهدم، شهادات الصلاحية، ورخص المحلات بجميع أنواعها. وأكدت أن تلك المراكز تتيح الوصول إلى محل إقامة ذوى الاحتياجات الخاصة وكبار السن لتقديم الخدمات الحكومية إليهم بسهولة ويسر، من خلال تزويد الموظفين بأجهزة تابلت و«برنت» للقسائم، وذلك فى حالة تواصل هؤلاء تليفونيًا مع الحى، لتتحرك المراكز إلى محال إقامتهم فورًا.

- الانتهاء من 250 مركزًا تكنولوجيًا متنقلًا على مستوى الجمهورية

أشار المهندس أشرف عبدالحفيظ، مساعد وزيرة التخطيط للتحول الرقمى، إلى أن المراكز التكنولوجية المتنقلة ومراكز خدمات مصر الثابتة تستهدف إتاحة الخدمات بطريقة متطورة وسريعة، بما يتواكب مع الثورة التكنولوجية الهائلة والتحول الرقمى فى مختلف مجالات الحياة.

وقال «عبدالحفيظ» لـ«الدستور» إن المشروع تم إطلاقه رسميًا فى نهاية عام ٢٠٢٠ ووصل عدد المراكز المتنقلة إلى ٢٥٠ مركزًا تكنولوجيًا، ومن المستهدف إطلاق ٢٠٠ مركز متنقل جديد خلال العام المقبل، مضيفًا: «نأمل بنهاية عام ٢٠٢٥ أن نكون قد انتهينا من تغطية جميع محافظات الجمهورية وتلبية احتياجات سكانها، سواء من خلال مراكز ثابتة أو متنقلة».

ولفت إلى أن المراكز المتنقلة قدمت مليونى معاملة مع الجمهور منذ بدء تشغيلها، وهو ما دفع الوزارة إلى وضع خطة للتوسع فى تشغيلها، خاصة أن المركز الواحد مهيئ لتقديم جميع الخدمات الحكومية بالتنسيق مع الجهة مقدمة الخدمة كخدمات التوثيق والأحوال المدنية «زواج وطلاق» وخدمات الجوازات والسجل المدنى والتنمية الصناعية، بما لا يقل عن ٥٠ خدمة فى المتوسط بالنسبة للمراكز المتمركزة فى أماكن بعينها و٢٥ خدمة للمراكز التى تتوجه للمواطنين فى أماكن تواجدهم، وجار تغطية خدمات المرور والاستثمار لأول مرة عبر المراكز المتنقلة.

وكشف عن البدء فى تدشين سلسلة مراكز خدمات مصر الثابتة فى ٣ محافظات هى: «أسوان وجنوب سيناء والإسكندرية»، ويجرى العمل فى محافظات الغربية والجيزة والقاهرة وقريبًا فى الإسماعيلية وشمال سيناء؛ تمهيدًا لتعميم التجربة على باقى محافظات الجمهورية.

وأكد «عبدالحفيظ» أن هذه المراكز تتبع آلية جديدة لتوفير الخدمات اللازمة للمواطنين بأقل جهد وأقل تكلفة وأعلى جودة، بالشراكة مع القطاع الخاص، ومنحه فرصة للمساهمة فى تطوير الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين.

وأشار إلى أنه يجرى وضع خطة شاملة لإتاحة المراكز التكنولوجية المتنقلة فى قرى «حياة كريمة» لتسهيل إجراءات حصول أهالى تلك القرى على الخدمات المختلفة، والتى تبعد فى معظم الأحيان عن مراكز الخدمات الثابتة المتمركزة فى المدن والأحياء.

وأضاف: «نستهدف إتاحة مراكز خدمات متنقلة فى كل قرية لتقديم ما لا يقل عن ٤٠٪ من مستهدفات إتاحة الخدمات فى قرى المرحلة الأولى البالغة ١٥٠٠ قرية، بما يضمن تقديم الخدمات بصورة حضارية راقية، مع إتاحة جميع الخدمات التى يتيحها المركز التكنولوجى الثابت، إلى جانب التوسع فى تطبيق خدمات الشمول المالى وإيقاف أشكال التعامل النقدى تدريجيًا واستبداله ببطاقات ذكية؛ للقضاء على جميع أشكال المعاملات المالية خارج المنظومة الرسمية، مع العمل على تقوية شبكات المحمول بجميع القرى».

وتابع: «نسعى أيضًا إلى التوسع فى المراكز المتنقلة فى أماكن التكدس والكثافة السكانية العالية بما يراعى موسمية هذا التكدس، ففى فترة الصيف تزداد الكثافة السكانية فى الإسكندرية ومطروح والساحل بنحو ٥ إلى ٦ ملايين نسمة على الأقل، ما يحتاج تدعيم تلك الكثافات بمراكز متنقلة».

أما عن كيفية الوصول إلى المراكز المتنقلة، أوضح أنه سيتم الإعلان عن رقم موحد، الأسبوع المقبل، يمكن من خلاله الاستعلام عن أقرب مركز تكنولوجى ثابت أو متنقل، بالإضافة إلى أرقام ساخنة خصصها بعض الجهات الحكومية كوزارتى العدل والداخلية للاستعلام عن تلك المراكز فى خدمات التوثيق والأحوال المدنية، ويمكن الاستعلام أيضًا عن طريق رقم خدمات مصر وهو: ١٦٩٧٣. 

وشدد على عدم فرض أى رسوم إضافية على الخدمات المقدمة عبر تلك المراكز المتنقلة باستثناء بعض الحالات التى تتطلب انتقال المركز إلى أقرب نقطة من محل إقامة المواطن فى حالة كبار السن وذوى الهمم نظير تحصيل رسوم إضافية بسيطة، بحيث لا ترهق المواطن وتوفر الوقت والمجهود فى الوقت نفسه.

وزيرة التخطيط: تحصيل إلكترونى لرسوم الخدمات وربطه بنظام مركزى مع «المالية»

قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن الدولة تحرص على إتاحة قنوات متعددة لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية، سواء عن طريق نظام الشباك الواحد أو تطبيقات الهاتف المحمول أو المواقع الإلكترونية المتخصصة.

وأوضحت «السعيد»، أنه تم تدشين سلسلة مراكز خدمات مصر والمراكز التكنولوجية المتنقلة لما تتمتع به من مرونة التحرك إلى المواطن، لا سيما فى الأماكن التى تشهد تكدسًا وكثافات سكانية مرتفعة، وكذا الأماكن النائية بهدف تيسير تقديم الخدمات الحكومية للمواطن. وأشارت إلى ربط عملية تحصيل رسوم الخدمات الحكومية إلكترونيًا بالنظام المركزى بوزارة المالية لأول مرة فى مراكز الخدمات المتنقلة، بما يضمن عدم وجود أى نوع من الفساد، والتحصيل الفورى للمدفوعات.